رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لكل منا موسيقاه

كل منا يدندن. تعلق فى ذهنه مقطوعة موسيقية ما تداعب وجدانه وتسمح له بالانشراح. وكل قطعة ولها وقتها. الطبيب فى غرفة العمليات وعامل البناء فى قلب شقائه، والبعض اثناء ترتيب غرفته وغيرها. لكل منا وقته الخاص الذى يتنغم فيه ويتغير التوقيت طوال الوقت. والدندنة تعنى أننا منسجمون. وتعنى كذلك أننا نلجأ للموسيقى لكى تصبح أمزجتنا رائقة.

للموسيقى تأثير ضخم على البشر عبر الثقافات المتنوعة.الفنون عموما تسهم فى تكويننا وتطورنا. أنها تصنع تركيبتنا كبشر. وكلها مفيدة للصحة والصحة العقلية على وجه الخصوص. الفنون المرئية والدراما والأدب والموسيقى. كلها تجعلنا نشعر وتوفر المعنى وتحفز التفكير وتجمعنا معًا. بالنسبة للموسيقى فالطريقة التى يتم بها بناء أدمغتنا تستجيب لها، وهذا على الأرجح أحد الأسباب الرئيسية لعالميتها. أظهرت الأبحاث أن المقياس الخماسى فى جميع الثقافات هو وسيلة لتنسيق التواصل بين الرضع والأمهات.

ووجد الباحثون أننا منجذبون إلى فترات زمنية معينة من النغمات (نغمتان يتم عزفهما معًا أو بالتسلسل) لأنها تشبه الكلام. ويعزز ذلك ايضا حقيقة أن الموسيقى تجعلنا نشعر بمشاعر معينة وتؤثر علينا بطرق مميزة. وهى لا تجعلنا نشعر بالسعادة أو الحزن أو الرغبة فى الرقص فحسب، ولكن بعض الألحان تربطنا بذاكرتنا. فعندما تسمع نغمة من مشهد فى أحد أفلامك المفضلة، فإنها تعيدك على الفور إلى نفس الشعور الذى كان ينتابك اثناء هذه اللحظة. أو عندما تتذكر أغنية قديمة سمعتها مع أول حب لك، فإنها تعيدك الى نفس الشعور رغم انتهاء العلاقة. الموسيقى أيضا وسيلة علاج، وتساعد على تقليل القلق والاكتئاب والذهان والتوتر.من خلال مكوناتها مثل الإيقاع واللحن والخلفية وغيرها. وتأثير كل آلة بشكل مختلف علينا، وتأثير كل طريقة عزف على كل منا بشكل مغاير.

لكن الأمر لا يقتصر على العلاج النفسى فقط. فقد ثبت علميا أن الموسيقى تقلل الألم ، بل إنها لها تأثير إيجابى على أصحاب أمراض السكتة الدماغية والخرف والزهايمر، فتنجح الموسيقى دائما فى تحسين حالتهم المزاجية واستعادة ذكرياتهم وتحسين عمليات التفكير لديهم.. وتظهر الدراسات أن الموسيقى تسهم أيضا فى عمليات التعلم. والمثال الشهير تعلم الأبجدية .فالجمع بين الأغنية وحروف الأبجدية يعزز الحفظ. وقد استخدمت البرامج التليفزيونية الموسيقى لسنوات طويلة لمساعدة الأطفال على تعلم الألوان والأرقام والمواد المهمة الأخرى. وبالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، فإن الجمع بين الإيقاع الموسيقى وطبقة الصوت يقوى التركيز والذاكرة.

وكذلك تساعد الموسيقى المراهقين كجزء لا يتجزأ من نموهم وتغيراتهم المستمرة. فهى تساعدهم على اكتشاف ذواتهم وهوياتهم الفردية والجماعية. سواء كانت موسيقى الراب، أو الهيب هوب أو البوب، أو البلو جراس وغيرها، كل منها يساعد مراهقا ما. ويحتاج الأطفال من جميع الأعمار إلى منفذ للتعبير عن الذات.والموسيقى تلعب هذا الدور فى حياتهم. وفى حين أن الكثير منهم يتخلى عن دروس تعلم الموسيقى بعد فترة قصيرة، لكن معظمهم يأسف للتخلى عن ذلك فى وقت لاحق عندما يكبرون. لذا من المهم جدا ان تعوض المدارس ذلك بمشاركة الأطفال فى كورال او نشاط مسرحى به موسيقي.لان ذلك قد يكون منفذًا آخر للتعبير عن الذات والمشاركة المجتمعية.

إلى جانب الفرد ، تلعب الموسيقى دورًا حيويًا فى المجتمع وفى التغيير الاجتماعي. مثل الأغانى المرتبطة بالاعياد مثل عيد الفطر او رمضان او تربطنا بالانتصارات الوطنية مثل حرب أكتوبر وغيرها. وموسيقى أعياد الميلاد وحفلات الزفاف. كلها تؤثر فينا بشكل كبير. وتقترن دائمًا القوة والقدرة على تغيير أنفسنا وتغيير العالم بموسيقى تصويرية من نوع أو آخر.عد إلى المناسبات العائلية أو قصص الحب أو عندما تشجع فريقك المفضل. فى كل هذه الاحوال، تنجح الموسيقى فى تعظيم التواصل. نشوة الحفلة الموسيقية ليست مجرد السماع لموسيقى رائعة. فى الواقع، أحيانا بسبب الضجيج والازدحام لا نستطيع سماع الموسيقى بشكل جيد، لكننا نشعر بالتوحد مع زملاء الحفل. وقد يكون ما يوحدنا من خلال الموسيقى يربطنا أيضًا بشيء أكبر من أنفسنا وهذا يساعدنا على الشعور بأننا جزء من شيء كبير ما ورائى وكوني. لذا لابد ان نستمع الى الموسيقى كطقس يومى مثل الطعام والصلاة وعلاقات الاسرة. سماع الموسيقى سيجعلك تشعر بإنسانيتك. يقول موسيقى الروك الأشهر جيمى هندريكس: الموسيقى لا تكذب. إذا كان هناك شيء ما يجب تغييره فى هذا العالم، فلا يمكن أن يحدث إلا من خلال الموسيقي.


لمزيد من مقالات د. أحمد عاطف دره

رابط دائم: