رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

القتل لأهون سبب..
جرائم فى عش الزوجية

شهدت أيام عيد الأضحى جريمتى قتل داخل منزل الزوجية إحداهما لزوج قتل زوجته بـ 11 طعنة أمام أطفالها الثلاثة والأخرى لزوجة غرزت سكينا فى قلب زوجها أثناء مشاجرة، وهى جرائم تدق ناقوس الخطر والعنف الاسرى المتزايد والتى تصل إلى حد القتل فى بعض الأحيان لأسباب قد تبدو عادية أو واهية مثل خناقة على مصروف البيت أو الغيرة الزوجية وتمتد الجرائم لتشمل قتل الأبناء أو الأشقاء والأقارب. فما الاسباب التى تدعو الانسان الى قتل اقرب الناس إليه؟

 

إحصائية صادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية أشارت إلى أن جرائم القتل العائلى تمثل نحو ربع جرائم القتل عموما و90% منها يقع لأسباب تتمثل فى الشك والغيرة وجرائم الشرف والضغوط الاجتماعية والنفسية وضعف الوازع الدينى والاخلاقى والاختلال النفسى وإدمان المخدرات.

وهو ما يؤكد عليه د.وليد هندى استشارى الصحة النفسية والذى يوضح أن جرائم القتل الاسرية التى شاهدناها فى الفترة الاخيرة والتى لم يعتدها المجتمع المصرى تعود لعدة اسباب متشابكة ومعقدة ومتداخلة وليس مجرد عامل واحد وتختلف عن جرائم القتل الاخرى فالسبب المباشر هو المفجر للجريمة لكنه ليس السبب الاصلى بل هناك عدة عوامل اخرى فى البناء النفسى لمرتكب الجريمة اولها يرتبط ارتباطا مباشرا بالتنشئة الاجتماعية فمرتكب الجريمة عادة ما يكون تربى فى اسرة عنيفة تغيب عنها ثقافة الحوار او يكون تعرض للضرب والاعتداء البدنى والنفسى واللفظى فى الصغر وتعرض للنبذ الاجتماعي، وعندما يكبر ويتزوج يعيد انتاج العنف ويعتقد انها الوسيلة الامثل للتربية والتعامل مع شريك الحياة، وهناك مجموعة عوامل نفسية اخرى مثل الشعور بالاحباط والضغوط العائلية والاقتصادية وهذا ما لمسناه خلال أزمة جائحة كورونا التى زادت الاعباء الاقتصادية على بعض الاسر مع تضييق المجال العام بسبب اجراءات الحظر والإغلاق خاصة المقاهى التى كانت تمثل متنفسا لكثيرين فزاد الكبت الشعورى وبالتالى زادت معدلات العنف الاسرى.

ومن بين الأسباب التى يشير اليها د.وليد هندى هى انخفاض المستوى التعليمى لمرتكب الجريمة او يكون من مستوى تعليمى أعلى لكنه نشأ فى مدارس لا توجد بها انشطة مدرسية مثل الموسيقى والرياضة وغيرها وهى امور ترقى الحس الانسانى وتدرب الانسان على المشاركة الاجتماعية وتهذيب النفس والسلوك.

فمن يقدم على العنف هو شخصية عدوانية فى التعامل مع زوجته أو أولاده شخصية تقدم العنف على اى طريقة اخرى فى التواصل وليس لديه اى حلول اخرى او تفكير رشيد ويعتبرها الطريقة الوحيدة للتفاهم واحيانا يكون مصابا بمتلازمة العظمة ولا يقبل الجدل أو مراجعة أوامره.

ويضيف لا نستطيع أن نغفل تأثير الأمراض النفسية مثل الإصابة بالفصام والاكتئاب ثنائى القطب أو حالات الهوس كما ينبه إلى تفشى ظاهرة إدمان المخدرات فالإحصائيات تكشف ان هناك 21 مليون متعاط ومتعامل مع المخدرات فى مصر وفى هذه الحالات يتعرض الشخص لحالة من الغيبوبة الحسية والضلالات وهو شخص منفصل عن الواقع وقد يقتل بدم بارد بالاضافة الى نقطة فى غاية الاهمية وهى انتشار العنف على الشاشات والفضائيات فبعضها يعرض افلام العنف 24 ساعة يوميا ويقدم حلولا ابتكارية للجريمة قد تجعل من يتأثر بها يعتقد ان القتل شيئ عادى ويرتكبه بأعصاب باردة لانه شاهده من قبل، كما ان التفكك الاسرى بسبب وسائل التواصل الاجتماعى او التباعد الاجتماعى اصبحت جرس انذار مهما لانها تسببت فى شعور افراد الاسرة بالغربة عن بعضهم وهم يعيشيون تحت سقف واحد وافتقدت الاسرة الدفء والتواصل الاسرى.

كما يلفت الانتباه الى نقطة مهمة أثبتتها الأبحاث العلمية وهى دور التغذية والتلوث فى انتشار العنف فى المجتمع فقد لوحظ انه كلما زادت معدلات التلوث البصرى والسمعى والهوائى انخفضت معدلات ذكاء الانسان كما أن سوء التغذية ونقص الحديد والزنك وزيادة نسبة الرصاص فى الدم قد تساهم فى ميل الشخصية للعنف.

وبالرغم من تكرار جرائم القتل الاسرى إلا أن د.زينب شاهين استاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة لا تعتبرها ظاهرة ولكن للأسف فغالبا ما تدفع المرأة الثمن الافدح فى هذه الجرائم بسبب الثقافة التقليدية التى تعتبر العنف ضد الزوجة أمرا عاديا ومقبولا واجبار السيدات على الاستمرار فى الزواج رغم تعرضهن للإيذاء أو الزواج فى «بيت عيلة» بحيث يتم اعتبارها غريبة عن عائلة الزوج فيتسترون على عنفه وهو ما يجب تغييره عن طريق الاعلام وتجريم العنف بكل وسيلة والحث على تغيير الصورة النمطية وتقديم نماذج جيدة للتعامل بين الازواج مع عدم التركيز على العنف والعلاقات المشوهة ولابد ان نهتم باعادة تشكيل الوعى الجمعى المصرى الذى تعرض لكثير من التغييرات فى السنوات الاخيرة وإعادة بناء الاسرة المصرية وتدريب المقبلين على الزواج على طريقة الحوار وأسلوب حل المشاكل بعيدا عن العنف فالخلافات الأسرية البسيطة التى تصل الى حد القتل ليست وليدة اللحظة ولكنها مجموعة من التراكمات وشعور الطرفين بانه لا فائدة من النقاش او تغير الوضع وانسداد قنوات الاتصال بين الزوجين وهو ما يمكن تلافيه بتثقيف الشباب لحل المشكلات وفهم طبيعة ونفسية الطرف الآخر والتعامل مع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التى تتعرض لها الاسرة والاهتمام بالتثقيف التربوى للأباء والامهات لتربية أجيال قادرة على التواصل وقبول الآخر وبناء العقل الناقد والمرونة فى التفكير فالبداية دائما من داخل الأسرة وفى بيت مترابط وأبوين متفاهمين..

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق