يأتى شهر يوليو من كل عام يحمل ذكريات عاطرة للشعب المصرى خاصة والشعوب العربية عامة. فمصر محور الحركة الوطنية العربية مهما تشدقت بغير ذلك أى دولة أو جهة أو منظمة. شهر يوليو يعيد للذاكرة الوطنية حينما تقدمت صفوف المصريين مجموعة من أبنائهم ضباط من القوات المسلحة لتغيير النظام الملكى إلى نظام جمهورى صباح 23 يوليو 1952 ومنذ البيان الأول لقيام حركة الضباط الأحرار بالاستيلاء على مقاليد الأمور فى البلاد التى أدلى بها من الإذاعة المصرية البكباشى (محمد أنور السادات) وتوالت الأحداث وخرج الملك من مصر على يخته (المحروسة) يوم 26 يوليو 1952 متنازلاً عن مُلَكْ مصر لابنه (الرضيع) أحمد فؤاد الثانى وسرعان ما أعُلِنَتْ مصر جمهورية، وألغت النظام الملكى وانتهت بغير رجعة تلك السيطرة الأجنبية على البلاد سواء كان حكماً أو ملكاً، أو حتى اقتصاداً، حتى أوائل الستينيات من القرن الماضى وقادت مصر حركات التحرر الوطنى من الاستعمار فى أرجاء العالم العربى وأفريقيا وحتى أمريكا اللاتينية. كل هذه التطورات التى نقلت مصر من حيز تاريخى إلى حيز تاريخى جديد، لا شك أننا حتى اليوم نجنى ثمار هذه الثورة التى التحم فيها شعب مصر مع مقدمته (رأس الحربة) من أبنائه فى القوات المسلحة، نجنى ثمارها (إيجابياتها وسلبياتها) ومازال الجنى لما زرعناه يتم، ولنا فى تفسير وتحليل سياسات هذا الزمن آراء متباينة!!، إلا أننا لا يمكن أن نختلف على أن مصر عاشت أزهى عصورها الوطنية فى ظل قيادة جمال عبد الناصر منذ عام 1952 وحتى هزيمة يونيو 1967، وكانت القفزة الثانية لشعب مصر للتصحيح بصدور بيان 30 مارس 1968، وإعادة بناء القوات المسلحة المصرية ورفعنا شعار (يد تبنى ويد تحمل السلاح) وفقدنا (جمال عبد الناصر) مساء يوم 28 سبتمبر 1970، وفى أثناء الحرب التى قادتها مصر (حرب الاستنزاف) عقب أسبوع الهزيمة الحزين ظلت تلك الحرب تستنزف العدو الإسرائيلى حتى ظهر يوم 6 أكتوبر 1973، حيث كانت القفزة الثالثة للمصريين جيشا وشعبا، واستطاعت القوات المسلحة المصرية أن تعيد للشعب المصرى بل للأمة العربية كلها الكرامة والعزة التى اهتزت يوم 5 يونيو 1967. وما زال شهر يوليو فى الذاكرة المصرية بكل الإنجازات التى تمت فيه من إعلان الجمهورية إلى خروج الملك يوم 26 منه، إلى مناسبات وطنية أخرى كتأميم قناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية 26 يوليو 1956 ثم بداية الانطلاق إلى بناء السد العالى، ومواجهة ثلاث دول فى أكتوبر 1956، (بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل) وتصدى المصريين، وعلى الجبهة والمواجهة شعب مدينة بورسعيد الباسلة حتى تم جلاء آخر جندى أجنبى شارك فى هذا الهجوم مساء يوم 23 ديسمبر عام 1956 أيضاً . وظل يوليو علامة وطنية فى حياة المصريين بعد الثورة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر بصدور قرارات التأميم لكل ما هو أجنبى فى مصر ومجانية التعليم لكل المصريين, كان يوليو شهرا تظهر فيه نتائج امتحانات كل الشهادات العامة والجامعية, حيث يبدأ الطلاب إما الإقبال على مرحلة جديدة فى التعليم وإما إنهاء دراستهم الجامعية أو المتوسطة والالتحاق بسوق العمل وكان يوليو دائماً بداية شعلة نشاط فى معسكرات بكل المدن المصرية خاصة الساحلية تستقبل الشباب طيلة أشهر الصيف يتلقون المحاضرات ويزاولون أنشطتهم الفنية الرياضية والأدبية تحت إشراف واع وطنى يزيد من الانتماء الوطنى لشباب هذه الأمة المصرية. ويأتى يوليو 2013 لكى تقفز الأمة المصرية قفزة عظيمة إلى ميادين وشوارع مصر, ترفض خطف البلاد ونزع هويتها من جماعة إرهابية منظمة استطاعت أن تسيطر على الحكم , ووقف شعب مصر مناديا رأس الحربة (أبناءه) من القوات المسلحة . لكى يتقدم الصفوف أحد أبنائه من طليعة المجلس العسكرى الفريق أول عبدالفتاح السيسى, لكى يعلن مساء 3 يوليو خريطة الطريق لإعادة صياغة الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية المصرية ويمضى شعب مصر خلف قيادته بكل جسارة وصبر لكى نعيد بناء الوطن, بناء صحيحاً قوياً. ونعيد إلى مصر كرامتها, ونتعفف عما توارثناه فى حقبات زمنية سابقة لاستقبال المنح والمعونات (والتسول )!!، لكى يعتمد شعب مصر على إنتاجه وعلى أبنائه فى أن يكون الشموخ لصيق هذه الأمة منذ نشأتها وإن شاء الله حتى نهاية الحياة على الارض فمصر عظيمة شامخة راسخة قوية بأبنائها.
عاشت مصر حرة مستقلة أبية!!
لمزيد من مقالات د.حماد عبدالله حماد رابط دائم: