متعة كرة القدم زائلة إلا أن العنصرية باقية. خسر المنتخب الإنجليزى بطولة كأس الأمم الأوروبية لكن البلاد دخلت فى معركة جديدة أشعلها العنصريون بدعم من سياسيين يمينيين. لايزال القوميون الإنجليز يحلمون بإنجلترا بيضاء لا مكان فيها لأعراق أخرى. لا يفوتون مناسبة، إلا وأهانوا أصحاب البشرة السوداء وحقروا من شأنهم. قبل كل مباراة بالبطولة، اختار لاعبون بالمنتخب الإنجليزى الركوع بركبة واحدة تنديدا بالعنصرية المتفشية فى المجتمع وخاصة ملاعب كرة القدم. فى المباراة النهائية أمام إيطاليا، أطلق مشجعون بيض صيحات الاستهجان ضد اللاعبين ثم استباحوا لأنفسهم سب وقذف وشتيمة اللاعبين السود الذين أضاعوا ضربات الجزاء على مواقع التواصل. بعض السياسيين اليمينيين، اعتبروا ركوع الركبة الواحدة بيانا سياسيا ورفضوا إدانة المشجعين. رئيس الوزراء جونسون لم يكن من المحبذين للركوع. النائب المحافظ لى أندرسون تعهد بعدم مشاهدة مباريات المنتخب.
لكن المجتمع الإنجليزى الحى رد بقوة على هذه العنصرية المقيتة متهما السياسيين بالنفاق وتوفير مجال خصب لها، بدغدغة مشاعر المتطرفين. هناك نقاش سياسى وثقافى واسع النطاق حول مخاطر اندلاع حرب ثقافية بين مكونات المجتمع، الأمر الذى دفع الحكومة للتفكير فى مشروع قانون للإساءات عبر الانترنت يعاقب فيسبوك وتويتر وغيرهما بغرامة تبلغ 25 مليون دولار، أو 10% من إيراداتها السنوية، أيهما أعلى، إذا فشلت فى إزالة المحتوى المسىء فورا.
حركة ركوع الركبة ليست جديدة، بل ترجع للستينيات خلال احتجاجات الحقوق المدنية فى أمريكا ثم عادت 2016، مع قيام بعض لاعبى كرة القدم الأمريكية بأداء الحركة خلال عزف النشيد الوطنى الأمريكى قائلين إنهم لا يمكنهم إظهار الفخر بنشيد أو علم بلد يضطهد السود. وانتشر الأمر فى منتخبات كثيرة كإنجلترا واسكتلندا وويلز والبرتغال وسويسرا. إنها تعبير من اللاعبين الملونين عن مدى استيائهم من معاملتهم بهذا الشكل العنصرى البغيض، لكن الذين يقولون إنهم لا يريدون إدخال السياسة فى الرياضة يرفضون الأمر ويتبنون نظرية المؤامرة. للأسف، يتجاهلون المرض، ويلومون المريض أو الضحية، لذلك تجد العنصرية أرضا خصبة كل يوم، ويزداد العنصريون تبجحا ولا إنسانية.
[email protected]لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام رابط دائم: