رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رغم الحملات الأمنية الدورية..
الباعة الجائلون «عشوائية» فى مترو الأنفاق

تحقيق ــ هبة جمال الدين
> الباعة صداع مستمر داخل مترو الأنفاق

  • نقيب الباعة الجائلين السابق: من يرد أن يصبح تاجرا فليستغل هذه الفترة
  •  
  • أحمد عبد الهادى: غرامة ٥٠ جنيها للبائع الجائل و١٠٠ جنيه للمتسولين فى مترو الأنفاق
  •  
  • الدكتور محمد الفيومى: الغرامات البسيطة غير مجدية.. ويجب فرض عقوبات رادعة تصل للحبس

«ساعدونى.. أنا ارملة و معايا 4 أولاد، ولو قادرة ما كنتش مديت ايدى، ربنا يكفيكم شر الحوجة»، «اللاصق السحرى يلصق أى حاجة ولا غنى عنه فى اى بيت بـ 10 جنيهات»، «لو شعرك بيقع الزيت ده هو الحل هيمنع التساقط سعره فى الصيدليات 100 جنيه احنا بنبيعه بـ 35 جنيها بس».. كانت هذه بعضا من عبارات كثيرة يسمعها ركاب مترو الأنفاق يوميا من المتسولين والباعة الجائلين الذين أصبحوا رمز العشوائية أينما حلوا على أى مكان وصداعا مزمنا فى رأس مترو الانفاق الذى بات وكأنه سوق عشوائية وليس وسيلة نقل حضارية، فتجد فجأة من يخفض رأسه ويختبئ خلفك هربا من ملاحقة رجال الشرطة قائلا لزميله الذى امسك بيده واختبأ هو الآخر «فيه حملة فى محطات غمرة وسراى القبة، وفى الشهداء مسكوا أم عبده ودفعوها غرامة، وسيد الونش اخدوا منه بضاعته.. ربنا يبعدهم عننا ويكفينا شرهم.. احنا هنلاقيها منين ولا منين»، وما ان يطمئنوا لرحيل رجال.

الشرطة حتى تعلو أصواتهم مرة أخرى مروجين لبضائعهم، وبالرغم من الحملات الأمنية الدورية فى مترو اﻷنفاق لمطاردة هؤلاء وتوقيع الغرامات ومصادرة بضائعهم وتحرير محاضر ضدهم لكن هذا لا يمنع تواجدهم وانتشارهم، ويتساءل البعض كيف يمرون من ماكينات مترو الأنفاق وهم معروفون بسبب ترددهم الدائم وهيئتهم الواضحة، لاسيما البضائع التى يحملونها، ويرجع آخرون السبب فى تواجدهم لمساعدة المتعاطفين من الركاب معهم بإخفاء منتجاتهم تحت الكراسى وبين أقدامهم، إن شنت حملة ضدهم، بخلاف تلك التحذيرات الدائمة فيما بينهم أثناء الحملات الأمنية، ويأتى انتشارهم فى مترو الأنفاق فى الوقت الذى تولى الدولة اهتماما كبيرا بإبادة العشوائية فى كل صورها، ومحاولة تقنين أوضاع الباعة الجائلين بإنشاء أسواق حضارية منظمة وتطوير أخرى عشوائية تساعدهم على العيش بآدمية وفق قواعد منظمة.

تحقيقات «الأهرام» رصدت مشاهد كر وفر بين الشرطة والباعة الجائلين داخل عربات مترو اﻷنفاق، وتعاطف البعض وأستياء وعدم ارتياح آخرين لتواجدهم، خاصة أن مترو الأنفاق ليس مكان لاحتضانهم وعليهم أن يبحثوا عن رزقهم فى الأماكن الخاصة بهم.

وتعبر سعاد عبدالله ـ موظفة ـ والتى ترتاد مترو الأنفاق يوميا فى رحلتى الذهاب والعودة من وإلى عملها، عن استيائها الشديد من تواجد الباعة الجائلين فى عربات المترو واصفة حاله بالسويقة، قائلة: أحيانا يتواجد داخل العربة الواحدة أكثر من ٥ بائعين يصيحون لتسويق بضاعتهم فى نفس الوقت بصوت جهورى مزعج، فإن أردت إجراء مكالمة تليفونية عبر الهاتف، لا أستطيع سماع الطرف الآخر، ناهيك عن بعض المخلفات التى أحيانا يتركونها وراءهم إن لم تشر إحدى الراكبات بضرورة إزالة هذه المخلفات، ويفعلون ذلك فى امتعاض شديد خوفا من إبلاغ أمن المحطة، هذا إلى جانب صعود البائعين عربة السيدات غير مكترثين بالزحام الشديد أحيانا فى بعض الأوقات وتجد البائع فى قمة اللامبالاة يطالب الراكبات بالافساح بقوله:«ضهرك يا أستاذة»، مما يضطر السيدات اللاتى يصطففن أمام الكراسى للتمايل قليلا للأمام لمساعدته فى المرور، وبالرغم من شعور البعض بالضيق من هذه التصرفات لكن قليلات من يعترضن فى استنكار من البائع، وبعض الراكبات بأن من تعترض لاتشعر بالمحتاجين ومعاناتهم بدلا من لجوئهم للسرقة والتسول، وقد يؤدى إلى التراشق أحيانا بالألفاظ، مع ترديد بعض الأحاديث النبوية بأن الكلمة الطيبة صدقة وأن الله فى عون العبد مادام العبد فى عون اخيه.. مستطردة ــ للأسف: مشاهد متكررة تحدث فى وسيلة نقل كانت من أرقى وسائل النقل، وتؤكد أن اعتراضى أنا وأخريات من الراكبات على تواجدهم ليس معناه أننى لا أشعر بالمحتاجين لكن مترو الأنفاق ليس مكانا لذلك.

واعترضت على كلامها راكبة أخرى قائلة: لاأحد يعلم ظروف البائع ولولا الحاجة لما عرض نفسه للخطر ومطاردة الشرطة له وخسارة بضاعته التى ربما يكون قد اقترض ثمنها، وقاطعتها طالبة قائلة: اتفق معك بضرورة شعورنا بالغير لكن هذا ليس معناه أن نوافق على العشوائية وتشويه كل ما هو متحضر، وهذا ما يفعله الباعة الجائلون فى المترو لما يسببونه من فوضى وعشوائية، مشكلات تواجدهم كثيرة أدناها الإزعاج مرورا بالتحرشات سواء بالنظر أو بالقول خاصة فى أثناء فترات الزحام، وحتى البائعات تسبب الضيق للراكبات عندما تمر دون اكتراث بشنطة البضاعة الممتلئة التى تحملها وتضعها بين اقدام الركاب تأخذ مساحة كبيرة، وتقول: «لا نستطيع الوقوف بأريحية».

وما بين متعاطف ومستنكر لتلك الظاهرة، سألنا المعنيين بالأمر والقائمين على تنظيم هذه المنظومة كيف يمكن التخلص من هذه الظاهرة.

محمد أدهم، نقيب الباعة الجائلين السابق، يرى أن البائع المتجول الذى يعمل بعيدا عن الشكل الرسمى الذى حددته الدولة يظلم نفسه فى المقام الأول، ولكى يشعر بالاستقرار عليه أن يسعى لتقنين وضعه بدلا من مطاردة الشرطة له، لافتا إلى أن الدولة ساعدت الباعة الجائلين لتقنين أوضاعهم والعمل بشكل متحضر وأنشأت لهم الأسواق المنظمة الحضارية كاملة المرافق ويسرت لهم اﻹجراءات للحصول على باكيات فى هذه الأسواق، فما على البائع المتجول سوى التوجه إلى المركز التكنولوجى التابع وتقديم الأوراق المطلوبة وبعد استيفاء الشروط، يتم تسكينه فى أحد الأسواق الحضارية وتخصص له باكية ويبدأ العمل فى النور كتاجر له حقوق وواجبات له سجل تجارى وبطاقة ضريبية، ليس كسريح تطارده الشرطة، كما أن الباكية التى يحصل عليها تظل من حقه حتى وإن انتقل السوق إلى مكان آخر ينقل بباكيته. ويؤكد أدهم، أن الدولة لم تترك الباعة المتجولين بل تسعى دائما لحل المشاكل كما حدث فى سوق الترجمان.

وقد كنت أحد المتضررين منه وبعد مطالبنا أن هذه السوق لا تلبى مطالبنا وآمالنا تم نقلها إلى سوق شارع بور سعيد وهى سوق على أعلى مستوى.

واستطرد أن بعض الباعة الجائلين يريدون العيش دائما فى دور الضحية ويصورون دائما أن الدولة لاتراعى ظروفهم وتدير لهم ظهرها وهذا غير صحيح، فهؤلاء يريدون الحصول على حقوق ولايريدون الالتزام بواجبات بدليل تطوير الأسواق العشوائية وإنشاء أسواق جديدة، ودائما أقول لزملائى إن من يريد أن يصبح تاجرا يستغل هذه الفترة.

ووجه كلمة لركاب مترو الأنفاق المتعاطفين مع الباعة الجائلين، قال فيها «إن الشراء منهم ومساعدتكم على الاختباء من رجال الشرطة فى أثناء الحملات، فإنكم تساعدون على انتشار العشوائية، فإن الراكب لو أراد مساعدة البائع المتجول لايشترى منه فى أماكن المواصلات ليجبره على ممارسة نشاطه عن الطريق الذى نظمته الدولة، بالإضافة أن تواجد الباعة وزيادة أعدادهم يعرض الركاب للخطر، لأن كل من ليس له مهنة يشترى بضاعة ويعرضها فى المترو، فمن الممكن أن تكون منتجات رديئة والمستهلك هو الضحية، فكيف ستستبدل أو تسترجع المنتجات.

أحمد عبدالهادى متحدث باسم مترو الانفاق يوضح، أن مطاردة الباعة الجائلين من اختصاص شرطة النقل والمواصلات وشرطة مترو الانفاق، ولا تدخر الشرطة جهدا ودائما ما تشن حملات داخل المحطات والقطارات بصفة يومية بالتنسيق الكامل مع الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو وإدارة الأمن الداخلى فى شركة المترو، ورصد مخالفات يومية للبائعين والمتسولين والقبض عليهم ومصادرة البضاعة وتوقيع غرامات تصل لـ 100 جنيه للمتسولين، و50 جنيها للبائع المتجول، وفى حالة رفضه دفع الغرامة يحرر ضده محضر فى مكتب شرطة المحطة وتحويله للنيابة.

وعن اقتراح البعض بتقنين أوضاعهم داخل المترو وتسهيل حصولهم على باكيات بأرصفة المحطة وفق اشتراطات محددة يقول: أولا تقنين أوضاع الباعة الجائلين ليس من اختصاص الإدارة العامة لتشغيل مترو الانفاق بل يجب القضاء على هذه الظاهرة العشوائية بتغليظ العقوبة عليهم وليس بتقنين أوضاعهم، فالدولة حددت لهم أماكن لممارسة نشاطهم».

وفيما يتعلق بتأجير الأكشاك على أرصفة المحطات يوضح، أن الادارة العامة لتشغيل مترو الانفاق تقوم بحصر الأماكن الشاغرة وطرحها فى مزاد علنى للشركات المعروفة فى السوق ولديها سجل تجارى وبطاقة ضريبية وذلك للاحتفاظ بالشكل الحضارى لمترو الأنفاق.

الدكتور محمد الفيومى عضو مجلس الشعب يقول: لايوجد دولة فى العالم تسمح بوجود باعة جائلين فى مترو الأنفاق أو خطوط السكك الحديدية، لأنهم يشوهون الوجه الحضارى للمكان، وللأسف يعطى هذا انطباعا سيئا للسياح والزائرين للبلد.

ويشير الفيومى، إلى أن إقامة سوق اليوم الواحد تساعد على حل جزء من المشكلة بحيث يخصص يوم فى مكان محدد لعرض منتجات الباعة الجائلين بشكل منظم حضارى ممن ليس لهم مكان فى الأسواق القائمة أو لحين تخصيص مكان دائم لهم، وهذا معمول به فى بعض الدول الأوروبية، هذا إلى جانب تغليظ العقوبة وتطبيق القانون ولامجال هنا للتعاطف، لكن الاكتفاء بمصادرة البضاعة وتوقيع غرامات بسيطة هذه عقوبات لا تكفى للردع.

الدكتور خالد قاسم المتحدث الإعلامى لوزارة التنمية المحلية يوضح أن القضاء على الباعة الجائلين فى مترو الانفاق أو السكك الحديدية يقع فى إطار اختصاص وزارتى النقل والتنمية المحلية، بالتعاون مع بعض الجهات المعنية الأخرى توفر للباعة الجائلين فى الشوارع والميادين أماكن لممارسة نشاطهم عن طريق إنشاء وتطوير عدد من الاسواق الحضارية ونقل الباعة الجائلين إليها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق