رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

‎قمة «بوتين ــ بايدن».. السرعة لا تزيد على الصفر

مها صلاح الدين

«بناءة» ، «مثمرة» و «ذات نبرة إيجابية» كلها صفات حرص كل من الرئيسيين الأمريكى جو بايدن ونظيره الروسى فلاديمير بوتين على تصديرها للإعلام فور انتهاء قمتهم «المينى» فى جنيف الأربعاء الماضى ، على أمل أن تسهم اللهجة المتفائلة فى التأسيس لحقبة جديدة بين الغريمتين الأشهرفى العالم، ولاسيما بعدما تراجعت علاقاتهما الثنائية مؤخرا إلى أدنى مستوياتها منذ انتهاء الحرب الباردة.

‎فالقمة التى لم تتجاوز مدتها ثلاث ساعات ، خلافا لكل التوقعات بما فيها توقعات البيت الأبيض والكرملين نفسيهما، لم تستطع حقا إحراز أى تقدم ملموس فى العلاقات على أرض الواقع سوى الإعلان عن عودة سفيرى البلدين إلى موقعهما مرة أخرى فى موسكو وواشنطن خلال أيام.

‎وهو ما لم ينكره الجانبان, سواء بايدن أو بوتين. فبينما منح الرئيس الأمريكى نفسه مهلة تصل إلى عام كامل لتقييم نتائج مبادرته فى جنيف بشكل حقيقى، وصف الرئيس الروسى المقابلة بأنها كانت «برجماتية»، خلت من مشاعر «الصداقة والحب». وأكد أنه لم يتلق دعوة من الجانب الأمريكى لزيارة واشنطن ، واتبع السلوك ذاته مع بايدن .

‎ولم يكن ذلك خفيا على أحد، فحرص كلا الرئيسين على الظهور بشكل منفصل خلال المؤتمرات الصحفية المعتادة التى تلى تلك النوعية من القمم، ، فضلا عن تفادى تناول وجبة مشتركة معا، يشير إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين لا تزال تنتظر الكثير لتقترب حتى من مستوى الشكل الطبيعى للعلاقات بين الدول.

‎ومع النظر كذلك إلى الملفات الشائكة التى تم التعرض لها على عجالة فى قمة جنيف ، ولا سيما فيما يتعلق بالأمن الإلكتروني وملف حقوق الإنسان، نجد أن تصريحات بوتين اللاحقة جاءت لتؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال تقف فى «المربع صفر» ، إذ واصل الرئيس الروسى إنكار تورط بلاده فى الهجمات الشرسة التى تعرضت لها أمريكا مؤخرا. كما ألمح إلى صعود حركة «حياة السود تهم» واقتحام أنصار الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب للكونجرس فى 6 يناير الماضى ، لدى سؤاله عن وضع حقوق الإنسان فى روسيا وطريقة التعامل مع المعارض إليكسى نافالنى، قائلا إن روسيا لا ترغب فى مواجهة ما واجهته أمريكا فى هذا الصدد، وهو ما دفع بايدن فيما بعد لوصف المقارنة بـ» «السخيفة».

‎لكن ما نجحت واشنطن في تحقيقه باقتدار هذه المرة ، هو إظهار صورة مخالفة تماما لما تم تصديره للعالم قبل أربع سنوات فى هيلسنكى إبان عهد ترامب، عندما ظهر الرئيس الأمريكى السابق أمام عدسات الكاميرا ليرجح كفة نظيره الروسى حول عدم التدخل فى سير الانتخابات الأمريكية عام 2016 ، على حساب النتائج التى خرجت بها وكالات المخابرات الأمريكية. ‎ولعل هذا يفسر إصرار البيت الأبيض تلك المرة على أن يعقد الرئيسان مؤتمراتهما الصحفية عقب القمة بشكل منفصل ، على أن تكون البداية لبوتين ، يليه بايدن.

‎فى الوقت ذاته ، لم يسمح لكلا الجانبين بعقد لقاء منفصل يقتصرعليهما فقط ، بل رافق معاونو بايدن كل لقاءاته مع الوفد الروسى منذ اللحظة الأولى لوصوله إلى جنيف. وهو أيضا ما لم يحدث فى هيلسنكى عام 2018، عندما استبعد ترامب معاونيه من حضور إحدى الجلسات مع بوتين، وقام بمصادرة ملاحظات المترجم فى ختام اللقاء.

‎حتى على صعيد لهجة الإعجاب غير الخفية من ترامب لبوتين، اختلفت لهجة بايدن تماما حيال نظيره الروسى هذه المرة ، حيث منحه قائمة مطولة بالخطوط الحمراء التى تصدرتها الهجمات الإلكترونية الروسية ، واستهدافها لقطاعات الطاقة والاتصالات والأغذية والزراعة والخدمات المالية ، محذرا من أن انتهاك تلك القواعد يتم مواجهته بالقدرات الإليكترونية الكبيرة للولايات المتحدة .

‎فهل تنجح سياسة «العصا والجزرة» التى ينتهجها بايدن مع بوتين فى ترويض الدب الروسى ، أم أن موسكو ستفشل سريعا فى اختبارات «الطاعة» الأمريكية حتى قبل انقضاء المهلة التى حددها الرئيس الأمريكى لنفسه ؟

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق