وطالب البرلمان الأوروبى باتخاذ إجراء قانونى عاجل بشأن قانون م يعود فيكتور أوربان رئيس الحكومة المجرية إلى «مشاغباته المحمودة دفاعا عن الشريعة الإلهية والأخلاق الكريمة»، حيث أكد رئيس الحكومة المجرية، المعروف بميوله اليمينية المحافظة، أن سياسة المدارس فى بلاده مسألة تخص المجر وليس «بيروقراطى بروكسل» فى إشارة إلى بلدان الاتحاد الأوروبى. وكان أعضاء البرلمان الأوروبى، أعلنوا رفضهم ما اتخذته السلطات التشريعية فى المجر من قرارات تأتى على طرفى نقيض من تشريعات البرلمان الأوروبى بأغلبية 459 صوتا مقابل 147 وامتناع 58 عن التصويت.
جرى جديد يحظر شرح المثلية الجنسية أو الترويج لها لمن هم دون سن 18 عاما. وقال أعضاء البرلمان الأوروبى إن التشريع الجديد ينتهك «قيم الاتحاد الأوروبى ومبادئه وقوانينه». واعتبر البرلمان أن القانون «مثال صارخ آخر ومتعمد على التفكيك التدريجى للحقوق الأساسية فى المجر». وعلى الجانب الآخر أعلن الزعيم المجرى أن حكومته ستطرح مشروع الاستفتاء على قانون حماية الطفل، بوصفه القول الفصل فيما يتعلق بحماية الطفل والعقل والمنطق، على النقيض مما تنادى به معظم حكومات الاتحاد الأوروبى والمفوضية الأوروبية باعتباره تمييزًا ضد الأقليات الجنسية. فبعد نجاحه فى فرض رؤيته مع عدد من بلدان مجموعة فيشجراد التى تضم المجر وتشيكيا وسلوفاكيا وبولندا تجاه رفض مقررات الاتحاد الأوروبى حول الهجرة غير الشرعية، عاد أوربان ليبلغ المفوضية الأوروبية أن المجر، بوصفها أحد أعضاء الاتحاد الأوروبى، فى سبيلها إلى اتخاذ ما تراه من إجراءات قانونية ضدها، والتى قد تؤدى فى النهاية إلى جلسة استماع فى محكمة العدل الأوروبية. وذلك ما ردت عليه المفوضية الأوروبية بتجميد طلب المجر للحصول على حصتها البالغة عدة مليارات من اليورو من صندوق الأوبئة.
وكان رؤساء دول وحكومات 17 دولة من أصل 27 دولة فى الاتحاد الأوروبى أعلنوا ادانتهم ما أعلنت الحكومة المجرية فى أوائل يونيو الماضى، تبنيه من إضافات وتعديلات بشأن قانون «التربية الجنسية والأقليات الجنسية»، وهو ذات القانون الذى أثار ضجة كبرى فى الأوساط الروسية التى أعلنت رفضها قبوله وتطبيقه فى روسيا. وفى هذا الصدد أعلن فيكتور أوربان فى رسالة بالفيديو إلى مواطنيه «أن المجر ستجرى استفتاءً حول الموضوعات التى تغطى ما تطرحه الحكومة المجرية من إضافات».
وقال رئيس الحكومة المجرية إن «الإرادة المشتركة للشعب» هى فقط التى يمكن أن تحمى البلاد، بينما أشار إلى أن الشعب المجرى استطاع ذلك منذ خمس سنوات، حين أقر فى الاستفتاء الشعبى إرادته التى لم تسمح لبروكسل بإجبار المجر على قبول المهاجرين، وما طرحه الاتحاد الأوروبى من مقررات بهذا الشأن. ونعيد إلى الأذهان أن المجر كانت أول بلدان شرق أوروبا التى بادرت ببناء جدار عازل على حدودها المتاخمة لعدد من جيرانها، وهو ما حذت حذوه بعض البلدان المجاورة رغم كل اعتراضات الاتحاد الأوروبى ومقرراته بهذا الصدد. وقد نجحت الأغلبية البرلمانية لتحالف «فيدس» البرلمانى الحاكم، فى تمرير قانون حماية الطفل فى الجلسة التى عقدها البرلمان المجرى فى النصف الأول من يونيو الماضى. وبينما أعربت المعارضة فى البرلمان المجرى عن مواقف مغايرة، تتسق فى توجهاتها ومضامينها مع كثير من توجهات بلدان الاتحاد الأوروبى.
وفى أول رد فعل رسمى أوروبى بهذا الصدد وفى حديث نشرته مجلة «دير شبيجل» الألمانية تقدم جان أسيلبورن وزير خارجية لوكسمبورج باقتراح يناشد فيه بلدان الاتحاد الأوروبى الاستفتاء على عضوية المجر فى الاتحاد الأوروبى، بسبب ما وصفه بخروج المجر عن الإجماع الأوروبى فى أكثر من موضوع واتجاه.
الغريب أن أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية انضمت إلى مثل هذه الدعوة، ودعت السلطات المجرية إلى إلغائه أو تعديله فيما وصفت القانون المعتمد فى المجر بأنه «مخز». كما انضم زعماء 18 من دول الاتحاد الأوروبى البالغ عددها 27 إلى هذه الدعوة وقاموا بتوقيع وثيقة تدعو المجر إلى إلغاء القانون واحترام حقوق الإنسان، فى الوقت الذى تلقى فيه ما تطرحه المجر من اقتراحات وقرارات صدى إيجابيا فى روسيا وعدد من بلدان الفضاء السوفيتى السابق ذات التوجهات المحافظة. وتأكيدا لذلك قال بيتر تولستوى نائب رئيس مجلس الدوما بضرورة الاستمرار فى محاولات أقناع ممثلى الاتحاد الأوروبى بعدم جواز فرض ما ترفضه التشريعات الأخرى بهذا الصدد. ولعله من «محاسن الصدف» أن يتفق طرح المجر لاستفتائها الشعبى رفضا لقرار البرلمان الأوروبى حول «تقنين ما لا يجوز تقنينه»، مع تولى سلوفينيا ذات التوجهات المحافظة لرئاسة الدورة الحالية للاتحاد الأوروبى. وكان رئيس حكومتها يانيس يانشا نأى بنفسه عن انتقاد موقف الحكومة المجرية، ودعا إلى تجنب «انقسامات جديدة غير مفيدة»، مؤكدا ضرورة احترام «الهويات الوطنية».
وعلى النهج نفسه، التقت آراء وتوجهات السلوفينى يانشا (62 عاما) مع زعيمة حزب «إخوة إيطاليا» اليمينى جورجيا ميلونى، وكذلك رئيس الوزراء البولندى ماتيوش مورافيتسكى المعروف بتوجهاته المعارضة للاتحاد الأوروبى، على حد وصف مراقبين كثيرين، ما يقول باتساع نطاق المعارضة لمثل تلك المقررات التى يحاول الاتحاد الأوروبى نشرها، فهل يكون ذلك مقدمة لإعادة النظر فى مواقف ومقررات الاتحاد الأوروبي؟.
رابط دائم: