رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«طالبان».. هل تعود بـ «ثوب جديد»؟

أمنية نصر
47ألف أفغانى مدنى قتلوا خلال هذه الحرب

بسرعة خاطفة وخلال ساعات قليلة نجحت حركة طالبان فى قلب المشهد السياسى والميدانى فى أفغانستان. لتتبدل موازين القوة فى البلاد، وينسحب هذا التغيير على العالم المصدوم حرفياً بسبب السرعة التى أحكمت بها الحركة من قبضتها على العاصمة كابول التى تنبأت المخابرات الأمريكية بسقوطها خلال 3 أشهر، فبدت وكأنها المعركة الأسهل للحركة حيث انساب مقاتلوها إلى الشوارع ودخلوا المقرات الرسمية بهدوء وسلاسة.

وما بين دموع النساء والفتيات المتوسلات لإنقاذهن من مصير مظلم، ومقاطع تعلق الأفغان بطائرة أمريكية من جهة وعناصر الحركة وهم يمارسون الرياضة فى «الجيم» الرئاسى وآخرون يلهون فى مدينة الألعاب، يضع العالم الحركة تحت المجهر ليراقب تصرفاتها ومدى اختلافها وتوجهاتها فى الحكم هذه المرة.

وما بين حكم الحركة فى 1996، وعودتها اليوم إلى السلطة، نجد أن طالبان قد أظهرت نضجاً واختلافا كبيرين على أكثر من صعيد حتى وإن كنا لا نستطيع أن نجزم بالطبع أن هذا التغيير انسحب بالتالى على الأيديولوجية. فإنه من الثابت أن الحركة نجحت فى قراءة وترجمة المعطيات السياسية بعد الانسحاب الأمريكى المتعجل والمتعنت الرافض للاستماع لأى تحذيرات دولية، فطالبان أيقنت أنها تمتلك فرصة ذهبية للسيطرة على مقاليد الحكم، فظهرت كقوة منظمة لديها تجهيزات جيدة وتمتلك الرؤية والتكتيكات الصحيحة لملء الفراغ السياسى بسرعة كبيرة. وأمسكت بزمام الأمور وبعثت برسائل طمأنة حتى من قبل دخولها القصر الرئاسى وهروب أشرف غنى الرئيس المخلوع من البلاد. وأكدت أنها ستسمح للنساء بالخروج والتعليم وحتى العمل شريطة ارتداء الزى الشرعي. وأصدرت عفواً عن عناصر الجيش والشرطة حتى إنها دعت الموظفين لممارسة عملهم بطريقة طبيعية دون خوف، وذلك بالطبع لأن طالبان تدرك أنها أبداً لا تريد تكرار استفزاز الغرب وخلق عدو لها من الشعب مرة أخرى. وعلى الصعيد الدولي، أدركت طالبان أنها لن تعول أبداً على اعتراف أو حتى دعم أوروبى لذلك لجأت للمعسكر المغاير وبعثت بوفود لروسيا والصين، بل بعثت أيضا وفداً تفاوضياً للدوحة. كما تدرك طالبان أن الوعود والتهديدات الغربية بفرض العزلة عليها لن تصمد على الأرض فى أى حال من الأحوال، فعلى الغرب التعامل معها حتى وإن كان عن طريق وسطاء لضمان سلامة رعاياه ومعاونيه.

وأما على الصعيد المالي، فطالبان 2021 تختلف كلياً عن طالبان التسعينيات وهى تمتلك قاعدة مالية قوية وثابتة مكنتها من تدريب وتسليح عناصرها. فهى تستحوذ على العديد من المناجم الهامة ولها تجارة خارجية تدر ربحاً كبيراً وتبقى أيضاً اتهامات وتلميحات بتورطها فى تجارة المخدرات. فى أفغانستان، هناك واقعان متناقضان، بالطبع هناك شبح السنوات التى قضتها طالبان فى السلطة، ولايزال العديد يتذكرون وحشية الحركة وقمعها للمرأة تحت قيادة زعيمها الملا عمر وتقديمها ملاذًا آمنًا لعناصر تنظيم القاعدة الأمر الذى شكل أساس الغزو الأمريكي. وهناك أيضاً خطاب غامض حول المرأة والإعلام والدستور، شكك البعض فى كونه مجرد شكل إعلامى يحمل فى باطنه اشتراطات وأهدافا محددة، يساعدها على فرض رؤيتها وأيديولوجيتها المتشددة خلال الفترة المقبلة. الواقع، أنه إذا أرادت طالبان اعترافا دولياً فيجب عليها مراقبة تصرفاتها وانتقاء سياسة معتدلة تجاه المرأة والمدنيين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق