رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ماذا بعد فشل الملء الثانى للسد الإثيوبى؟!

فشل الملء الثانى للسد الإثيوبى حيث لم تستطع إثيوبيا إلا تخزين كمية هامشية تقل عن 3 مليارات مترمكعب بدلا من المستهدف فى الإعلان الأول للتخزين بحجم 13.5 مليار م3 ثم الإعلان الثانى بمستهدف 6.9 مليار م3 ولكن فشلت إثيوبيا فى تحقيق أى منهما رغم وفرة الوقت وبداية إثيوبيا فى التخزين فى الموعد المحدد فى الأسبوع الأخير من شهر أبريل مع التزامن مع فتح البوابتين السفليين للسد لتمرير المياه البديلة للسودان ومصر بمعدل 50-70 مليون م3 يوميا (نحو 1.8 مليار متر مكعب شهريا) حتى لا تنقطع مياه النيل الأزرق تماما عن مصر والسودان فى أثناء التخزين. وعلى الرغم من أن تعلية الحاجز الأوسط للسد الذى يعترض طريق مياه النيل الأزرق لبدء التخزين لا يستغرق أكثر من سبعة أسابيع بارتفاع 30 مترا كفيلة بتخزين 13.5 مليار م3 كان من المفترض أن تنتهى فى منتصف شهر يونيو 2021 إيذانا ببدء التخزين الفعلى بكميات كبيرة خلال شهرى ذروة الفيضان فى يوليو وأغسطس، إلا أن إثيوبيا أعلنت قبل بدء التخزين أنها لم تنجح فى تعلية الحاجز الأوسط للسد إلا بمقدار 13 مترا فقط كفيلة بتخزين 6.9 مليار م3 هذا العام ثم سرعان ماتبين فشل رفع هذا الحاجز إلا بنحو ستة أمتار فقط لن تحجز سوى أقل من ثلاثة مليارات م3 فقط هذا العام. هذا التقاعس المتعمد فى رفع الحاجز الأوسط هذا العام لتخزين 13.5 مليار م3 أعاد الشكوك حول ضعف معامل أمان السد ومدى وجود تصدعات وتشققات فى جسم السد دعا الشركة الإيطالية المنفذة للسد إلى الطلب من الحكومة الإثيوبية تأجيل الملء الثانى إلى العام المقبل حتى يمكنها رفع أمان السد وترميم التصدعات الخطيرة المكتشفة فى جسم السد والتى تبين أنها لن تتحمل تخزين أى من 13.5 مليار أو 6.9 مليار م3 هذا العام. الحكومة الإثيوبية كعادتها حاولت قلب الحقائق وتحويل الفشل إلى نجاح بإعلانها فى 18 يوليو انتهاء الملء الثانى للسد بنجاح خلال أسبوعين فقط دون أن تعلن حجم هذا الملء الذى تحقق أو تعترف بتأجيلها للملء إلى العام المقبل بسبب مشاكل جسيمة فى بناء السد. فالحقائق تشير إلى أن متوسط تدفقات مياه النيل الأزرق خلال شهرى يوليو وأغسطس تبلغ 11 مليار م3 شهريا، بالتالى فإن تخزين المستهدف الإثيوبى الأول يستلزم الملء بدءا من أول يوليو وحتى نهاية الأسبوع الأول من أغسطس، ويكون إعلان إثيوبيا انتهاء الملء فى منتصف يوليو يعكس الفشل فى الوصول بالملء إلى المستهدف، بالإضافة إلى أن صور الأقمار الصناعية ومتابعة العمل فى السد أشارت إلى تخزين كميات هامشية أقل من 3 مليارات مترمكعب فقط هذا العام. الفشل الثانى الإثيوبى تمثل فى فشل تشغيل التوربينين السفليين منخفضى المنسوب والذى أعلنت إثيوبيا مرارا أنها ستبدأ فى توليد الكهرباء منهما فى العام الماضى أو مبكرا هذا العام وهو مالم يتحقق. فتوليد الكهرباء من التوربينين السفليين يتطلب تخزين أكثر من 4 مليارات م3 فقط هو ماتحقق فى العام الماضى بتخزين 4.9 مليار ثم وصل هذا العام إلى أقل من 8 مليارات م3 بمنسوب وصل إلى 573 مترا بينما لا يحتاج توليد الكهرباء إلا الوصول إلى منسوب 560 مترا فقط. هذا الأمر أشار أيضا إلى المبالغات الإثيوبية والأكاذيب التى يسوقها النظام الإثيوبى للاستهلاك الداخلى مخادعا مواطنيه بأمور غير حقيقية وغير قابلة للتحقيق، مع عدم التمتع بالشفافية المطلوبة وإعلان حقائق الأمور على المستويين المحلى أو الدولى، حيث لم يكتمل العمل فى التوربينات أو فى محطة الكهرباء أو فى شبكة وكابلات نقل الكهرباء. وفى هذا الصدد ينبغى أن نذكر بما نشره العالم الأمريكى من أصل إثيوبى أصفو بينينى الذى يعمل أستاذا لميكانيكا السدود فى جامعة جنوب كاليفورنيا، وموجود على موقع الأنهار الدولية الشهير بأن السد الإثيوبى مبالغ فى حجمه Over Size وأنه ينبغى ألا يتجاوز حجم بحيرة تخزينه 30 مليار م3 فقط وليس 74.5 مليار، وأن هذا السد لن يولد أبدا أكثر من ألفى ميجاوات ليس 6.5 ألف ميجاوات كما تدعى إثيوبيا وأنه يتحدى لو استطاعت إثيوبيا تشغيل أكثر من 8 توربينات فقط لتوليد الكهرباء وليس 16 توربينا كما هو مخطط فى السد، ولذلك قامت إثيوبيا فى العام الماضى بتخفيض عدد التوربينات إلى 13 توربينا ومن المحتمل أن تقوم بتخفيضها مرة أخرى إلى مابين 8 و10 توربينات فقط، بالإضافة إلى توقعه باحتمال كبير لانزلاق السد كاملا مع أول فيضان غزير يجتاح النيل الأزرق يجعله يحمل السد كاملا ويتجه به إلى السودان.

هذا الأمر يعكس حقيقة ما أعلنته اللجنة الدولية الأولى لمعاينة سد النهضة والتى بدأت عملها مبكرا فى عام 2012 وسلمت تقريرها فى مايو 2013 والتى تكونت من أربعة خبراء دوليين من ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وجنوب إفريقيا وقالت فى تقريرها إنه سد بلا دراسات وهو ماثبت فعليا بالتغيرات التى تجريها إثيوبيا على بناء السد وعلى عدد التوربينات حتى بعد مرور 11 سنة على بدء العمل فى السد، وأيضا تأجيل الملء الثانى للسد بعد أن تبين عدم تحمله تخزين 13.5 أو 6.9 مليارات م3 من المياه هذا العام بسبب التسرع فى بناء السد استغلالا لظروف مصر عام 2011 دون مراعاة للأساليب العلمية فى تخطيط وبناء السدود، وتأكيدا لمقولة العالم الأمريكى الإثيوبى بأنه مبالغ فى حجمه وأن تخزينه ينبغى ألا يزيد على 30 مليار م3 فقط. الفيضان العالى لهذا العام قد يحقق وفرة تخزينية من المياه لكل من مصر والسودان قد تنفع فى العام القادم إذا ماعالجت إثيوبيا عيوب السد الأسمنتى وانخفاض معامل أمانه واحتمالات انهياره أو حدوث تصدعات خطيرة تهدد بشدة السودان ومصر فى حال انهيار السد كاملا أو جزئيا.

> أستاذ الأراضى والمياه بجامعة القاهرة


لمزيد من مقالات د. نادر نور الدين

رابط دائم: