رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«التغريبة بنت الزناتى».. محاكمة البطولة على قرص دوار!

باسم صادق
مشهد من العرض

أكثر العروض المسرحية تأثيرا وفعالية، تلك التى تستطيع زلزلة الوعى الجمعى ووضع الموروث الشعبى على طاولة التشريح بهدف التحريض على التفكير ورؤية الصورة بأكثر من وجه.. بهذا المبدأ تعامل المؤلف بكرى عبد الحميد والمخرجة المتميزة منار زين العابدين بمنطق الصدمة مع السيرة الهلالية خلال تقديمها على قاعة صلاح جاهين بمسرح البالون تحت عنوان «التغريبة بنت الزناتى»..

فبعكس كل المتعارف عليه من بطولات يتحاكى بها أهل الجنوب لأبى زيد الهلالى مرة وللزناتى خليفة مرة، تناولت المخرجة هجرة الهلاليين من أراضيهم إلى تونس بكثير من التمرد ورفض المعروف والسائد ووضعت كل الحقائق فى فوهة مدفع التساؤلات ليرى الأبطال حقائقهم فى مرآة الجمهور الجالس فوق قرص دوار.


الجمهور يتابع على القرص الدوار

تقنية بصرية غير تقليدية لجأت لها المخرجة ومصمم الديكور عمرو الأشرف للتعامل مع الفضاء المسرحى رغم صغر مساحته وتجسيد الأحداث بين الزمنين الحاضر والماضى وبما يتناسب مع تناولها المعاصر للسيرة.. ففى الوقت الذى يسعى فيه دياب الهلالى للنيل من شرف سُعدى تحت تأثير شيطانه نجد محاولات سُعدى لاستدعاء بنى هلال أنفسهم للاحتماء بهم فهى التى ضحت بقبيلتها فى سبيل حبها لابنهم الهلالى مرعى، وحين يعودون من الموت لمواجهة دياب، يبدأ فى كشف حقيقة كل منهم، ويظل الجمهور متأرجحا فوق قرص يدور به بين أحداث الحاضر أمامه بديكور رمزى معبر عن القيود المحاصرة لسُعدى تحت إضاءات ذات ألوان ساخنة، والماضى من خلفه بديكور عربى تحت إضاءة صفراء تناسب الزمن الدرامى لتتكشف أوجه أخرى لروايات السيرة كتورط سُعدى فى مقتل أبيها وشرف خضرة المشكوك فيه ومقتل مرعى غدرا على يد دياب وهكذا.

تناول يستحق التحية واستمرار العرض.. صاغته المخرجة برؤية حركية تعبيرية ناعمة براقصات من تدريب مناضل عنتر وعلى موسيقى معاصرة متنوعة لهانى عبد الناصر تناسب الحالات الشعورية للأحداث.. واختيار موفق للممثلين المجيدين فى أدوارهم وخاصة فاطمة عادل (سُعدى) ذات الصوت القوى المشحون بالشجن غناءً وأداءً رغم كونه دورا مرهقا وقاسيا.. هبة سليمان فى دور العرافة بصوتها القادم من عمق الصعيد واستخدامها المتقن لتعبيرات وجهها.. عبد البارى سعد فى دور شيطان دياب ولعبه بوعى شديد من منطق الغراب الذى يحوم حول ضحاياه بنواح مزعج رغم رشاقة طيرانه.. ومصرية بكر التى لعبت دور خضرة الشريفة ببساطة وحضور تلقائيين.. وأحمد شومان فى دور والد سُعدى الذى لعبه باقتدار وتمكن يحسبان له.. فى حين يحتاج مصطفى سلامة إلى مزيد من الحضور ودراسة أبعاد شخصية دياب الذى تحركه شهوات الجنس والغدر والتسلط، بحيث تترجم انفعالاته دوافعه لارتكاب تلك الأفعال الوحشية، ولكنه تعامل مع الشخصية بشكل سطحى دون التعمق فى مكنوناتها فجاء أداؤه على وتيرة واحدة بلا تباين بين اللحظات الدرامية المختلفة وتعبيرات وجهه متشابهة بلا دلالات، وبدا واضحا فارق الأداء بينه وبين كل من فاطمة عادل (سُعدى) وعبد البارى سعد (شيطانه) وهو ما يؤثر سلبيا على إيقاع المشاهد المشتركة بينهم.. وكذلك الأمر فيما يخص شادى جلال (مرعى) فقد بدا اجتهاده لتجسيد دوره ولكن ينقصه تدريب تعبيرات وجهه على ترجمة انفعالات الشخصية المؤداة.. واجتهد باقى الممثلين فى تجسيد أدوارهم كلُ بحسب مساحته.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق