رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

روسيا.. ‬واحتمالات‭ ‬صراع‭ ‬جديد‭ ‬حول‭ ‬القطب‭ ‬الشمالى

رسالة موسكو د. سامى عمارة
مساع روسية للتوسع فى منطقة القطب الشمالى

بوادر صراع جديد في الأفق بين روسيا والولايات المتحدة، تضيف أبعادا جديدة إلى الخلافات القائمة بين البلدين، منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في فبراير 2014. فبينما يؤكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده سوف تتوسع في منطقة القطب الشمالي خلال العقود القليلة القادمة، مؤكدا اهتمام بلاده بما تملكه هذه المنطقة من ثروات طبيعية تعتبرها روسيا إرثا تاريخيا لها يرتبط بتاريخ سيبيريا والامبراطورية الروسية، تتناقل الوكالات العالمية ما أعرب عنه انتوني بلينكين وزير الخارجية الأمريكية من قلق وغضب تجاه ما وصفه بـ « عسكرة روسيا للمنطقة»، وطرحها لـ «ادعاءات بحرية غير قانونية» في إشارة إلى ما تؤكده موسكو حول ملكيتها لمساحات كبيرة في هذه المنطقة. وفيما حذر بلينكين في حديثه في اجتماع مجلس بلدان القطب الشمالي الذي عُقِدَ في ريكيافيك خلال الأيام القليلة الماضية من احتمالات ظهور ساحة لصراع جديد في هذه المنطقة، كشف عن رفضه لما اقترحه الوفد الروسي حول التعاون العسكري هناك. وكانت قناة CNN الأمريكية أشارت إلى «أن روسيا تزيد من وجودها العسكري غير المسبوق في القطب الشمالي وتقوم بتجارب أحدث الأسلحة هناك. ونشرت صورًا للأقمار الصناعية، وقالت إنه يفهم منها أن روسيا تحصن المطارات والقواعد العسكرية على شواطئ القطب الشمالي، كما أنها تقوم بدفع الجديد من المعدات العسكرية والمقاتلين إلى المنطقة».

وكان الرئيس بوتين أعرب خلال الأيام القليلة الماضية عن دهشته إزاء ما صدر من «البعض»(في إشارة إلى المصادر الأمريكية) عن عدم عدالة امتلاك روسيا بمفردها للثروات الطبيعية في منطقة سيبيريا، مؤكدا أن هذه المنطقة كانت على مر قرون طويلة تابعة للإمبراطورية الروسية، وبعدها الاتحاد السوفييتي الذي كان عمليا هو «روسيا التاريخية» وهو تصريح «فضفاض» قد يثير حفيظة بعض جمهوريات الفضاء السوفييتي السابق كما سبق وحدق مع قزخستان في عام 2014. وقال بوتين أن هناك من يريد أن يقضم بعضا من أراضينا، لكن على كل من يفكر في أن يفعل ذلك، أن يعرف أننا سوف نكسر أسنانه». ومضى الرئيس الروسي ليؤكد أن بلاده تملك القدرات العسكرية للقيام بذلك، وما بلغته مستوى وقدرات يبدو دليلا على ما يقول. وإذا تذكرنا ما سبق وقاله حول «أن من يفكر في التطاول على وحدة أراضي بلاده، سيظل يندم أبد الدهر على مجرد إقدامه على مثل هذا التفكير»، فإننا نكون أمام مفردات جديدة للخطاب الرسمي الروسي تشي باحتمالات تحول قد يشهد العالم ما يماثله على الصعيد العملي.   

وكانت روسيا وبعد الحديث عن الطريق البحري الشمالي، وتأكيد الأوساط الروسية الرسمية والشعبية لضرورته كأحد بدائل قناة السويس لحركة الملاحة الدولية، أعلنت عن شديد اهتمامها بضم مساحات جديدة من القطب الشمالي في اجزائه بقاع المحيط المتجمد في هذه المنطقة. وقالت المصادر الروسية أن موسكو تقدمت بطلب رسمي إلى الأمم المتحدة لضم مساحات إضافية من قاع المحيط المتجمد الشمالي واعتبارها أرضا روسية، وهي التي تعتبر أكبر دولة في العالم من حيث المساحة الجغرافية التي تبلغ ما يزيد عن 17 مليون كم مربع، أي بما يزيد عن مساحة كل أوروبا التي لا تزيد مساحتها عن عشرة ملايين كم مربع.

 وكانت روسيا سبق وتقدمت بطلب مماثل إلى الأمم المتحدة في عام 2015 لزيادة مساحة الجرف القاري الروسي في القطب الشمالي بمقدار مليون و191 ألف كيلومتر مربع داخل المثلث الافتراضي (مورمانسك -القطب الشمالي – تشوكوتكا). ونشرت «كومسومولسكايا برافدا» بهذا الصدد مقالا كشفت فيه عن ان موسكو تواصل جهودها الرامية الى توسيع ملكيتها الجغرافية في هذه المنطقة وقالت انه « ريثما تدرس الأمم المتحدة هذا الطلب، فإن موسكو لم تغفل ضرورة متابعة الأمر، حيث قدمت، في 31 مارس من هذا العام طلبا إضافيا إلى لجنة الأمم المتحدة حول حدود الجرف القاري لحيازة 705000 كيلومتر مربع من قاع المحيط بالقرب من القطب الشمالي، بما يزيد عن ضعفي مساحة المانيا الاتحادية. وكدليل على تبعيته للأراضي الروسية، قدمت نتائج الدراسات الجيوفيزيائية والجيولوجية، التي تؤكد أن هذه المناطق «استمرار» طبيعي للجرف القاري الروسي. وننقل عن اندريه بارانوف معلق الصحيفة الروسية ما قاله حول الصراع الخطير الذي تدور رحاه حول ثروات المنطقة بين الدول المتاخمة للمنطقة القطبية، وهي وبالإضافة إلى روسيا، كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والنرويج والدنمارك التي تمتلك جرينلاند. وأضاف بارانوف «أن الجليد بدأ يذوب بدرجة كثيفة في القطب الشمالي، ما يجعل الاحتياطيات الهائلة من النفط والغاز الكامنة هناك تحت قاع المحيط قابلة للاستخدام». غير ان قائمة الدول التي تبدى قدرا كبيرا من الاهتمام بالقطب الشمالي لا تقتصر على تلك البلدان المشار إليها عاليه، بل وتضم أيضا الصين بكل قدراتها وامكانياتها ومنها العسكرية. وكانت المنطقة شهدت عددا من المحاولات الرامية إلى بسط هيمنة تلك الدول واثبات احقيتها فيما تحتويه من ثروات نفطية وغاز طبيعي تبلغ في مجملها ما يتراوح من 16 إلى 26 % من احتياطي الموارد غير المكتشفة على وجه الأرض. وفي هذا الصدد تعمل روسيا من اجل تطوير اكتشافاتها في هذه المنطقة من خلال ما تملكه من تكنولوجيا متطورة ومعدات جرى اعدادها خصيصا لمواجهة الظروف المناخية إلى جانب الغواصات ذاتية القيادة للمحيط المتجمد الشمالي. وتأكيدا لأحقيتها ومشروعة تبعية هذه المناطق داخل حدودها، نجحت روسيا في إرسال غواصتين صغيرتين على عمق 4.200 متر من سطح القطب الشمالي، لنصب عَلَمها في قاع المحيط من التيتانيوم المقاوم للصدأ، في خطوة وصفها بعض المراقبين الأجانب بانها «خطيرة واستفزازية». وكان الرئيس فلاديمير بوتين سبق وأعلن اهتمام بلاده بهذه المنطقة فيما قرر تخصيص نسبة كبيرة تبلغ 10% من الاستثمارات الحكومية الروسية في منطقة القطب الشمالي. ونشرت صحيفة «كومسومولسكايا برافد» تصريحات اركادي تشيكوف نائب مدير معهد الجغرافيا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، التي قال فيها: «لقد حققنا نجاحا عمليا في هذه اللجنة، فبناء على قرارها كف جرف كامتشاتكا في بحر أوخوتسك عن كونه مياها دولية، في حين كان العالم كله قد ألف الذهاب إلى هناك كما لو إلى سوقٍ لصيد أسماكنا. توجد هناك أيضا رواسب هيدروكربونية. وننتظر قرارا مماثلا بشأن الجرف القطبي الشمالي. الآن، بعدما أجرينا عشرات الرحلات الاستكشافية، وقمنا بإجراء جميع القياسات اللازمة للأعماق، وأخذ عينات من رواسب القاع، والقياسات، والبحث، تبدو أسس مطالبنا جدية. لذلك، أتوقع قرارا إيجابيا في غضون عدة أشهر». وتقول المصادر الروسية إن هذه المحاولات تأتي تطويرا منذ ما يزيد عن 300 عام لتاريخ الاسلاف من قياصرة روسيا الذين يعتبرون الأقدم من حيث تاريخ اهتمامهم بهذه المناطق القطبية التي اعتبروها جزءا من نظرة روسيا العالمية ومن هوية شعبها القادر تاريخيا على العيش في المناخات القاسية الباردة، ونظرا لوقوع خُمس الأراضي الروسية ونحو 90% من احتياطاتها الهيدروكربونية المستقبلية داخل الدائرة القطبية، وفي ظل وجود مليوني روسي يعيشون داخل الدائرة المتجمدة وهو أكثر من نصف عدد سكان العالم في هذه المنطقة، ومع كون ما يقرب من 22% من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا يتم الحصول عليه من حقول النفط والغاز في المنطقة الواقعة فوق الدائرة القطبية الشمالية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق