هل يُعد كل من يغفو لدقائق أو لحظات خلال النهار مُصابًا بمرض، أو عاجزًا عن أداء واجباته، حتى إذا غفا خلال اجتماع يشارك فيه أو عمل يقوم به؟ سؤال منطقى يثيره فيديو ظهر فيه الرئيس الأمريكى بايدن وقد غفا خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلى نفتالى بينيت فى البيت الأبيض قبل أيام. ولكن الضجيج المعتاد الذى يقترن بمثل هذه المشاهد جعل غفوة بايدن موضع سخرية، أو محل نقد من بعض خصومه الذين سعوا إلى استثمار مشهد الغفوة لدعم مطلبهم بمحاكمته فى الكونجرس بسبب الخلل فى خطة الانسحاب من أفغانستان. سألتُ صديقًا طبيبًا متخصصًا عما إذا كانت الغفوات من هذا النوع مؤشرًا إلى حالة مرضية، فأجاب بأنها لا تُعد كذلك إلا إذا كانت مُزمنة منذ الصغر ومرتبطة بإفراط فى النوم. وعندئذ تكون دالةً على اضطراب فى الجهاز العصبى يستوجب تدخلاً طبيًا فى وقت مبكر، لأنه يبدأ فى فترة الصبا وبواكير الشباب.
أما الغفوات التى تحدث من وقت إلى آخر فقد تكون نِعمة إلهية لا يعرف قيمتها إلا المؤرقون الذين يجاهدون للحصول على قسط كاف من النوم، ولا يستطيعون. ويُروى عن بعض الحكام والقادة أنهم كانوا يغفون لدقائق خلال النهار بسبب إرهاق العمل، أو لتعويض قصر فترة النوم ليلاً. وأشهر من رُوى عنهم ذلك نابليون الأول، الذى كان يمضى أيامًا طويلة على جواده فى معارك متواصلة، ولا يجد وقتًا كافيًا لنوم متواصل. ولهذا كانت الغفوات القصيرة وسيلته لتجديد نشاطه ومواصلة القتال بدون أن يفقد قدرته على التركيز. ورئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر أيضًا إحدى من يُروى أنها كانت من أهل الغفوات. ولدى بعض الناس قدرات متفاوتة على الإغفاء فى أى وقت، وتحت أى ظرف، لتجديد نشاطهم حين يكون يوم العمل طويلاً وشاقًا. وقد يكون الوقت المُختار للغفوة فى اجتماع يُصيب بالسأم مع شخص، أو أكثر، يتحدث لوقت طويل بلا كلل، وبدون أن يقول ما له قيمة، أو يسهل توقع ما سيقوله بحيث لا يفوت من يغفو شيئًا مهمًا.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: