رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رفقا بهؤلاء .. فهم ضعفاء

منذ أيام قلائل، وعلى بعد مسافة قصيرة من منزلى، وقع حادث كبير، خلف وراءه إصابة خطيرة جدا لشاب كان يقود إحدى السيارات التى تعرضت للحادث، ولأن إصاباته كانت خطيرة للوهلة الأولى، انتظر الناس سيارة الإسعاف، التى حملته لأقرب مستشفى وكان خاصا.

كنت أقطع الطريق لمنزلى بعد الحادث بعدة ساعات، فاستوقفنى عدد من الجيران، يتكلمون عن الحادث، ويتشاورون فيما بينهم، كيف يجمعون أى مبلغ من المال، لإيداعه المستشفى الذى يعالج الشاب المٌصاب، لأن كلفة علاجه فى ساعات قليلة تخطت حاجز الـ 100 ألف جنيه، وهو رقم كبير جدا، ظروف الشاب الأسرية البسيطة لا تمكن من دفعها. فهو يعمل على السيارة التى هشمها الحادث، لمساعدة أبيه المريض على نفقات الأسرة، وكذلك على نفقات علاجه، ومع انتشار جروبات الواتس آب، وجدت حالة من النشاط والحيوية بخصوص حالة الشاب المصاب، لا أعرف كم تم جمعه من المال مساهمة فى علاجه، شفاه الله وعافاه، ولكنى توقفت عند عدة نقاط، رأيت أن نتشارك فيها، حتى تعم الفائدة.

أولا، انتشار حالات التكافل الاجتماعى، ليس بسبب ما فعله الجيران فقط، وإنما نجده واضحا تماماً، فيما يتم جمعه من تبرعات على مستوى المواطنين، قٌدرت بعشرات المليارات سنوياً، وذلك نتيجة رغبة مؤكدة فى مساعدة المحتاجين .

ثانيا، أضحت وسائل التواصل الاجتماعى قوية لدرجة لم تكن فى الحسبان وقت نشأتها، فقد دلت على حالة الشاب المرضية، وكذلك الاجتماعية، مما يسر الوصول له والتعامل التكافلى مع حالته. ومع ذلك لم تتمكن أى من الجهات الرسمية من تقديم المساعدة للشاب، رغم قدرتها بما تملكه من سلطات للتأكد من صدق البيانات المتداولة.

ثالثا، لم نسمع عن وصول مساعدات من أى جهة تجمع تبرعات من الناس، نشاهد حملاتها الإعلانية تحاصرنا من كل صوب وحدب على مدار الساعة، فمثل تلك الحالة تحتاج للدعم و التكاتف وقد تكون الأٌولى من حالات أخرى.

رابعا، ما يدفعه المواطنون طوال العام من تبرعات وزكاة مال وصدقات، قد يتخطى حاجز الـ 100 مليار جنيه، يدفعها تقرباً لله، وتلك الحالة و أشباهها تجوز عليها الإنفاق فى سبيل الله، بل من المؤكد أن أجرها كبير، لأن هذا الشاب المصاب فى أقصى حالات الضعف وقلة الحيلة، وهنا أٌذكر حضراتكم بأمر مهم، وهو الحديث الشريف لسيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم، عن من قام واجتهد لسقاية كلب كاد يموت من العطش، فكان جزاؤه الجنة، إنسان أنقذ حيوانا من الموت وكان به رحيما، جزاه الرحمن الرحيم بدخول الجنة، فما بالنا بمن يرحم إنسانا وينقذ حياته، فبما سيجزيه الله؟

هذا عن الجانب التكافلى والإنسانى للمواطن، وهو جانب رائع لا شك فى ذلك، ولكنى هنا أعرج على جانب آخر أراه أكثر أهمية، يتعلق بدور الدولة، التى أظهرت أهمية مبهرة بكل مواطنيها خاصة الضعفاء، وقدمت لهم كل وسائل الرعاية الصحية وأيضا الاجتماعية، ولم تٌقصر فى حقوقهم. فعالجت الناس من فيروس سى، وشاهدنا جميعا المبادرات الرئاسية المختلفة لعلاج جميع فئات المجتمع، ومنها من يعمل على الاكتشاف المبكر للأورام من أجل علاجها، كل ذلك وأكثر دون مقابل، فهو اهتمام جعلته الدولة حقاً عليها وشرعت فى تنفيذه.

وكذلك شاهدنا جميعا مبادرة «حياة كريمة» التى تتكلف مئات المليارات من الجنيهات، لتوفر لأهلنا الرعاية الاجتماعية والصحية والبيئية، ولم تترك بقعة فى أرض مصر إلا وخططت للوصول لها. تأكيداً على بسط يد الرعاية والحماية لكل المواطنين. وقد أكدت أزمة كورونا التى جاحت العالم، أن الدولة قادرة اقتصاديا ومن ثم اجتماعيا وصحيا على رعاية أبنائها بما يليق بمكانتها التى تستعيدها على المستوى الإقليمى والدولى، ومكانة أبنائها، أحفاد صٌناع الحضارة، التى علمت البشرية.

ورغم ذلك، ما زالت البيروقراطية القاتلة، تقف ليس فقط حجر عثرة، بل سدا منيعا ، يقطع الطريق أمام مساعدة الشاب السابق الإشارة له. لذلك أعيد طرح ذلك التصور، كل المواطنين ترعاهم الدولة بأشكال مختلفة، منهم من يجد الرعاية بحسب قدرته المالية، أو بحسب جهة عمله، أو بوجود تأمين صحى يخضع له، وحتى غير الخاضع للرعاية تكفله الدولة من خلال قرارات العلاج على نفقتها.

لذلك أتمنى أن تجد تلك الحالة وأشباهها، ممن يحتاجون للرعاية ومن ثم لنفقات العلاج، ليد العون من الحكومة، من خلال البحث عن آلية تضمن وصول المساعدة فى وقتها، وذلك من خلال إبلاغ الحكومة لكل المستشفيات بقبول كل الحالات الطارئة والبدء فورا فى علاجها.

مع إبلاغ إدارة معينة بقدوم هذه الحالات، ومن ثم ذهاب أحد المختصين للمستشفى لمتابعة الحالة والتأكد من سلامة الإجراءات، ثم إرسال حساب المستشفى تالياً. كل ما فى الأمر أننا عكسنا الإجراءات، من خلال علاج الحالة أولاً، بدلاً من عرض الحالة على الجهات المختصة، ثم صدرور قرار العلاج على نفقة الدولة.

وأثق أن تلك الفكرة ستجد من يهتم بها ويرعاها، ليكون سبباً فى الترفق بالضعفاء وإنقاذ حياتهم.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: