لابد من ممارسة ضغوط ضد من لا يرغبون فى التطعيم لكى لا يُعرَّض المُلقحون للخطر. وفى المقابل، لا يجوز إرغام من لا يريدون التطعيم على ما لا يقتنعون بضرورته أو جدواه.
اتجاهان متعارضان يُلَخِصان بشيء من الاختزال ما ورد فى بعض التعليقات على الاجتهاد المنشور فى 25 يوليو الماضى (الإجبار على التطعيم). وهما نفسهما الاتجاهان اللذان تزداد الفجوة بينهما الآن فى البلدان التى حققت حملات التطعيم فيها معدلات مرتفعة ثم تباطأت بسبب إصرار رافضى تلقى اللقاحات على مواقفهم. وما اندلاع تظاهرات كبيرة فى مدن أوروبية عدة ضد ما يسميه رافضو التلقيح (دكتاتورية طبية) إلا تعبير عن تصاعد الخلاف على التطعيم، خاصةً بعد إصدار بعض الحكومات قرارات تمنع غير المُلقحين من ارتياد كثير من الأماكن العامة.
يدافع أنصار التطعيم عن هذه القرارات انطلاقًا من أنها تحميهم من عدوى يمكن أن تُصيبهم نتيجة وجود أشخاص غير مُلقحين معهم فى مكان مُغلق. ويعترض رافضو التطعيم على ما يرونه تمييزًا ضدهم، ومحاولات لإرغامهم على تلقى لقاحات فى مرحلة تجريب، أو انتهاك حرياتهم الشخصية، أو ما يعتقدون أنه اقتحام لمجالهم الخاص, إذ تختلف عوامل اعتراضهم، وتتباين خلفياتهم. وبينما يتبنى بعضهم موقفًا جذريًا ضد التطعيم بوجه عام، ويرى آخرون أن كورونا خدعة، يُحاجج فريق منهم بطريقة عقلانية أو تبدو كذلك. وعلى سبيل المثال سأل بعضهم رئيس الحكومة البريطانية بما معناه: إذا كان صحيحًا أن فاعلية اللقاحات لاشك فيها، وأنها تُخفَّف أعراض الإصابة بالفيروس فلا تزيد عن تلك التى تظهر حال الإصابة بنزلة برد، فلِم كل هذا الخوف على المُلقحين؟. ويرد أنصار التطعيم بأن الهدف من شموله المجتمع كله هو الوصول إلى حالة مناعة مجتمعية من أجل العودة إلى الحياة الطبيعية بشكل كامل. ويعود بعض رافضى التطعيم فيسألون عن مصدر هذا اليقين لدى من تفاجئهم تحولات الفيروس، ولا يستطيعون بعد معرفة حدود قدرته على المراوغة.
وهكذا، أصبح التطعيم مصدر سجالات من نوع جديد فى معركة غير متكافئة, كون السلطة فى صف أحد طرفيها, ولكنها مثيرة حين نتابع تفاصيلها.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: