يبدو أن النبوءة التى تنبأ بها الدكتور على صادق رئيس مجلس بحوث علوم وتكنولوجيا الفضاء الأسبق أوشكت على أن تصبح حقيقة واقعة, ففى عام 1913م صدرت الطبعة الأولى من كتابه (الحضارة الثانية), ورأى فيه أن الكرة الأرضية صارت معرضة لكوارث وأخطار متعددة, لم يعد فى مقدور البشر السيطرة عليها دون تضحيات كبيرة, وأنها قد ضاقت بمن عليها، وأصبحت غير قادرة على حملنا، وتحمل نتائج أخطائنا, بعد أن تفاقمت ظاهرة الاحتباس الحرارى, وبدأت درجة حرارة الأرض تزداد ارتفاعا عاما بعد عام, وكثرت الأوبئة، ومع انتشارها، زادت أخطارها , ومن ثم صار لزاما على العلماء مواصلة البحث, واستغلال النجاح الذى حققته البشرية عندما خرجت لأول مرة من فوق سطح الكرة الأرضية, ووصلت إلى الفضاء عام 1957م متغلبة على كل الصعوبات التى كانت تجعل هذا الخروج أمرا مستحيلا، وفى مقدمتها الجاذبية الأرضية، وحرارة الشمس التى تصاحب العبور لطبقات الغلاف الجوى, والمواجهة المباشرة لأشعتها، وغيرها من الأشعات، وأن هذا النجاح يعد بداية الخطوات الأولى للبشرية للانتقال من حضارة الأرض إلى حضارة ثانية جديدة هى «حضارة البشر الكونية», بعد أن عثرنا على مكان جديد يجب أن يكون محورا رئيسيا تدور حوله وبه كل أفكارنا وخططنا، فهو المستقبل بلا حدود ولا نهاية, ولابد أن تتوالى الخطى، فكلما توسعنا فى دراسته، ازدادت قدراتنا على الاستفادة به.
لقد أباح الله للإنسان الوصول إلى الفضاء بمقتضى الآية رقم 33 من سورة الطلاق: «يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذوا إلا بسلطان», ومعنى هذا أن إعمال العقل الذى وهبه الله للبشر وميزهم به على سائر المخلوقات هو السبيل الوحيد للوصول إلى الفضاء واكتشاف أسراره, فبالعقل استطاع الإنسان التوصل إلى اختراع واستخدام علوم وتكنولوجيات غير مسبوقة مكنته من الوصول إلى الفضاء, وأن يعيش ويتنفس ويأكل ويشرب ويرى وينام ويتحرك ويحصل على معلومات عن الأرض والفضاء, ثم يعود بعد ذلك إلى الأرض سالما رغم عدم وجود أى مقومات لازمة لبقاء البشر فى الفضاء.. وهذا النجاح أغرى العلماء بمواصلة البحث لاستكشاف ما خفى من أسرار الفضاء، ولم يثنهم عن عزمهم، عدم العثور على أرض بها كل المقومات اللازمة لحياة أى كائن حى, فالعلم الذى مكنهم من التغلب على كل الصعوبات التى واجهتهم لا يعرف المستحيل, وهو نفسه القادر على تمكينهم من العثور على كرة أو كرات أرضية جديدة, مشابهة لأرضنا صالحة لإقامة البشر بشكل أو بآخر, فنحن نعيش فوق كرة أرضية تقع ضمن مجموعة من الأجرام السماوية التى تدور جميعها حول شمس متوسطة الحجم والعمر, قياسا على «شموس» أخرى أكبر حجما وأطول عمرا يطلق عليها «المجموعة الشمسية», ولا يستبعد وجود كرة أو كرات أرضية بها, وها هم العلماء يعلنون أخيرا أنه خلال ثلاث سنوات على الأكثر سيتم الاعلان عن اكتشاف جيران لنا يعيشون فى كوكب مشابه لكوكبنا به كل مقومات الحياة, فهل تتحقق نبوءة الدكتور على صادق ويتحقق للبشرية «مستقبل بلا حدود» وبلا نهاية؟.. فى يقينى أنه أمر أصبح وشيك الحدوث، وسندى الآية رقم 12 من سورة الطلاق التى بشرتنا بوجود كرات أرضية أخرى غير أرضنا والتى تقول: «الله الذى خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن» صدق الله العظيم, وإن غدا لناظره لقريب.
د. جلال الدين الشاعر
رابط دائم: