هذه إشارة صريحة عن أن التفكك الأسرى أحد الأسباب الرئيسية فى دفع الأطفال إلى اللجوء إلى التسول، لأنهم يصيرون صيداً سهلاً لعصابات تستغلهم بعد تدريبهم على التسول، ثم تستولى على إيرادهم مقابل أن توفر لهم المأوى والفتات ليسدوا به الجوع بعد أن تخلت أسرهم عن الواجبات الأولية لأى أسرة تجاه أطفالها مهما بلغ فقرها. وكانت آخر هذه الأخبار عندما تمكنت أجهزة الأمن، الأسبوع الماضى، من ضبط تشكيل عصابى من 3 عاطلين لقيامهم باستغلال الأحداث فى التسول، فى منطقة الساحل بالقاهرة، واعترف المتهمون بنشاطهم الإجرامى وقالوا إنهم يستغلون انفصال الأطفال عن أسرهم وعدم وجود مأوى لهم، وهو ما أكده الأطفال المجنى عليهم.
إضافة لتفاصيل الخبر، ومع التسليم بخطورة عامل الفقر المدقع فى التفكك الأسرى، فمن الوارد أيضاً أن من نتائج بعض النزاعات الأسرية أن يعاند الزوجان ضد بعضهما البعض، إلى حد أن يتنصل كل طرف من مسئوليته تجاه الطفل، وتكون أخطر التبعات فى لفظ الطفل إلى الشارع بعد أن تخلت الأسرة عن الوفاء باحتياجاته الأساسية، ليس فقط من طعام وشراب ورداء، ولكن فى تنشئته على الاعتداد بالنفس وأن يأنف من أن يتمسكن ويمد يده بالسؤال، فيصير عُرضة للجنوح والتسول والاستسلام للعنف ضده وممارسته ضد غيره.
لقد نجحت الدولة فى السنوات القليلة الماضية فى قطع أشواط نوعية فى حل المشكلة بالقضاء على العشوائيات غير الآمنة، حيث أخطر مفرخة لتفكك الأسرة وإهمال الأطفال. مع مراعاة أنها مشكلة قديمة تعقدت من إهمالها طوال عهد مبارك الذى أصرّ على إنكار تفاقمها المخيف أمام عينيه، حتى عندما أعلنت بعض منظمات الأمم المتحدة أن أعداد هؤلاء الأطفال فى مصر تجاوزت المليون، فخرج بعض مساعدى مبارك يدّعون أن العدد لا يتجاوز 10 آلاف، وأن الدولة بصدد حل مشكلتهم جذرياً، واكتفوا بفبركة لقطات خيالية على التليفزيون عن عدد من الأطفال فى ملجأ أجمل من نوادى الأثرياء، يرتدون ملابس أنيقة ويتناولون طعامهم فى مطعم فاخر مع توافر كل اللعب وأجهزة اللاب توب..إلخ.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: