لا ينحصر التطرف فى جرائم رفع السلاح ضد أجهزة الدولة والمواطنين، وإنما هذا، مع التقدير للدولة على التصدى له بكل قوة، هو مجرد عَرَض واحد من أعراض التطرف المتعددة التى تضرب فى عمق المجتمع، يقوم بها بعض من يزعمون أنهم يحتكرون مكارم الأخلاق، لمجرد كثرة كلامهم عن صلاتهم وصيامهم، وارتدائهم أزياء لم تعرفها مصر قبل عقود قليلة، واستخدامهم ألفاظًا خاصة فى التحية والمجاملات..إلخ! ورغم غياب السلاح المادى فى ممارساتهم فإنها تتسبب، فى تكرارها بشكل يومي، فى معاناة كثير من المواطنين وضيوف البلاد! وخُذْ، مثلاً، الحادثة القريبة للطالبة حبيبة طارق بجامعة طنطا التى اشتُهِرت بلقب (فتاة الفستان)، وانظر إلى كم التجاوزات فى واقعة لم تستغرق سوى دقائق معدودة، إلا أنها مشحونة بأعراض التطرف التى باتت تُمارَس بجرأة دون أى سند من القانون، بل إنها قد تتعارض مع صريح القانون، وفى كل الأحوال فإنها فى حدها الأدنى تتسم بالغلظة! وقد تسارعت الأخطاء السافرة بدءا من سؤال الطالبة عن ديانتها، وإبداء الاستهجان من ارتدائها لفستان، ووصمها بسوء الخلق، والسخرية منها، والتطاول على الاسكندرانية والطعن فى سلوكهم!
وأيضا العدوان الصارخ، والمدان بالقانون فى كل الأحوال، حيث يقتحم بعض السكان شقة جار أو جارة، وليس لديهم أدنى حجة تضفى على عدوانهم أى مبرر، بأى كلام عن ضجيج أو مناظر خارجة، ويزعمون أنهم يريدون أن يتأكدوا بأنفسهم من الطبيعة القانونية والشرعية بين ساكن الشقة، أو ساكنتها، وبين ضيوفه، أو ضيوفها! وانكشف فى عدة مرات أن المقتحمين يرددون مزاعمهم الأخلاقية ليتستروا على نزاعات مصالح مع ساكن أو ساكنة الشقة! ونتج عن بعض عمليات الاقتحام حالات وفاة زعم المقتحمون بأنها انتحار بسبب خوف الضحية من الفضيحة! أما سر الوفاة الحقيقى فقد دُفِن مع الضحية.
ينبغى علاج منابع هذه الاعتداءات حماية لحقوق المواطنين الدستورية والقانونية، فى حرية العقيدة، وفى حرية الحياة الخاصة، وفى حرمة البيوت، وفى اختيار الزى دون أن يُجبَر مواطنٌ على ما يُرضِى من يفرضون اختياراتهم الشخصية..إلخ.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: