رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إصلاح الشرطة الأمريكية

للشرطة هدفان : توفير الأمن والاستقرار للمواطنين بمنع وقوع الجرائم وحماية الأفراد والممتلكات، كملاحقة المنحرفين للتحقيق والإحالة للتقاضى، استجد عليهما هدف ثالث هو المشاركة المجتمعية لتوطيد علاقات جيدة مع الشعب. أثبت بحث للمعهد الدولى للشرطة أن نجاحها يرتبط بمدى الوئام والتعاون بينها وبين الشعب.أصبحت الشرطة من أهم أجهزة الدولة ومسئولياتها, وفى خطابه أمام الاجتماع المشترك للكونجرس أشار الرئيس بايدن إلى التحديات التى تواجهه ومنها إصلاح الشرطة. الشرطة فى كل مكان تعكس ظروف المجتمع وللشرطة الأمريكية سمات وخصائص معينة منها: الشرطة كمهنة وتنظيم أمر حديث. عندما استقر المستعمرون الأوائل لم تكن هناك حكومة وكان كل رب أسرة مسئولا عن أمن أسرته، وعندما تكونت الولايات اصبح مسئولية حكومة الولاية. كان هناك شىء من المزج بين الشرطة والجيش مع أن العدو مختلف مما يقتضى أسلوبا مختلفا فى التعامل. ظل الأمن مسئولية حكومة كل ولاية حسب قوانينها فتفاوتت الأحكام وتناقضت بما لا يحقق المساواة ويؤثر على هيبة نظام الشرطة. يقوم نظام الحكم على ان الحكومة فى أضيق الحدود مما جعل مهام الشرطة للتحقيق والمداهمة والتفتيش أمرا مرفوضا وعملا ليس له شعبية أو كرامة.

تردى كفاءة ومكانة أجهزة الشرطة اهتمت به بعض القيادات وكانت هناك محاولات لإصلاحها منها: محاولة الرئيس جونسون الحد من عنف الشرطة تجاه المتهمين، ومطالبة الرئيس أوباما وزارة العدل بالتحقيق في قضايا العنف الشرطي وتنظيم عدد من البرامج التدريبية المتطورة وعدم عسكرة الجهاز.

اهتمت بعض الولايات بإصلاح الشرطة بأسلوب يقوم على خفض ميزانيات الشرطة بدلا من تنظيم يحقق الكفاءة. مجلس مدينة مينابوليس قرر حل نظام الشرطة وإعادة تشكيلها وتحويل الأموال المخصصة للشرطة إلى مشروعات تتعلّق بالسكان. رئيس بلدية مدينة لوس أنجلوس خصم 150 مليون دولار من الزيادة المقترحة لميزانية الشرطة، وفى نيوريوك تعهد رئيس البلدية بتحويل جزء من الأموال المخصصة لشرطته للإنفاق على الخدمات العامة. طالبت عمدة واشنطن بأن تكون واشنطن ولاية وليست مقاطعة حتى يكون لها الحق فى إلغاء الشرطة والاستعانة بشركات للأمن.

أهم محاولات الإصلاح مشروع police reform act الذى قدمه بايدن للكونجرس, ويهدف الديمقراطيون إلى تسهيل ملاحقة أفراد الشرطة الذين يرتكبون مخالفات قانونية عند ممارستهم سلطة الضبط والاعتقال والاحتجاز، وتعديل عدد من أحكام القانون التي تعطيهم سلطات واسعة عند الاعتقال، وتجريم الاعتماد على أسلوب الخنق لتثبيت المتهم. الجمهوريون يطالبون بتقديم تدريبات لرجال الشرطة تجعلهم أكثر قدرة على مراعاة مبادئ حقوق الإنسان عند قيامهم بمهامهم المختلفة لمنع أي انتهاك يرتكب ضد المواطنين قيد الاعتقال. اتفق الحزبان على رفض تخفيض ميزانية الشرطة او تفكيكه.

هناك عقبات تواجه إصلاح جهاز الشرطة الأمريكية منها: دعم الاتحادات العمالية رجال الشرطة، التى تطالب لهم بأجور مرتفعة وبرامج تأمين صحية، وتضغط على السياسيين والقضاء من أجل معاملة أفضل لهم، ويحرص الحزبان على إرضاء هذه الاتحادات لتأثيرها على الانتخابات. الطبيعة اللامركزية للشرطة الأمريكية تعرقل إصدار قانون فيدرالى موحد، إذ يتوزع 800 ألف شرطى على أكثر من 18 ألف وحدة أغلبها وحدات صغيرة العدد. ولا تشرف الحكومة الفيدرالية الا على عدد محدود من أجهزة الشرطة. تركز برامج تدريب الشرطة على المواجهة العسكرية بدلا من محاولة مواجهة الأزمات سلميا دون سلاح ويدعم البنتاجون عسكرة الشرطة الأمريكية اذ توفر لها مدرعات وبنادق وقاذفات قنابل وذخيرة زائدة على حاجتها. التعديل الثانى للدستور الذى يمنع حظر حمل السلاح، وتشير بيانات حكومية إلى أن 132 مليون أمريكى يمتلكون أكثر من 383 مليون قطعة سلاح نارى مما يهدد الشرطى بأن المواطن يحمل سلاحا فيسارع بالدفاع عن نفسه. اجهزة الشرطة لم تتخلص كليا من تراثها عندما كان من مهامها ملاحقة السكان الأصليين والعبيد والقبض على الهاربين منهم وعدم حمايتهم كمواطنين.

ولعل اهم اسباب تعثر صدور القانون الذى وعد به بايدن هو ذلك الخلاف بين الحزبين. الجمهوريون يميلون لحماية الشرطة وردع الشعب ويعرقلون انجازات بايدن، بينما الديمقراطيون يريدون حماية الشعب وردع الشرطة مع ان القرار الناضج الرشيد يقتضى الاتفاق على قانون يحمى الشعب والشرطة معا من أجل مصلحة الوطن وأمن كل مواطن.

الشرطة الأمريكية ينقصها الإعداد والتدريب فى كليات ذات مستوى علمى يليق بهذه المهنة فهى ليست على المستوى الجامعى. الفرق شاسع بين نظام الشرطة فى الولايات المتحدة وفى مصر. جهاز الشرطة المصرى له تاريخ عريق بدأ منذ الفراعنة كان لحماية الملوك ومع بداية الدولة المصرية القديمة كان عليه إدارة وتنظم أعمال توزيع مياه النيل بين المصريين، فى العصر الحديث أنشئت نظارة الداخلية التى اصبحت وزارة الداخلية سنة 1900 ولأهميتها تولاها عدد من رموز الوطن منهم سعد زغلول - جمال عبد الناصر.

تقوم الشرطة المصرية بتحقيق الأمن وتقديم الخدمات فى 30 مجالا مختلفا. تطور واختصاصات وكفاءة الشرطة تناولناها فى ثلاث مقالات سابقة ونشير هنا الى ارتفاع مستوى إعداد وتدريب الشرطة فى مصر سواء فى كلية الشرطة التى اشاد بها وزير داخلية المانيا، أو فى الأكاديمية حيث يدرس طلبة الشرطة المقرر الكامل لكلية الحقوق الى جانب العلوم الشرطية وبها مركز لحقوق الإنسان ودرس بها عدد من القيادات الإفريقية والعربية. فى إطار التعاون التقنى المتبادل بين مصر والولايات المتحدة يمكن ان تقدم مصر للحكومة الفيدرالية أو حكومات الولايات التجربة والخبرة المصرية وقد يكون من الممكن قبول بعض افراد الشرطة الأمريكيين للاستفادة مما يقدمه ذلك الصرح العلمى العريق. حفظ الله مصر


لمزيد من مقالات د. ليلى تكلا

رابط دائم: