أجريت ثلاثة حوارات مع السيدة جيهان السادات، زوجة الرئيس الراحل أنور السادات: الحوار الأول كان فى 1997 بمناسبة مرور 25 عاما على ذكرى انتصار السادس من أكتوبر، وحوار بعد ظهورها فى برنامج «بلا حدود» على قناة الجزيرة فى ضيافة المذيع المثير للجدل أحمد منصور، قبل أن يصبح مطلوبا للعدالة فى مصر، و يومها اعترض البعض على الطريقة التى كان يخاطبها بها وذهبت إليها وشرحت يومها الموقف وقالت :بمقاييس الإعلام الأمريكى لا أرى تجاوزا فيما حدث. الحوارات جرت فى منزل الرئيس الراحل أنور السادات بالجيزة، وجاء استقبالها ودودا، وكشفت عن المكان المفضل الذى كان يحب أن يجلس فيه الرئيس السادات داخل البيت وعاداته يوم الجمعة من كل أسبوع .
تتذكر جيهان السادات يوم الجمعة 5 أكتوبر من عام 1973، وتقول: كانت من عادات الرئيس بعد صلاة الجمعة أن يمشى بعض الوقت فى حديقة المنزل يومها كنت أسير إلى جواره نتبادل معا أطراف الحديث وطلب منى يومها أن أجهز حقيبة ملابس، حيث سيكون فى مهمة تتطلب المبيت خارج البيت .لم يكشف لى عن طبيعة المهمة ولا عن عدد الأيام التى سيغيب فيها خارج البيت وتكمل وبطريقة ماكرة حاولت أن أعرف بشكل غير مباشر طبيعة المهمة، فقلت له: كم يوما ستكون خارج البيت حتى أجهز ما يتناسب معها من ثياب؟ فقال: لمدة أسبوع، فعاودت سؤاله: وهل يذهب الأولاد غدا إلى المدرسة؟، هنا كما روت لى السيدة جيهان السادات خلال حوارى معها توقف الرئيس عن المشي، ونظر إلى وقال بحسم: ما الذى يمنع ذهابهم إلى المدرسة؟.
تعود جيهان السادات إلى الساعات التى سبقت بدء الحرب، وتقول: بالفعل تم تجهيز حقيبة ملابس للرئيس وكانت تحوى ملابسه العسكرية والمصحف الكريم .ويوم الجمعة 5 أكتوبر غادر البيت فى الجيزة إلى غرفة العمليات فى قصر الطاهرة. لم أكن أتوقع أن يكون صباح اليوم التالى هو الاستعداد لبدء الحرب وكانت مواعيدى محددة من قبل وفى هذا اليوم السبت السادس من أكتوبر كنت فى الواحدة ظهرا على موعد مع السيدة نهلة القدسي، زوجة الفنان محمد عبد الوهاب، وأتذكر أن مقابلتى معها انتهت فى الواحدة ظهرا.
فى الحوار الأول تحدثت عن حرب أكتوبر وقصة الحرب معها، ويومها جاء عنوان الحوار »جيهان السادات: مبارك طلب منى إبلاغ السادات باستشهاد شقيقه عاطف«، وكشفت يومها بمنتهى الصراحة عن أن الرئيس السادات لم يخبرها بموعد بدء الحرب، وقالت إن توقيت الحرب كان من الأسرار العسكرية التى لا يمكن أن يقولها ولكن أستطيع أن أقول إننى بدأت أشعر بموعد الحرب من خلال مقابلات السادات للقادة العسكريين، خاصة أنه كان قد حدد من قبل عاما أسماه »عام الحسم«، لكنه لم يحارب بسبب عدم تلقيه الأسلحة الكافية من روسيا، ولذلك تأجلت الحرب مع إسرائيل. فى يوم 5 أكتوبر، قالت: كنت أتمشى فى حديقة المنزل مع الرئيس السادات، وفى أثناء ممارسة رياضة المشي، طلب منى تجهيز حقيبة ملابسه، لأنه مضطر للمبيت خارج المنزل، فى هذه اللحظة أدركت ما الذى يدور فى رأسه، ولم أسأله عن سر مبيته خارج المنزل، احتراما لنفسي، لأننى لو سألته لن يجيب، فأنا أعرف زوجى جيدا، فهو لا يرد على الأسئلة التى لا تعجبه، وقلت فى نفسي: لماذا أحرج نفسى معه؟، لكننى سألته سؤالا واحدا: هل تذهب كريمتنا الصغيرة جيهان إلى المدرسة غدا؟، لحظتها نظر إلى وقال: زيها زى غيرها، ولم يعلق بأكثر من هذا، وبعد كلام كثير قلت له: تعرف لو قدر الله وانهزمنا عارف يا أنور العالم سوف يحترمك.. سيقول هذا القائد حاول، لكنه فشل.. وسيكتب لك شرف المحاولة، فجأة توقف عن المشي.. وقال بصوت واثق: بإذن الله سأنتصر فى الحرب، أنا واثق من الانتصار، وهنا أدركت ثقته بنفسه. وأتذكر استجابتى لرغبته فى عدم المناقشة، لكن سألته: لمدة كام يوم تحتاج ملابسك؟ فأجاب: لمدة أسبوع، وإذا احتجت بعد ذلك سوف أطلب، هنا فهمت أن العملية سوف تطول، ووضعت له الملابس العسكرية وكل ما يلزمه وقبل كل ذلك كتاب الله.
لمزيد من مقالات ماهر مقلد رابط دائم: