لقد دأبت الجماعات الإرهابية والمتطرفة، ومن يدورون فى فلكها، على تحريف الدين، ولى أعناق النصوص، ومحاولة طمس الحقائق، وتزوير التاريخ، ودفنهم ماضيهم الدموى الأسود ما وسعهم ذلك.. يتلونون كالحرباء، ويبدلون جلودهم كالثعابين، غير أن أمرهم قد صار مكشوفًا، وكذبهم بينًا مفضوحًا، و«لا يُلدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ واحد مرتين»، كما جاء فى الحديث النبوي.إن أخطر منطقة ينبغى عدم العبث بها أو المساس بقيمها هى منطقة الدين، فإن المتاجرة بالدين لحصد مكاسب دنيوية تكون وبالًا على أصحابها فى الدنيا والآخرة؛ لأن من يفعل ذلك يدخل فى حرب مع الله تعالى، وهى حرب معلومة النتائج، مدمرة لمن يلقى بنفسه فى أتونها، إذ يقول الحق سبحانه: «بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ».إن تحريف الجماعات المتطرفة للنصوص باجتزائها واقتطاعها من سياقها، بما ينحرف بها عن غاياتها الشرعية، واعتبار ذلك تقيّة، مع احتراف الافتراء المتعمد على الأشخاص والهيئات والمؤسسات والحكومات، جريمة كبرى فى حق الدين والإنسانية، فالغاية عند هذه الجماعات تبرر الوسيلة، أى وسيلة كانت، فلا تحرج لديهم من الوسائل مهما تكن مخالفتها للشريعة طالما أنها من الممكن أن تكون خطوة فى سبيل تحقيق أغراضها الدنيوية والسلطوية. أما بث الشائعات وترويجها فهو الشغل الشاغل لكتائبهم الإلكترونية وأبواقهم الإعلامية المأجورة، ولو أن شباب هذه الجماعات المخدوع المغيّب تأمل ولو للحظة واحدة واعية، أين ما يفعلونه من كتاب ربنا (عز وجل) وسنة نبينا (صلى الله عليه وسلم).. لربما راجع كثير منهم نفسه، واكتشف حقيقة هذه الجماعات الإرهابية الضالة.
ألم يعلموا أن كل المسلم على المسلم حرام: ماله وعرضه ودمه؟ وأن الإسلام حثنا على التبين من الأقوال؟ فقال الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين». كما حثنا الإسلام على التحلى بالصدق، وحذر من سوء عاقبة الكذب، فما بالكم بمن يتعمد الكذب والافتراء حتى يستحلهما، ويكونا له سجية وخليقة ثابتة أشبه بالطبع منها بالتطبع؟!إن أعداء الإسلام لو بذلوا كل ما فى وسعهم ومكنتهم لتشويه دين الله (عز وجل) ما بلغوا معشار ما فعلته هذه الجماعات الإرهابية الضالة المضلّة أو نصف هذا المعشار من تشويه لدين الله (عز وجل)، وصد عن سبيله، وإضرار بشريعته السمحة الغرّاء، مما يتطلب من العلماء والمثقفين والغيورين على دينهم ووطنهم، التكاتف والتعاضد لكشف حقيقة هذه الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وتفويت الفرصة على من يستخدمونها شوكة فى ظهر أوطانها، وحربة فى قلب ديننا السمح.
لمزيد من مقالات د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف رابط دائم: