رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مصر على سلم المؤشرات العالمية

كتبت فى مقال سابق عن أهمية النظر إلى ما يحدث فى مصر فى إطار ما تحقق فى بلاد أُخرى، والمقارنة بيننا وبينهم حتى نستطيع أن نُحدد حجم أو مدى التقدم الذى أنجزناه. ويُمكنُ أن نفعل ذلك من خلال استعراض المرتبة التى تشغلها أى دولة على سلم المؤشرات العالمية، وهى تلك المؤشرات التى تقوم بترتيب دول العالم وفقًا لما أنجزته فى مجال مُحدد، وهُناك عشرات من المؤشرات فى مُختلف المجالات والموضوعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وفى هذا المقال، أعرضُ لترتيب مِصر فى عدد من هذه المؤشرات موضحًا التغيُر الذى تم فى التقارير الصادرة عام 2021 مُقارنة بأحدث تقارير سابقة. وسوف استخدمُ تعبير «تحسن قوي» فى حالة تقدُم مِصر بخمس مراتب فأكثر، و«تحسن بسيط» فى حالة التقدم ما بين 1-4 مراتب، و«ثبات أو تراجع نسبي»، فى حالة الاحتفاظ بنفس المرتبة أو التراجع إلى 1-4 مراتب، و«تراجع قوي» فى حالة التأخر بخمس مراتب فأكثر.

وحسب تقرير أصدره المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى فبراير 2021 -وهو مؤسسة بحثية مُستقلة غير هادفة للربح أُنشئت عام 1992 -عرض لترتيب مِصر فى عام 2020 فى عدد 43 مؤشرا، ووصل إلى أنه فى مجال التنافسية وممارسة ريادة الأعمال، حدث «تحسن قوي» فى المؤشرات الخاصة بالمؤسسات، وسوق المنتجات، والنظام المالى، وسهولة ممارسة أنشطة الأعمال. وحدث «تحسن بسيط» فى مؤشرى البنية التحتية، وحجم السوق. وثبات أو تراجع نسبى فى مؤشرات الاستقرار الاقتصادى الكلى، وديناميكية الأعمال، والقدرة على الابتكار، والأنشطة الريادية المُبكرة.

وفى مجال الحوكمة، حدث تحسن قوى فى مؤشرات المؤسسات ومدركات الفساد، و«تحسن بسيط» فى مؤشرات فعالية الحكومة، وسيادة القانون، والاستقرار السياسى –اللاعنف، والجودة التنظيمية. و«ثبات أو تراجع نسبي» فى مؤشرات أداء الخدمات اللوجيستية، والسيطرة على الفساد، والمساءلة، والأداء البيئى.

وفى مجال الشمول المالى، حدث ثبات فى كل المؤشرات وهى عدد ماكينات الصراف الآلى، وفروع البنوك التجارية، والأشخاص الذين لديهم حسابات فى المؤسسات المالية، والمقترضين من مؤسسات مالية، والمالكين لبطاقات ائتمانية، والمالكين لبطاقة خصم فورى، واستخدام الانترنت لسداد الفواتير.

وفى مجال تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمى، حدث تحسن قوى فى مؤشر عدد مستخدمى الانترنت. و«ثبات» فى مؤشرى التطور الرقمى والأمن السيبرانى. وتراجع قوى فى مؤشر الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وفى مجال التنمية ورأس المال البشرى، حدث تحسن قوى فى مؤشرات التمكين السياسى، وتحسن بسيط فى مؤشر سوق العمل. وثبات أو تراجع نسبى فى مؤشرات المهارات، والتنمية البشرية، والتحصيل العلمى، والصحة، والبقاء على قيد الحياة، واستدامة الغذاء. بينما حدث «تراجع قوي» فى مؤشرى رأس المال البشرى، والسعادة.

وإضافة إلى ما ورد فى هذا التقرير وباستعراض عدد من المؤشرات التى صدرت عام 2021،نستطيع رصد مؤشرين حققت فيهما مِصر تحسُنًا قويًا يقربُ إلى الطفرة، فقد ارتفع ترتيبها على مؤشر حوكمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ــ الذى يصدره الاتحاد الدولى للاتصالات ــ لتقفز 54 مرتبة من المرتبة 95 عام 2019 إلى المرتبة 41 عام 2020. وارتفع قيمة الأداء التنظيمى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات لتصل إلى88.5 نقطة مقارنة بـ74.5 نقطة من أصل 100.

كما نستطيع رصد مؤشرين حققت فيهما مصر تحسُنًا قويًا وهُما مؤشر ممارسة أنشطة الأعمال الذى يصدره البنك الدولى إذ تقدمت مصر بـ6 مراتب، وأشار التقرير إلى أن مصر هى واحدة من 25 دولة قامت بأكبر عدد من الإصلاحات فى هذا المجال. ومؤشر الموازنة المفتوحة الذى تصدره منظمة شراكة الموازنة الدولية إذ حققت مصر 27 نقطة تراكمية فى عامى 2019، 2020 لتصل إلى 43 نقطة مئوية وهوأعلى بكثير من المتوسط العام لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذى يبلغ 22 نقطة مئوية، وتقترب بذلك من المعدل العالمى وهو 45 نقطة مئوية.

هذا فى الوقت الذى حققت فيه مِصر تحسُنًا بسيطًا وفق مؤشر التنافسية العالمى الذى يصدره المنتدى الاقتصادى العالمى فتقدمت مرتبة واحدة من 94 عام 2018 إلى 93 عام 2019. ووفقًا لتقرير بنك راند ميرشانت-وهو مجموعة مالية عالمية لها فروع فى 25 دولة افريقية والمملكة المُتحدة والهند والصين والشرق الأوسط-فقد حافظت مِصرُ على موقعها كأفضل دولة جاذبة للاستثمار فى افريقيا للعام الثالث على التوالى. وهو نفس المعنى الذى أكده تقرير وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) عن أن مصر أكبر الدول الافريقية فى جذب تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر خلال عام 2018 وذلك حسب تقرير الاستثمار العالمى لعام 2019.

وهُناك كثير من التفصيلات الفنية فكُل من هذه المؤشرات يتضمن عددًا من المؤشرات الفرعية التى ينبغى على المسئولين والباحثين التوقف أمام كُل منها، وتحليل العوامل التى أدت إلى التحسُن أو التراجُع لتعظيم الأولى وتصحيح الثانية. كما أن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التى اتبعتها مِصرُ تحتاج إلى وقت لتؤتى ثمارها، فهى لا تظهر فى العام التالى مُباشرة لاتباعها. ولكن النتيجة المؤكدة أن مِصر تتغير وأن هُناك جهودًا شاقة ودائبة ومتواصلة لتغيير وجه الحياة فى بلادنا. وهو ما يجبُ أن نستمر فى مُتابعته وتقييمه والاحتفاء به.


لمزيد من مقالات د. على الدين هلال

رابط دائم: