رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هل الديمقراطية هى سبب تقدم الأمم؟

اذا وجهنا هذا السؤال لأساتذة العلوم السياسية لقدموا لنا روشتة التقدم مسترشدين بالنموذج الاوروبى وهو فصل الدين عن الدولة، وحرية الإبداع والثورة الصناعية والديمقراطية، وعلى العكس يعدد جهابزة آخرون تشخيصا لتخلف دول ثانية بانه الزيادة السكانية المطردة بمتواليات هندسية لايمكن السيطرة عليها والديكتاتورية والجهل. ولكن هل هذه الوصفات دقيقة ويمكن تطبيقها على الجميع وتعطى نفس النتيجة دون اختلاف، وهل لا توجد روشتات اخرى؟. بالتأكيد هناك وصفات كثيرة مختلفة ومتنوعة ومع التسليم بالنموذج الاوروبى فهناك نماذج أخرى أكثر إبهارا وبقفزات سريعة؟.

ويمكننا تقديم نموذجين مختلفين لأمتين نهضتا وتفوقتا فى وقت قياسى وليس فيهما أى شىء من روشتة اساتذة العلوم السياسية فليس فيهما ديمقراطية ولا موارد طبيعية وكلتاهما تضم اعراقا مختلفة، وكان هذا عنصر قوة وليس عنصر ضعف، الاولى هى الصين أكبر دول العالم سكانا وطبقا لتوصيفات العلماء مع عدد سكان مليار وستمائة ألف سيطحنهم الجوع والفقر، ولكن تجربتها الفريدة حولتها من أمة مفككة الى أمة قوية رغم اختلاف اعراق سكانها وديانتهم، فقد جاءت الثورة الثقافية التى قادها ماو تسى تونج لتصهر هذا الشعب فى بوتقة واحدة ويتغلب على الفوارق الاجتماعية، ثم أكمل دينج هسياو بنج المسيرة بمخطط عظيم لتطوير الصين وانفتاحها على العالم مع احتفاظها بنموذج متفرد لحزب شيوعى منفتح وسلمت بأهمية تعدد السياسات الاقتصادية تبعا لأقاليمها المختلفة، فهى فى هونج كونج ومكاو شديدة الانفتاح اقتصاديا، واستفادت الصين من كثرتها العددية فى توطين الصناعات الصغيرة والعائلية التى تصنع اجزاء صغيرة من السلع تتوافق مع اجزاء أخرى تصنعها قرى ثانية وبتجميعها يصبح منتجا كبيرا واجتذبت المصانع من الخارج والمعرفة لرخص الايدى العاملة مما أدى الى رخص المنتج النهائى، وعلى التوازى توسعت الصين فى صناعاتها المدنية والعسكرية وأبحاث الفضاء مما يضعها فى المرتبة الثانية فى ترتيب الدول عالميا وقريبا ستتقدم على الولايات المتحدة وتحتل المرتبة الاولى عالميا، وقد يفسر ذلك الحرب الاقتصادية الشعواء التى شنها عليهم ترامب فى محاولة فاشلة لتحجيم الصين . اما الدولة الثانية فهى سنغافورة أصغر دولة من حيث الحجم (نصف مساحة البحرين وعشر مساحة دبي) ولا تملك اى موارد طبيعية أو ثروات، وكانت فى حالة فقر مدقع وغابات مهملة فتحولت الى أعلى دولة فى مستوى دخل الفرد ( تعدى 30 ألف دولار ) وهى أيضا تتكون من 3 اعراق رئيسية هى الصينيون 75%، والملايو 15%، والهنود 8%، وكان بينهم صراعات عنيفة حتى تولى الحكم لى كوان الذى حكم سنغافورة لمدة 30عاما متتالية بسياسة القبضة الحديدية وفرض قوانين صارمة على حرية التعبير وتولى ابنه الحكم بعد فترة وجيزة . قد وضع كوان خطوطا عامة لحكمة أهمها: إعطاء الاهمية الاولى والاساسية للتعليم، والاستفادة من القدرات البشرية. إيلاء السياحة عناية خاصة. اختيار الكفاءات وليس الاقدميات. طبق نظام الخدمة المدنية من 8 إلى 10 سنوات. اسس هيئة التنمية الاقتصادية لتكون هى الجهة الوحيدة التى يتعامل معها المستثمرون.. اتبع سياسة الحياد وعدم الانحياز. ومن أقواله: اصنعوا الانسان قبل اى شىء وأمنوا له المرافق والخدمات، ثم اجعلوه يستخدمها بطريقة حضارية ونظيفة واهتموا بالتفاصيل الحياتية اليومية. ومن أقواله أيضا: لا أعتقد ان طريق الديمقراطية تؤدى الى التنمية بل أرى ان البلد يحتاج الى النظام اكثر من الديمقراطية. ونتيجة لسياساته الحكيمة فقد ارتفع مستوى الدخل الى 30 ألف دولار للفرد. والى حد ما فإن التجربة الماليزية تشابهت مع التجربة السنغافورية. ويرى الكثيرون ان دولة مثل الصين لو كانت قد طبقت الديمقراطية بالطريقة الغربية لكانت قد تفتت الى دويلات صغيرة متنافرة تعانى الفقر والعوز، ولننظرالى دول كالعراق وافغانستان وليبيا والتى حاولت الولايات المتحدة فرض الديمقراطية عليها بالقوة كيف اصبحت فى دمار وفوضى هائلة، ولا توجد هناك أى بادرة لتعود كما كانت، بل أصبحت ملاذا للجماعات الإرهابية ووكرا للجريمة.

> مساعد وزير الخارجية الأسبق


لمزيد من مقالات سفير . أسامة توفيق بدر

رابط دائم: