رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أخلاقيات البيئة!

بيئة جدا.. هكذا يصف البعض سلوك أو أخلاق شخص آخر للدلالة على أنها دون المستوى وغير مقبولة.تحاول البحث عن جذور الربط بين كلمة بيئة والدونية وفساد الذوق فلا تجد سببا ملموسا. فتعتمد على خيالك لتفسير أصل هذا الرابط العجيب فتتصور جلسة كان البعض ينتقد فيها سلوكيات شخص ما ويحاول أحد الموجودين الدفاع عنه والتماس العذر له بالقول بأن الإنسان ابن بيئته مستندا فى ذلك إلى نظرية الفيلسوف البريطانى جون لوك التى تقول على أن الإنسان يولد وعقله صفحة بيضاء وكل ما يقوم به من سلوك فيما بعد إنما هو عبارة عن شيء مكتسب من البيئة المحيطة به.ومع مرور السنوات وانتقال المقولة من شخص إلى آخر لم تنج سوى كلمة بيئة لوصف التصرفات التى لا نرضى عنها.ورغم سوء استخدام كلمة البيئة فى مثل هذا السياق واتسامها بقدر كبير من الطبقية والعنصرية إلا أن كثيرا من الفلاسفة والعلماء أشاروا منذ قديم الزمان ،إلى تأثير البيئة خاصة التغيرات المناخية، على شخصية وسلوك البشر.فقبل قرنين من الزمان أكد الفيلسوف الفرنسى مونتيسكيو أن الاختلافات المناخية تساعد فى تشكيل شخصية المجتمعات.وأوضح فى كتابه روح القوانين أن الطقس البارد يساعد فى «انكماش ألياف الجسم»وزيادة تدفق الدم فى حين يؤدى الطقس الحار إلى تمددها وإصابة الجسد بالخمول. وبالتالى فإن الأشخاص فى المناطق الباردة يتميزون بالحيوية والجرأة والشجاعة والتفوق، أما فى المناطق الحارة فيتسرب الوخم من الجسد إلى العقل وبالتالى يفتقر الأشخاص فى تلك المناطق إلى المغامرة و الفضول والإيجابية. نظرية عنصرية اتخذها الغرب ذريعة لتبرير استعمار إفريقيا وتجارة العبيد، ولكن الأبحاث العلمية التى أجريت خلال العامين الماضيين أثبتت صحتها فيما يتعلق بتأثير المناخ على أخلاق الإنسان وسلوكياته وليس فى تفوق مواطنى المناطق الباردة.وتقول ورقة بحثية نشرت مؤخرا فى دورية طبيعة السلوك البشرى: إن الأشخاص الذين ينشأون فى مناطق ذات طقس معتدل أى أن درجة حرارة الجو فيها 22 درجة مئوية يتمتعون بشخصيات أكثر استقرارا وتفتحا و هدوءا ويكونون اجتماعيين وايجابيين.

ومع تزايد مخاطر الاحتباس الحرارى من فيضانات وحرائق غابات والتأثيرات السلبية الوخيمة للتقلبات المناخية على القطاع الزراعى، يحذر خبراء علم النفس من التأثيرات السلبية لارتفاع درجات الحرارة حول العالم على السلوك البشرى وأن الاحتباس الحرارى قد يؤدى إلى زيادة معدلات العنف والجريمة.هذا التحذير ليس جديدا ففى عام 2013 نبهت دراسة أمريكية شاملة،استندت إلى بيانات أثرية ودراسات تاريخية امتدت من عشرة آلاف سنة قبل الميلاد حتى العقد الأول من الألفية الثانية،أنه كلما ارتفعت درجات حرارة كوكب الأرض زادت صراعات البشر.وأوضحت أن معدلات تواتر العنف بين الأشخاص يزداد بنسبة 4 فى المائة كلما ارتفعت درجات الحرارة أما تواتر الصراعات بين المجموعات فتصل نسبة الزيادة فيه إلى 14 فى المائة.أى أن هذه التكشيرة والخنقة والغضب والعدوانية التى تلحظها على الوجوه فى قيظ أغسطس لها تفسير علمى،وفى المرة المقبلة التى تسمع فيها عن المخاطر البيئية التى تهدد كوكبنا نتيجة الاحتباس الحرارى لا تشيح بوجهك وكأن الأمر لا يعنيك فإنقاذ الكوكب هو فى أساسه إنقاذ لحياتك وسلامة نفسيتك وأخلاقك.


لمزيد من مقالات هناء دكرورى

رابط دائم: