رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حكاية العيد..
ذكريات الزيات عن احتفالات قريته

أحمد حسن الزيات

الأعياد من أهم أدوات تشكيل الذاكرة لدى الصغار، تمدهم بمداد من الصور والمشاعر التى يظل استحضارها سببا فى تشكيل وعى المرء وهويته. ولكن إن كانت تلك الذكريات تخص الكاتب والمفكر المصرى الكبير أحمد حسن الزيات (1885-1968)، فإن استحضارها يحقق فائدة عظيمة لعموم القراء، خاصة أنه يخطها بلغته الراقية وأسلوبه الفريد.

ففى العدد 38 لمجلة "الرسالة" الصادر يوم 26 مارس 1934، كتب الزيات تحت عنوان "عيد الأضحى.."، مؤكدا أفضال العيد فى قوله: " الأعياد الدينية واحات فى صحراء الحياة .. وعيد الأضحى هو عيد الأسرة والأمة والملة، يفيض المسرة والبهجة على البيت، ويجدد المودة والألفة فى الوطن، ويسفر بالتعارف بين وجوه الاخوة فى عرفات".

ويكمل الزيات فى مقاله بمجلة "الرسالة"، التى أسسها عام 1933 واستمرت فى الصدور حتى عام 1953، راويا عن صورة العيد كما يعرفها فى قريته كفر دميرة القديم بمحافظة الدقهلية قائلا: " فإن له فى القرية صورة لا تزال منذ الطفولة فى ذهنى فتانة الجمال أخاذة السحر شديدة الروعة"، ثم يبدأ فى تجسيد الصورة بكلماته: " لا يكاد يفرغ القرويون من صلاة المغرب ليلة العيد حتى ترى طريق المقبرة يسيل بالفوانيس الشاحبة الخافتة.. وتنتقل القرية الحية إلى القرية الميتة، فنقضى هنا ( بعض الليل) فى الاستعبار والاستذكار والقراءة، ثم يعودون وقد كفاهم الفقهاء مئونة ما حملوا من الكعك والفاكهة، فيقطعون الهزيع الثانى من الليل فى طسوت الحمام أو فى دار المزين. والغسل بالماء الساخن لا يعرفه الفلاحون إلا ليلة العيد وليلة الزواج ويوم الموت.. فإذا فرغوا من ذلك ناموا على هدهدة الأحلام ومناغاة المنى، وتركوا النساء أمام المواقد ينضجن الخبز ويطهين اللحم ويصنعن الحلوى حتى الصباح".

أما صباح يوم العيد، فيحكى عنه الزيات، قائلا: "لا يتخلف عن صلاة العيد من أهل القرية غير النساء. أما الرجال فهم صفوف وراء الإمام يؤدون الصلاة، وأما الأطفال فهم وقوف على الأبواب يشهدون الخطبة. ثم تقضى الصلاة .. ثم يذهبون رتلا جميل النسق إلى المقبرة، ويرجعون من طريق أخرى إلى الحارات المكنوسة المفروشة، فيجلسون أمام المنازل إلى الطعام الشهى الفاخر.. ويتركون على موائدهم محلا رحيبا للفقير".

ويكمل: "ترفع ( الصواني) وتوضع القهوة، ثم يقوم العمدة فى أهل حارته فيزورون الحارة الأولى، فيهنئون ويجلسون ريثما تدار القرفة وتوزع السجائر، ثم يقومون جميعا إلى الثانية فالثالثة فالرابعة وهلم جرا إلى آخر البلد .. أما الشباب والأيفاع فيطوفون زمرا بالبيوت يهنئون الصبايا وأيديهن لا تزال فى الطعام.. ثم ينصرف بعد ذلك الشباب إلى لعب الكرة فى ساحة البيدر، والأطفال إلى الأراجيح (المراجيح) على أشجار الترعة". ويختتم الزيات سائلا قارئه عن ما إذا كانت هذه هى صورة العيد الحق، أم تلك التى يراها أهل الثلاثينيات فى شوارع وأحياء المدن؟ لو عاش الزيات ليرى عيد اليوم، لكتب متعجبا ومتغنيا بأحوال عيد مدن الثلاثينيات.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق