رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إثيوبيا تغزو نفسها!

تخوض إثيوبيا فى بحار الدم على نحو لا يصدق، تنخرط حكومة آبى أحمد - ومن خلفه قومية الأمهرة- فى مذابح دموية، ضد العرقيات الأخرى، وكأن إثيوبيا تغزو نفسها، بارتكابها الفظائع ضد مكوناتها الإثنية، أبرز مثال على ذلك، الحرب فى تيجراى شمال البلاد، اقترفت القوات الإثيوبية المدعومة من القوات الإريترية جرائم ضد الإنسانية: قتل وتنكيل واغتصاب وتجويع على نحو لا يصدق، وفقا لتقارير المنظمات الدولية، ما اضطر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى إلى فرض عقوبات على حكومة آبى أحمد، الحائز على (نوبل للسلام).

وبدلا من عقد مصالحة داخلية، يجرى الرجل إلى الأمام بمزيد من عمليات القتل والتشريد ضد الفسيفساء الإثيوبية، بعدما عجز عن طرد القوات الإريترية التى استدعاها كى تقتل شعبه وتقتطع جزءا من أرضه؛ فالغاية تبرر الوسيلة لدى آبى أحمد، والدم المتدفق على وجه إثيوبيا، ينذر بإشعال برميل بارود القرن الإفريقي، يصب آبى أحمد بعناده وأوهامه الاستبدادية الزيت على النار، وهو عازم على إجراء انتخابات صورية تبقيه فى الحكم، وتزيد بلاده انقساما وتشرذما، فلطالما ظلت إثيوبيا أرضا للحروب الأهلية التى لا تنطفئ. وقد يسأل أحدهم، عن سر التغافل أو التواطؤ الدولى عما يجري؛ لاسيما إذا علمنا أن قوات إثيوبية اقتحمت معسكرات لاجئى تيجراي، مؤخرا، واقتادتهم إلى الهلاك، بل أطلقت النار على موظفى منظمات الإغاثة العالمية، بما ينهض دليلا على أن النظام الدولى أكثر هشاشة وفجورا وانحيازا من ربيبه النظام الإثيوبى الذى يؤدى دورا وظيفيا مرسوما بعناية فى هذا السياق. تزدرى إثيوبيا القانون الدولي، يوغل أبى أحمد فى دماء بنى جلدته، يسوق الإقليم إلى صراعات كارثية، بالإصرار على الملء الثانى لسد الخراب (النهضة) دون اتفاق، وفرض الأمر الواقع على مصر والسودان، بما يهدد مصدر الحياة والاقتصاد والعمران فيهما؛ النيل أكثر من مجرد فالق جغرافى مائي، إنه مجرى حياة ووجود، يشكّل معنى وجود الأمة المصرية- السودانية. يدرك الإثيوبى ذلك لذا يواصل الغطرسة، سعيا لتركيع دولتى المصب؛ معظم مراكز الأبحاث وخبراء إدارة الأزمات يبدون تشاؤما إزاء انصياع إثيوبيا لصوت العقل والوصول لحل متوازن يكفل مصلحة جميع الأطراف، ورجحوا حتمية المواجهة، وقالوا إنها لن تكون أزمة عابرة، بل ممتدة. وفى حين أكد مسئول سودانى أن إثيوبيا بدأت الملء الثاني، أنكر سيلشى بيكيلى وزير الرى الإثيوبى الأمر، فى تكرار مراوغ لسيناريو الملء الأول، وقد أصدر حزب الازدهار الحاكم بيانا أكد فيه عدم رضوخ إثيوبيا للضغوط، وأنها لن تفقد مصالحها بالقوة أو بالدبلوماسية.

تدوس إثيوبيا حقوق الإنسان السودانى والمصري، مثلما انتهكت حقوق شعوب الدول المجاورة كالصومال وكينيا، بإقامة سدود على روافد الأنهار المشتركة معها، بل إن إثيوبيا تقتل أبناءها التيجراى والأورومو وغيرهما، لذا لايمكن الوثوق بأى حال بالإثيوبيين، إنهم ملوك الأكاذيب والمراوغة، وينبغى التصدى لمخططات الهيمنة الإثيوبية المدعومة من قوى إقليمية ودولية، بكل الطرق والوسائل، ومن الخطأ- بل الخطيئة الاستراتيجية- أن يتوهم أحدهم ضعف الموقف المصرى والسوداني، فالطرفان يحوزان من الأوراق ما يمكنهما من الحفاظ على أمنهما المائي- ومن ثمّ السياسى والاقتصادى والاجتماعي- بدءا من الاتفاقيات التاريخية إلى الأدوات الخشنة الغاشمة، لقد نقضت إثيوبيا المادة الثالثة من بروتوكول أبريل 1891و المادتين الأولى والثالثة باتفاقية 1902 التى تعهدت بموجبها بألا تقيم على فروع عطبرة أو النيل الأزرق أى منشآت تؤثر على جريان مياهه، دون إذن من السودان وبريطانيا، مقابل استيلائها على إقليم بنى شنقول السودانى المقام عليه (سد النهضة). ولأن اتفاقيات الحدود لا تسقط بالتقادم فأولى الخطوات هى استعادة (بنى شنقول)، للسيادة السودانية والتحكم الكامل فى السد وتعديل مواصفاته، ولا مانع من تزويد إثيوبيا بالكهرباء من خلاله وتعويضها عما أنفقت فى بنائه. إن أكبر ثغرة يمكن للسودان ومصر أن تنفذا منها إلى أهدافهما هى الغرور الإثيوبي، إنه أكبر مما تسمح به حقائق القوة المتاحة لهم، والنظام الدولى لا يحترم إلا لغة الأقوياء الذين يفرضون إرادتهم، ولا يسمحون بتهديد لمصالحهم الحيوية، وعلى دولتى المصب ألا تنشغلا بالتحذيرات الأمريكية والأوروبية بهذا الشأن، فأين كانت الولايات المتحدة، عندما وقعت مصر (اتفاق واشنطن) وانسحبت إثيوبيا، أحيانا تكون فواتير الدم أرخص التكاليف، كما أن القاهرة نجحت فى إعادة نحت دورها فى الشرق الأوسط وحوض النيل وشرق المتوسط، مستعيدة حضورها كقوة فاعلة إقليميا ودوليا.

[email protected]
لمزيد من مقالات د. محمد حسين أبوالحسن

رابط دائم: