رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المشرق الجديد ..الاقتصاد قبل السياسة

مرت أكثر من 70 سنة بين أول مشروع تعاون عربى والذى تم بتوقيع معاهدة الأخوة والتعاون بين الأردن والعراق عام 1947، ومشروع (المشرق الجديد) الذى أعلنه زعماء مصر والأردن والعراق أخيرا،وتخلل هذه العقود السبعة، العديد من مشاريع التعاون والوحدة العربية ولكن معظمها لم يصمد طويلا، فهل يتلافى المشروع الأخيرهذا المصير؟

معظم المحللين السياسيين ينظرون لمشروع المشرق الجديد بنوع من التفاؤل، بينما لا يشاطرهم آخرون هذه النظرة منطلقين من تاريخ طويل من فشل مشروعات الوحدة والتعاون العربى باستثناء مجلس التعاون الخليجي، ومنها مشروع ناظم القدسى رئيس وزراء سوريا لاتحاد الدول العربية عام 1951، واتفاقية التضامن العربى بين الأردن والسعودية والعراق عام 1957 .وقيام الوحدة بين مصر وسوريا(1958) واتفاقية التنسيق السياسى بين العراق ومصر (1964) وبيان الوحدة بين مصر وليبيا (1972) وإنشاء قيادة سياسية موحدة بين مصر وسوريا (1976) تبعه فى ذات العام انضمام السودان،والوحدة الاندماجية بين سوريا وليبيا(1980). والبيان الوحدوى بين تونس وليبيا (1974) ثم معاهدة الاتحاد العربى الإفريقى بين المغرب وليبيا. وميثاق الإخاء بين مصر والسودان (1988) ومجلس التعاون العربى بين مصر والأردن والعراق واليمن (1989) تبعه فى العام نفسه إنشاء اتحاد المغرب العربى بين المغرب وتونس والجزائر وليبيا وموريتانيا. فضلا عن مشاريع التعاون التى اقيمت تحت مظلة جامعة الدول العربية وأبرزها قرار انشاء السوق العربية المشتركة الذى حدد اول عام 1965 تاريخاً لبدء تنفيذ احكامه.

أما المتفائلون بمشروع المشرق الجديد فيرون أن معظم مشاريع التعاون والوحدة العربية السابقة شابها تعارض المصالح والأهداف والرؤى والتوجهات والاستراتيجيات التى تأخذ اتجاهات متعارضة ومتباينة، وكانت تقودها السياسة وتحركها العواطف، وهو ما حاول ان يتجنبه المشروع الأخير حيث جاء الاقتصاد فيه قبل السياسة فكان أكثر واقعية من سابقيه بتركيزه على الاستثمار بين الدول الثلاث لذلك فإن هناك آمالا كثيرة بأن يحقق أهدافه ويصمد فى وجه التحديات المحدقة به وبالمنطقة.

 نشأت فكرة إقامة تعاون ثلاثى بين العراق ومصر والأردن خلال القمة التى جمعت الرئيس السيسي، والملك عبدالله الثاني، ورئيس الحكومة العراقية السابق، عادل عبدالمهدى وعُقدت بالقاهرة فى 25 مارس 2019، ثم تلاها عدة لقاءات قادة الدول الثلاث أحدثها القمة التى عقدت فى بغداد يوم 27 يونيو الماضى والتى صرح خلالها رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بإطلاق مشروع (المشرق الجديد).

وبالفعل بحثت القمة سُبل بلورة وتجسيد المشروع على أرض الواقع بخاصة عبر ملفات الطاقة والاستثمار، وركزت على الاستفادة من التواصل الجغرافى بين الدول الثلاث والسعى لتحقيق تكاملات اقتصادية فيما بينها، وتأكيد أهمية استمرار التواصل وعقد الاجتماعات الدورية لتنسيق المواقف وتوثيق التعاون الثلاثي.

ويرتكز هذا المشروع فى الأساس على ربط العراق بثرواته وموارده النفطية الكبيرة، مع مصر بثقلها السكانى وخبراتها فى العديد من المجالات وموقعها على البحرين المتوسط والأحمر، ومع الأردن بما تمتلكه من مزايا للنقل والموقع الجغرافى وما تمثله من حلقة ربط بين العراق ومصر

وفى هذا الإطار، اتفقت الدول الثلاث، بحسب البيان الختامى لقمة بغداد الأخيرة، على عدة مجالات، منها ضرورة تعزيز مشروع الربط الكهربائى وتبادل الطاقة الكهربائية بين الدول الثلاث، وربط شبكات نقل الغاز بين العراق ومصر عبر الأردن، وإنشاء خط البصرة - العقبة الخاص بنقل النفط الخام، والتعاون فى مجال الطاقة المتجددة والبتروكيمياويات وبناء القدرات والخبرات، و فى المجالات الصناعية والزراعية والنقل العام، وتوأمة الأكاديميات البحرية ،وحصول الأردن على النفط بأسعار تفضيلية يقدمها العراق.

لم يغفل المشروع الأبعاد السياسية، إذ إن توجه العراق لإيجاد صيغة تعاون مع الدول العربية مثل مصر والأردن ودول الخليج يُشكل بحد ذاته خطوة نحو العودة إلى القاطرة العربية بعد أن كانت العلاقات العراقية - الإيرانية قد رجحت كفتها على حساب العلاقات العربية .كما تم الاتفاق على التعاون والتنسيق بشأن مستجدات وتطورات الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية وجهود مكافحة الإرهاب.

نتمنى أن يقدم هذا المشروع نموذجا جديدا للعمل العربى المشترك يقوم على مؤسسات ثابتة للتعاون لا تتغير بتغير الظروف السياسية، ومن ثم يمكن أن تحذو حذوه بقية الدول العربية.


لمزيد من مقالات د. محمد يونس

رابط دائم: