رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«التكية المصرية» حكاية ١٥٠ عاما من الدعم الخيرى لحجاج بيت الله الحرام

كتبت ــ د. نعمة الله عبد الرحمن
التكية المصرية.. باب مفتوح للجميع

التكية المصرية بالحجاز أو «المبرة المصرية» كما كان يطلق عليها، هى الموقع الذى كانت تُصَنع فيه الوجبات الغذائية، التى تقدم للحجاج والمعتمرين الوافدين إلى الحرمين الشريفين المكى والنبوى من شتى بقاع العالم الإسلامى. ولكن التكية المصرية فى مكة اختفت إثر هدمها عام 1983، بعد 150 عاما من لعبها دورا محوريا فى تقديم الدعم الخيرى لفقراء المسلمين من الحجاج وغيرهم.

وللحكاية تاريخ…فالتكية المصرية بناها محمد على باشا (1769 ـ 1849)، حاكم مصر عام 1238 هجريا، 1822 ميلاديا فى مكة لخدمة فقراء الحرم المكى من جميع الجنسيات، وذلك عقب دخول جيوشه الأراضى الحجازية عام 1811 ميلاديا. وإبان فترة حكم نجله إبراهيم، أمر بإنشاء «تكية مصرية» أخرى فى المدينة المنورة بمنطقة «المناخة». وكانت «التكية» مزودة بالإعدادات اللازمة من مطابخ وأفران، بجانب المخازن، وكان يرسل لها كميات وفيرة من القمح والأرز واللحوم فضلاً عن رواتب الناظر والعمال القائمين على «التكية». وكانت وزارة الأوقاف المصرية مصدر هذه المصاريف.

وفى عهد محمد سعيد باشا، الذى تولى خلال الفترة بين عامى 1854 و1863، تم تخصيص وقف مستقل بمصر للإنفاق على التكيتين القابعتين بمكة والمدينة، وذلك اعتمادا على إيراد ما يقارب الخمسة آلاف فدان. فزادت كميات الخيرات المرسلة إلى التكيتين. وجاء عهد الخديو إسماعيل، خلال الفترة بين عامى 1863 و1879، فتمت زيادة الأموال والمحاصيل المخصص إرسالها إلى التكيتين. وواصلت النفقات المخصصة الارتفاع، حتى بلغت حوالى 50 ألف جنيه عام 1909. وبعد قيام ثورة 1952، غيرت وزارة الأوقاف مسمى «التكية المصرية» إلى «المبرة المصرية».

أما عن معمارها وهيئتها، فقامت «التكية المصرية» على قطعة أرض بطول 89 مترا وعرض 50 مترا، وكانت مؤلفة من دور واحد. وملحق بالمبنى طاحونة مخصصة لطحن القمح، فضلا عن موقع مخصص لإعداد الطعام وهو «مطبخ» يتسع لتسوية ثمانى قدور عملاقة. وبخلاف المخزن المخصص لاستقبال الخيرات الوافدة من الأراضى المصرية، كانت «التكية» عامرة بحجرات لاستقبال الزوار الراغبين فى قسط من الراحة خلال فترة أداء شعائر الحج، وموقع معد لتقديم الرعاية الطبية لمن تستدعى حالته الصحية شيئا من المتابعة. ومع هذه الخدمات كلها، كان هناك مكان مخصص لإقامة أمير الحج، وآخر لإقامة ناظر التكية.

وكان يدير التكية ناظر مع معاون له، بجانب كاتب القسم العسكرى، وطبيب، وصيدلى، وعدد من الطهاة، والعمال، والسقايين. وكانت «التكية» تقدم حوالى 400 وجبة تزيد إلى 4 آلاف وجبة يوميا فى رمضان. وكانت «التكية» تعد وجهة أساسية للحجاج المصريين كل عام، تقدم لهم الطعام والرعاية الطبية والمأوى طوال فترة الحج.

ومن الطرائف المتعلقة بالتكية المصرية، أن إبراهيم باشا رفعت تولى مراتب «قومندان» المحمل بداية القرن العشرين، قبل أن يصبح «أمير» بعثة الحج ويؤلف كتابه الشهير «ألبوم صور مرآة الحرمين»، وعند وصوله إلى التكية فى إحدى السنوات، اكتشف أن ناظرها لم يصرف وجبات الفقراء طوال فترة اقتربت من 20 يوما .

فقام إبراهيم باشا بإيقاظ الناظر الذى تصادف نومه وقتها، ووبخه مذكرا بدور «التكية» فى دعم الفقراء. ويأمر بعدها بفتح أبواب «التكية» أمام الفقراء، وأشرف بنفسه على إتمام عمليات الطهو وتوزيع الوجبات. وكان الناظر قد دافع عن نفسه، متعللا بانتشار الوباء فى البلاد، مما جعله يغلق أبواب «التكية». ولكن إبراهيم باشا أجاب مؤكدا أن الجوع يقفز بأعداد وفيات الفقراء أكثر من الوباء.


التكية بالمدينة المنورة عام 1908

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق