رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لهذه الأسباب يحب المغاربة عميد الأدب العربى

رسالة الرباط ســامى القمحــاوى
> عميد الأدب العربى وزوجته مع قيادات جامعة القرويين بفاس خلال زيارتهما المغرب عام 1958

يحظى عمالقة الفكر والثقافة العربية، على اختلاف جنسياتهم وتنوع إنتاجهم، بحب وتقدير كبيرين من جانب المغاربة، الذين يعشقون القراءة، ومازالت كتب هؤلاء المبدعين تتصدر أرفف المكتبات وأكشاك بيع الصحف فى المدن المغربية، لكن يظل لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين مكان خاص فى قلوب المغاربة، لا ينازعه فيه مفكر آخر، احتله منذ زيارته التاريخية إلى المملكة المغربية خلال الفترة من 24 يونيو إلى 7 يوليو 1958، بدعوة رسمية من حكومتها.  

 وفى كل عام مع حلول ذكرى زيارة عميد الأدب العربى تتسابق الصحف المغربية على نشر ذكريات وطرائف وتفاصيل حول هذه الزيارة، نقلا عن كتب صدرت وجاء ذكر زيارة حسين للمغرب بها، أو تجديدا لما سطره مؤرخون مغاربة حول تلك الزيارة فى حينها أو بعدها بسنوات. 

 السياسة والفكر 

لعل حضور السياسة إلى جانب الفكر والثقافة فى زيارة الدكتور طه حسين إلى المغرب، التى وصل إليها بحرا فى ذلك الصيف من عام 1958 لينزل بميناء طنجة، أحد أسباب تأثيرها العميق فى نفوس المغاربة، حيث استقبله الملك محمـد الخامس استقبالا رسميا بقاعة العرش، وقال له: «إننا والشعب المغربى نذكر دائما مواقفكم فى أيام محنة المغرب، ودفاعكم المجيد عن قضيته، مما كان له أكبر التشجيع لنا على المضى فى كفاحنا إلى النصر». وكان العاهل المغربى يقصد موقف عميد الأدب العربى فى مواجهة فرنسا، والمقالات التى نشرها وهاجم فيها سياساتها بسبب نفيها لملك المغرب فى 20 من أغسطس 1953. وتقديرا لهذه المواقف منح العاهل المغربى الدكتور طه حسين وسام الكفاءة الفكرية، وكان عميد الأدب العربى أول من تقلد هذا الوسام، الذى تم استحداثه عقب استقلال المملكة المغربية قبل عامين من الزيارة.   

 وقد اعتمدت الملفات المنشورة فى عدد من الصحف المغربية حول ذكرى الزيارة هذا العام على مرجعين رئيسيين، أولهما كتاب «ما بعد الأيام»، لمحمد حسن الزيات، وزير خارجية مصر الأسبق وزوج أمينة ابنة طه حسين، والذى خصص فيه فصلا كاملا لزيارة عميد الأدب العربى إلى المغرب، وعلاقته مع الملك محمـد الخامس، وولى عهده مولاى الحسن، الذى أصبح فيما بعد الملك الحسن الثاني. أما الكتاب الثانى فهو للدبلوماسى والمؤرخ المغربى الراحل عبد الهادى التازي، وعنوانه «طه حسين فى المغرب»، وكان قد أصدره بعد مرور 40 عاما على الزيارة.  

 نوادر العميد 

جمعت الملفات المنشورة حول ذكرى زيارة عميد الأدب العربى إلى المملكة المغربية العديد من النوادر، التى حدثت خلال الزيارة، وبعضها يجمع بين الغرابة والطرافة فى آن، ومن هذه النوادر أن طه حسين ومرافقيه توقفوا أمام متجر صغير بقرية فى جبال الأطلس، خلال عودتهم من مدينة فاس إلى الرباط، وتعرف بعض أهل القرية على هوية ضيف المغرب الكبير، وتقدم رجل إلى سكرتير حسين وقال له: «إن الأستاذ لا يعرفنى طبعا.. أنا رجل من عجائز هذه القرية ولكننى أرسلت من هنا برقية إليه فى القاهرة منذ سنين»، وحينها انتبه العميد وقال للرجل أرجو أن تذكرنى ماذا كان موضوع البرقية.. فقال له العجوز المغربي: «كنت قد ألقيت خطابا فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة وقلت إنكم فى مصر تتحدثون عن المشرق العربى كثيرا، ولكنكم يجب أيضا أن تذكروا المغرب العربى وتهتموا ببلاده.. وعندما قرأت تلخيص حديثك هنا فى بعض الصحف التى وصلت إلينا، أرسلت لك برقية أشكرك باسم المغرب العربي».. فقال له عميد الأدب العربي: «نعم نعم أذكر حديثي، وأذكر برقيتك، وأذكر أيضا أنك لم تكتب فيها عنوانك».. فقال العجوز: «لأننى اعتبرت أن البرقية مرسلة إليك منا جميعا فى المغرب العربي».       

 ومن نوادر زيارة طه حسين للمغرب، أنه خلال وجوده فى مدينة فاس أراد زيارة جامعة القرويين، التى تقع وسط المدينة القديمة، وأسر بهذه الرغبة لمرافقيه المغاربة، وطلب منهم عدم إخبار زوجته سوزان، حتى لا تمنعه من هذه الزيارة التى قد تكون مجهدة له وتتطلب سيرا على الأقدام، وحدث ما خشيه العميد، حيث سمعت زوجته وطلبت من المرافقين أخذها إلى الجامعة لتفقد الطريق، وبعدما تعرفت على صعوبته رفضت رفضا قاطعا، وتحولت الزيارة إلى معهد تابع للجامعة وهناك أقيم حفل استقبال رسمى كبير لطه حسين حضره كل أساتذة جامعة القرويين العريقة.  

 حفاوة ولى العهد 

وسام الكفاءة الفكرية، الذى منحه العاهل المغربى الراحل الملك محمـد الخامس لعميد الأدب العربي، لم يكن المظهر الوحيد لحفاوة المغرب الرسمى بزيارة الدكتور طه حسين إلى المغرب، فخلال الزيارة التى شملت مدن الرباط وفاس وتطوان والدار البيضاء، ألقى حسين عددا من المحاضرات، كانت أولاها فى كلية العلوم بجامعة محمـد الخامس فى الرباط، بعنوان «الأدب العربى ومكانته بين الآداب العالمية»، وقد تقدم الحضور خلال هذه الندوة ولى العهد المغربى فى ذلك الوقت الأمير مولاى الحسن، الذى نقل عنه عبد الهادى التازى فى كتابه قوله: «إنه يعتز بأنه أمسى من تلامذة الدكتور طه حسين»،  وذكر أنه أقام حفل استقبال أكاديمى على شرف عميد الأدب العربى فى قصره الخاص بحى السويسي، حيث استقبله بنفسه واصطحبه إلى المائدة، التى جلس إليها معهما رئيس الحكومة فى ذلك الوقت وعدد من أبرز الشخصيات المغربية.  

 وعلى الجانب الفكرى والثقافى يعتبر مؤرخون مغاربة عاصروا زيارة عميد الأدب العربى إلى المملكة المغربية أن تلك الزيارة كان لها أثر كبير على الحركة الفكرية والثقافية المغربية، حيث كان بمثابة الأب الروحى لكل الأدباء المغاربة منذ مطلع الثلاثينيات، وكانوا يتسابقون لقراءة كل ما كتبه منذ ذلك الحين. ومازال عميد الأدب العربى حاضرا بقوة فى قلوب المغاربة.  

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق