رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هل تغيرت طالبان؟

بدت تلك المشاهد الدامية، لمئات من الأفغان، وهم يهرولون إلى جوار طائرة الشحن العسكرية الأمريكية، بينما عشرات منهم يحاولون التعلق بها، قبيل لحظات من إقلاعها من مطار كابول، أقرب ما يكون إلى مشهد سينمائى مثير، من عينة تلك المشاهد التى تحفل بها سلاسل أفلام الأكشن، التى برعت فى صناعتها هوليوود، على مدى نصف القرن الماضى، وصدرتها إلى مختلف دول العالم.

بدا المشهد محكما ومثيرا، وكأنما تم تصويره تحت إشراف مخرج حاذق، بينما المئات من الأفغان يندفعون بجنون، نحو الطائرة الضخمة وهى تتحرك على ممر الإقلاع، غير عابئين بهدير المحركات المرعب، أو ببدن الطائرة وهو يرتفع ببطء نحو السماء، قبل أن يصل المشهد الى ذروته، بعد ثوان من الإقلاع، بسقوط ثلاثة أشباح من السماء، قالت وسائل الاعلام الامريكية لاحقا، إنهم كانوا ثلاثة من الأفغان، حاولوا التسلل الى داخل الطائرة، عبر المكان الذى تدخل إليه الإطارات بعد الاقلاع، لكنهم لم يتمكنوا من الصمود، بفعل قوة الهواء.!

أرجوك لا تسألنى اذا ما كنت مثلك قد شاهدت هذا المشهد فى فيلم ما، لأننى حقيقة لا أتذكر، مثلما لن أستطيع أن أفتيك بالقطع، حول وعن مدى صدق تلك المشاهد، التى شاهدها الملايين حول العالم، لخروج آخر طائرة عسكرية أمريكية من أفغانستان، فالمشهد داخل كابول الآن، لا يقل إثارة وغموضا، رغم عشرات التصريحات المتواترة على لسان قيادات طالبان، التى تتضمن ما يشبه التطمينات للمجتمع الدولى، وجميعها تقول إن طالبان قد تغيرت بالفعل، وأن الحركة التى شاهدها العالم فى منتصف التسعينيات، وما ارتكبته طوال فترة حكمها من فظائع، ليست هى التى عادت لتحكم من كابول الآن، بعد الانسحاب الأمريكى من البلاد.

عادت طالبان لتحتل صدارة المشهد من جديد فى كابول، وعاد العالم ليقف على أطراف أصابعه، رغم ما اتخذته الحركة من إجراءات، خلال ساعاتها الاولى فى القصر الرئاسى، بدءا من اعلان العفو العام عن الجميع فى مختلف أنحاء أفغانستان، وليس انتهاء بطمأنة النساء، وحثهن على التقدم للانخراط فى تشكيل الحكومة الأفغانية الجديدة!.

قبل نحو يومين، خرج مسئول بارز فى طالبان، ليقول إن ارتداء النساء للبراقع لن يكون إلزاميا، مثلما قررت الحركة من قبل، وفرضت عقوبات مروعة، كانت تصل لحد الجلد فى الميادين العامة، على كل من تجرأ على مخالفة هذا القرار، فطالبان الجديدة، سوف تحترم حرية الصحافة، وحق الأفغان فى ممارسة حياتهم الطبيعية، بل وحق النساء فى التعلم حتى الوصول الى المرحلة الجامعية، والسماح للاعلاميات منهن، بمواصلة عملهن فى وسائل الإعلام المختلفة.!

ترى هل تغيرت طالبان بالفعل؟ أم أننا أصبحنا أمام طالبان جديدة، فكرا وموضوعا وعقيدة؟. لا أحد يملك الإجابة حتى الآن عن مثل تلك الأسئلة، لكنها الأيام وحدها كفيلة بتبيان الحقائق، وكشف كل ما دار فى كواليس، أكبر انسحاب امريكى فى القرن الحادى والعشرين.


لمزيد من مقالات أحمد أبوالمعاطى

رابط دائم: