رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حائرة بين الجميع

أنا سيدة فى السادسة والثلاثين من عمرى، تزوجت منذ أربعة عشر عاما شابا بضغط من أهلى، وبلا فترة خطبة، ولدىّ الآن ولدان، الأكبر عمره ثلاثة عشر عاما، والثانى سبع سنوات، وهو من ذوى الحالات الخاصة، لا يمشى ولا يتكلم، ومنذ ارتباطى به لم أعش يوما مع زوجى بلا منغصات، علاوة على بخله الشديد، ومعاملته الفظة، ولا أدرى لماذا يحاول دائما تدمير نفسيتى.. لقد سعيت من سوء عشرته إلى الطلاق، لكن أهلى يرفضون انفصالى عنه، وكلما غضبت يعيدونى إليه، وبصراحة فإننى لا أطيقه، فحتى نظافته الشخصية لا يهتم بها، وهذا كله برغم مستواه المادى المرتفع، كما أننى لم أشعر يوما أنه يحبنى، ولم أعرف منه غير الضرب والسباب، والخيانة، والإساءة المستمرة، وقد دخلت فى حالة اكتئاب، وحاولت الانتحار مرتين، وفوق كل مساوئه، فإنه «غير سوى» فى العلاقة الزوجية، وذات يوم أذاقنى «علقة ساخنة»، فتركت البيت لمدة خمس سنوات.

ولمّا كان أبى متزوجا بأخرى، ويعيش مع زوجته، فإننى أقمت عند أمى، وقد رفض أن يعطينا مصروفا، وطلبت من بعض معارفنا التدخل، لكنهم فشلوا فى إثنائه عن موقفه، وساءت حالتى النفسية والصحية، وأعانى مرض الحساسية، وآلاما بالعظام، وتسبّب علاجى بالكورتيزون فى بلوغ وزنى مائة وستين كيلوجراما.

وبرغم كل ما لاقيته من زوجى، فقد وافقت على العودة إليه، وتصورت أنه سيتوقف عن إيذائى، وللأسف الشديد فوجئت به أكثر سوءا، وصرت حائرة لا أدرى ماذا أفعل؟، ولا كيف أتصرف فى الظروف المأساوية التى أحياها؟، فلا أنا قادرة على الحياة معه، ولا على البقاء فى منزل أمى بأبنائى، فبماذا تشير علىّ؟.

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

مازال زوجك يظلمك ويؤذيك، ولا ينزلك منزلتك التى تستحقينها برغم أنه سعى لإرضائك مستعينا بمعارفه، ولا يدرك أنه يهدم بيته، ويسعى إلى تخريبه، ولن تستقيم له حياة مع أخرى إذا فقدك، وعليه أن يحسن معاشرتك، وأن يعاملك بالمعروف، ويعمل كل ما فى وسعه من أجل تأليف قلبك؛ لما فى ذلك من دواعى بقاء عش الزوجية قائما بينكما، حيث يقول تعالى: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا « (النساء19)، فعليه أن يتقى الله، ويترك ما هو عليه من الأذى لك، ويعلم ما كان عليه رسول الله من حسن لطفه، ومعاشرته لأهله، وحثه على ذلك فى كثير من الأحاديث الصحيحة: فقد قال: «أكمل المؤمنين إيمانا، أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم»، وقد سأله رجل قائلا: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: «تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا فى البيت».

أما أنت فعليك مراجعة مواقفك معه، فربما ترجع قسوته إلى وجود مشكلات معه، وتتحملين جزءا منها، وإذا كان الأمر كذلك فينبغى أن تعيدى تهيئة جو الأسرة والبيت، قدر استطاعتك ليكون محضنا طبيعيا هادئا، تقل فيه المشكلات حتى لو تركت بعض حقك حسبة عند الله، وعليه هو الآخر أن يفعل ذلك، فمن يطلب دنيا، بلا مشكلات، ولا منغصات، هو شخص لم يعرف ما الدنيا وما تكون، ومن يطلب شخصا «زوجا، أو صديقا، أو رفيقا»، بلا عيب، ولا نقصان: هو شخص لا يعرف من هم بنو آدم.!

إِذا كُنتَ فى كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً

صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذى لا تُعاتِبُه

فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ

مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه

إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى

ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه

ولهذا أخبرنا رسول الله أن المؤمن العاقل لا تستحكم الكراهة بينه وبين زوجته المؤمنة، وأن المؤمنة العاقلة لا تستحكم الكراهة بينها وبين زوجها المؤمن؛ فمهما رأى أحدهما جانبا مظلما، فلابد أنه واجد من الخير، ما يعينه على إكمال المسيرة، ومهما وجدا عيبا، فلا بد أنه واجد من الخير والمصلحة، ما يحمله على الرضا، أو الصبر والتعايش، لقول رسول الله: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»، ومهما وجدنا من عيب، أو شدة، فهى مرض، إما أن يزول، أو نتكيف نحن معه، وبالنسبة لك يمكنك أن تبدئى بحل المشكلة الأكبر بينكما، والتى هى السبب الرئيسى فى المتاعب لكنك لم تذكريها، وهذا هو الحل الأمثل، وليس وجودك عند أمك، وطلب المساعدة من أبيك، فليس هكذا تدار الأمور الحياتية، فالدنيا متقلبة وكل يوم فى حال، وقد تجدين نفسك مع أبنائك بلا سند ولا معين، ولا تحسبى أننا لا نقدر معاناتك، ولا نشعر بآلامك، لكننا فقط نفكر معا بهدوء، ونتساءل: وما البديل؟.. عليك أن تصبرى، وعلى زوجك أن يمد جسر التواصل معك، فإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا، والله فعّال لما يريد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق