فجأة، اشتعلت «بوستات الفيس بوك»، ووسائل التواصل الاجتماعى الأخرى بالتهانى والصور الجميلة اللافتة للنظر، وكأنها أعراس، أو احتفالات قومية، وبمتابعة هذه الاحتفاليات الكبيرة وجدت أنها احتفالات طلاب بالتخرج، بعد أن ألغت جائحة كورونا معظم هذه الاحتفالات فى العام الماضى، وامتدت للعام الحاضر. ورغم أن معظم الجامعات ألغت حفلات التخرج الرسمية فإن الخريجين احتفلوا بتخرجهم على نفقتهم الخاصة، وقام بعضهم بعمل «فوتوسيشن» للتصوير احتفالا بهذه المناسبة التاريخية فى حياة كل خريج، والتى تتوج نجاحه فى مشواره الدراسى الطويل، ووصل الأمر ببعضهم لإعداد أغان خاصة وفيديوهات لتخليد هذه المناسبة التى لا تتكرر عادة فى حياة معظم الخريجين، وكالعادة، تحولت الاحتفالات إلى «بيزنس» مربح ومجد للعديد من المصورين ومتعهدى الأفراح، ومطربى المهرجانات، حيث يقوم بعض الطلاب بتجميع الأموال وتنظيم الاحتفالات الصاخبة، وإخراج الفيديوهات التى لا يتناسب معظمها مع طبيعة الحدث الراقى الذى يحتفلون به. ورغم أن بعض الطلاب قاموا بتكسير بعض القلل احتفالا بتخرجهم، ونشروا هذه الصور على وسائل التواصل الاجتماعى، فإن الأمر لم يخل من لمسات راقية أضافت بهجة للاحتفالات، وضربت مثلا متميزا فى الاعتراف بالجميل للمؤسسة الجامعية التى علّمتهم، ودفعت بهم مسلحين بالعلم للانطلاق فى حياتهم العملية الموفقة بإذن الله، حيث قامت الخريجات بكلية الطب جامعة الأزهر بمبادرة فريدة لشراء جهاز طبى مهم يحتاجه مستشفى الجامعة، وجمعن الأموال اللازمة لذلك الهدف، وقد يسهم هذا العمل النبيل فى تعميق روح المبادرة والتطوع والانتماء لدى الخريجين والخريجات، ويعد بمثابة الحبل السرى الممتد بين الجامعة الأم وطلابها، وأدعوا أبناءنا الخريجين إلى التفكير فى مبادرات جديدة كريمة للاحتفال بتخرجهم، وترك بصماتهم بأعمال تطوعية فى جامعاتهم ومجتمعاتهم عن طريق تحويل حفلات تخرجهم إلى احتفالات بالعطاء والاعتراف بالجميل، كما أدعو الجامعات لتخليد هذه المبادرات بعمل لوحات شرف للمسهمين منهم، وتأسيس صفحات إلكترونية على مواقع الجامعة تحمل صور خريجى هذه الدفعات، وتفاصيل مساهماتهم، ليشاهدها أبناؤهم وأحفادهم فى المستقبل ولتعمق روح التطوع والعطاء والتواصل المستمر بين الأجيال، وأن تقوم بتتبع نجاحات خريجيها وربطهم بجامعتهم الأم، وعمل احتفالية سنوية لتكريم النابغين منهم.
د. طارق قابيل
كلية العلوم ـ جامعة القاهرة
رابط دائم: