رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الأديب الفلسطينى شفيق التلولى: كتبنا بالدم وسنكتب بحبر الأمل مايمنح شعبنا الحياة

جيهان فوزى;

فى غزة تصنع البدايات وهى التى ستضع النهايات, قدرها أن تكون مطمع لكل الغزاة, ومحطة استراحة يشد من بعدها الرحال, ومنفذا تجاريا هاما وممر عبور إلى الموانئ والقارات, على مر العصور كان ينظر الى موقعها الجغرافى الاستراتيجي, وشهد التاريخ على بسالتها فى صد العدوان, خرجت للتو من حرب شرسة تنفض عنها غبار اليأس, لتلبس ثوب الانتصار, حتى لو كان معنوياً, فقد أعاد لها كرامتها وشرفها المسلوب, من قوة احتلال غاشم مارس ضدها كل أنواع الأسلحة الفتاكة, وبقيت صامدة عصية على الانكسار, رغم الدمار والمآسى والأحزان, فمن رحم المعاناة يولد الأمل, والرغبة فى الحياة, وإذا كان للحراك السياسى الأولوية فى تضميد جراحها, فإن للأدب دورا حيويا فى توثيق التجربة الانسانية والقصص الدامية التى خرجت من تحت الركام.

فى هذا السياق التقينا مع الكاتب والروائى شفيق التلولى عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين كى يلقى الضوء على دور الادباء والمثقفين أثناء الحرب التى حفزت لديهم مخزون الابداع:

.........................

على وقع القصف والدمار الذى لحق بغزة ومن واقع الحرب التى توثقونها كيف يمكن أن تعبر عن الحالة الانسانية التى تمرون بها؟

للكتاب دور كبير فى بعث الحياة وبث الروح المعنوية وشحذ الهمم، فالمبدع دومًا ضمير أمته ورسول الكلمة، يملك سلاحًا أعتى من أسلحة الدمار، بل إن الكلمة بحد ذاتها مقاومة، ولا تقل شأنًا عن شأن المقاومة الشعبية والمسلحة بأشكالها المتنوعة والمتعددة. الآن فى هذه المرحلة الاستثنائية التى يتعرض فيها شعبنا الفلسطينى لحرب ضروس يستهدف فيها الاحتلال الإسرائيلى وجودنا، يأتى دورنا ككتاب ومثقفين فى ملامسة الوعى الجمعى واستنهاض الإرادة والحث على الصمود والثبات فى الزمان والمكان. فالكتاب قناديل أمتنا طالما كتبوا بالدم لفلسطين وما زالوا قابضين على جمر الحلم بوطن حتمًا ستشرق فيه الشمس، نعم كتبنا بالدم لفلسطين كما ونكتب بحبر الأمل ما يمنح شعبنا الحياة، الكتابة فعل وجود، فأنا أكتب إذًا أنا موجود.

الأدب أحد أنواع التوثيق والتأريخ لمراحل مختلفة من تاريخ الشعوب. كيف ستترجمون ما رصدتموه فى حرب «سيف القدس» كما أطلق عليها؟

هذه الحرب الدائرة تغذى المبدعون بمادة ثرية تجعلهم يرصدونها ويوثقونها، يعيدون إنتاجها ويقدمونها بالثوب الأدبى المناسب؛ شعرا وسردًا فى محاولة لتفسير الواقع وفهمه، وكشف جرائم الاحتلال الصهيونى وفضح روايته، والترويج للرواية الفلسطينية والتصدى لرواية النقيض القائمة على تزييف الحقائق. فالكاتب صوت أمته الذى يذود عن حياضها إيمانا منه بقضيته العادلة.

ماهو الدور المنوط بكم كأدباء ومثقفين وما يمليه عليكم الواجب الوطنى والأخلاقى فى التنوير والتأثير على الوعى الجمعى بسلاح الأدب؟

أخذ الكتاب شعراء وروائيين وكتاب قصة على عاتقهم الكتابة عن ما رأوه من جرائم وحشية بحق الأبرياء؛ أطفالا ونساء وشيوخًا الذين سحقتهم آلة الحرب الصهيوينة، من خلال تدمير منازلهم فوق رؤوسهم، إضافة إلى تدمير إسرائيل للبنية التحتية؛ منها قصف الأبراج السكنية والتى تضم مراكز ومؤسسات ثقافية وإعلامية عدة، فى محاولة لتكميم الأفواه وإسكات أقلامهم، وتغييب الصورة وإخفاء الحقيقة، إلا أن أقلام الكتاب ظلت مشرعة تكتب عن الحقيقة وتنقلها للعالم من خلال مدوناتهم وكتاباتهم على صفحات التواصل الاجتماعى إيمانا منهم بدورهم الطليعى فى الدفاع عن شعبهم الذى يتعرض لهذه الحرب البشعة.

ماهى رسالتكم فى نقل الصورة الحقيقية فى الحرب الدائرة على الفلسطينيين لمثقفى وأدباء العالم الذين ليس لديهم اطلاع واضح عن حقيقة الصراع فى فلسطين ومايجرى فى غزة تحديدا كرسالة عابرة للحدود؟

الكاتب دوما لا يعيقه أى ظرف للقيام برسالته لا سيما عندما يتعلق الأمر بوطنه. ولعل موقف الكتاب بنقل الحقيقة وفضح جرائم المحتل يكون ذريعة للآخر بمراجعة ذاته لا سيما كتابهم إن كان ثمة لديهم من ينتصر لقضية الشعب الفلسطينى ولا يقبل أن يكون جزءا من الاحتلال وما يقترفه من جرائم بشعة.

هل هناك تواصل مع مثقفى وأدباء العالم؟ وما مدى تأثيرها برأيك فى تجسيد مايجرى وتًوثيقه بالتنسيق مع اتحاد الكتاب فى الضفة, وهل لديكم أجندة عمل لتوثيق الواقع فى الوسط الثقافى فى الخارج؟

هناك مسئولية على الكتاب؛ مسئولية فردية تتعلق بدور كل كاتب بشكل فردى من خلال دوره بتوثيق واقع الحرب جماليًّا، بمختلف أشكال الإبداع شعرا وسردا، فضلا عن حث الكتاب الآخرين على الكتابة عن ما تعرض الفلسطينيون من جرائم حرب، فضلا عن المسئولية الجماعية، وهنا يأتى دور اتحاد الكتاب الذى يمثل بيت الكتاب والأدباء وما يقوم من اتصالات مع الاتحادات العربية والدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتنظيم وقفات فى بلدانهم، وعقد ندوات ولقاءات لفضح جرائم الاحتلال لتشكل ضغطا على حكوماتهم للتحرك. والاتحاد فى فلسطين فى الضفة وغزة منذ اللحظة الأولى للعدوان وهو يقف على قدم واحدة يرصد ويتابع العدوان وجرائمه ويتواصل مع كل الكتاب والأدباء فى فلسطين والوطن العربى وكل دول العالم واتحادات كتابه وأدبائه لتحشيد كل الطاقات فى مواجهة هذا العدوان.

هل يمكن القول أن أدبيات المقاومة ستعود للمشهد الأدبى الفلسطينى من جديد بعد أن توارى استخدامها طويلا متمثلة بأدب المقاومة؟

لم ينزو بالمطلق أدب المقاومة بل ما زال الفلسطينى الحر يكتب فى أدب المقاومة وكذلك العربى وكل كاتب حر فى العالم أما الحرب فتراكم على أدب المقاومة بما سينتجه الكتاب من أعمال أدبية تكون فيها الحرب وحكاياتها المؤلمة مادة دسمة لإبداعاتهم الشعرية والنثرية وغير ذلك من كتب تشكل فى مجملها الرواية الفلسطينية القادرة على تعرية رواية النقيض.

استمرت الحرب على غزة 11 يوما كانت هى الأعنف فى كل شيء مقارنة بالحروب الثلاث الماضية, وتحت الركام والانقاض تولد قصص وحكايات موجعة ومؤثرة. لو كانت فصلا فى رواية. كيف كنت ستصورها؟

فى غزة تنام على موت وتصحو على حياة، فى غزة حياة أخري، وانبعاث جديد، فى غزة يلفظ البحر أنفاسه، وينفخ الروح فى عنقائها، وينبعث فينيقها من رملها العتيق، فى غزة نحاول وسنتنفس. نتحسس أشياءنا القديمة ونعيد الكتابة فى سفر الحكاية، نتفقد أبيات القصيد علها تعيد عزف الناى على إيقاع زقزقة العصافير، هنا نحن كنا وهنا نحن باقون، هنا نموت كل يوم ونحيا من جديد، نكتب نشيد النصر. فى غزة يستيقظ صغير ناجٍ من اللهب، ينهض من تحت الركام، لا يصدق أن شمشون قد نام على ركبة دليلة فغافلته وقصت جدائله السبع، سيقول له قائل إنهم نسجوا من جدائله سرجًا لفرس هيلانة لتحمله إلى شاطئ الخلاص فابتلعه الماء وقذفه زبد الموج فى ليلة عيد، فلا يصدق غير أن عنقاء البحر من نفخت فى رماده روح الفينيق، لا يصدق هدمة المعبدمهما حدثوه عن كذبة السلام.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق