رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى المسرح.. عفوية الارتجال على صفحة اللغة

كتب ــ باسم صادق

فى سياق حديثه عن خطورة اللغة ومرونتها ودورها فى السياق الدرامى، لا أنسى ما قاله أستاذنا دكتور فوزى فهمى لنا خلال محاضراته فى المعهد العالى للفنون المسرحية عن أن صناعة الضحك قد تأتى من تحول جملة واحدة من العامية إلى الفصحى، فجملة يوسف وهبى الشهيرة «اطلع من دول» قد تكون أكثر إضحاكا إذا قيلت بالفصحى وبأدائه الميلودرامى المعروف: «اخرج من هؤلاء» لأنها ببساطة انتقلت بخيالنا من وسيط إلى وسيط آخر داخل نفس اللغة..وإذا كان عالم النفس والفليسوف الفرنسى هنرى برجسون قد فند فى كتابه «الضحك» مسببات الضحك وتنوع أساليبه بين سوء الفهم والالتباس وقلب الأدوار وتكرار الجمل أو الكلمات.

وقسّم المضحكين إلى مضحك الطباع أو الأشكال أو الحركات أو الظروف، فإن مقولته: «الشعب المولع بالنكتة هو شعب مولع بالمسرح» تفسر ببساطة سر ارتباط الجمهور المصرى بالراحل المبدع سمير غانم، فنحن بالفعل شعب مولع بالنكتة لتجاوز أى ظروف واقعية مريرة فنبحث دائما عن كل ما يسبب لنا الضحك الصادق النابع من القلب، فلا نجده سوى فى الحضور الطاغى لسمير غانم وقدراته الأدائية التى جعلته يتجاوز المفهوم اللفظى المتعارف عليه للنكتة، وصولا إلى جعل التنكيت الأسلوب المسرحى فى التفكير، وبالتالى شكّل «سمورة» مفهوما فريدا للكوميديان الهزلى أو «الفارس» -بتضخيم الفاء- اعتمادا على عنصرى اللغة والإكسسوار فى كافة اعماله وخاصة المسرحية منها، ولا سيما انه يدرك تماما أن براعته ليست فى التشخيص بقدر تميزه فى تلقائية الارتجال، وهو ما جعله يسرق العين والقلب والوجدان بمجرد ظهوره أمام أعتى الممثلين حتى ولو كان فى مشهد واحد فقط. يكفى أن يلتقط طبيعة أو عنوان الدور الذى يلعبه فقط، فيطلق العنان بعدها لخياله الإبداعى على تخليق الحوار المناسب للدور بشكل لا يمكن التنبؤ به،مضيفا تفاصيل شكلية يراهن بها على الذاكرة البصرية للمتفرج التى ستجعله يضحك قبل أن ينطق هو بأى كلمة.

ففى مسرحية «موسيقى فى الحى الشرقى» يعتمد على قلب الكلمات وحروفها حتى حين يدعى ثقافته الإنجليزية فيقول مثلا لمعلمة الموسيقى «يو سبيك انزليجى؟»، كما ان المفارقة بين زيه الرسمى كقبطان واسلوبه وسلوكه فى تربية ابنائه السبعة كانت أحد مسببات الكوميديا بجانب جمله مثل «امسحى دموعك يا آمال».. «أغنية بيت العز -الدين الحسينى- يا بيتنا».. «علمنى العوم والنبى يا احمد».. وغيرها من الجمل التى تعكس تلقائيته فى تطويع اللغة لخدمة سخريته من مرارة الحياة سواء باستبدال ترتيب اماكن كلماتها فى الجملة الواحدة او نحت حروف اضافية أو تركيب جمل لا علاقة لها ببعضها البعض.

وفى «المتزوجون» نراه ساخرا من فقر المتسلق الباحث عن الثراء على حساب زوجته، فيذهب بالمتفرج إلى تخيل أقصى واقسى درجات حياته البائسة سواء بالحوار مرة، حين تسأله زوجته مثلا «هو إحنا غلابة يا مسعودى؟»، فيصدمها برده:«فَشَر.. إحنا مساكين يا روحى».. أو بالإكسسوارات الكاريكاتورية مثل الملعقة والشوكة وربط رأسه بـ«فوطة الطعام» أو عزفه على مزمار بالغ الطول منتهيا بسيجارة فى موال «العروس متين والعروسة متينة».

وكذلك حرصه على ارتداء الملابس الفانتازية والتراثية فى أغلب أعماله، والتى لا تبتعد كثيرا عن ملابسه فى الحياة الواقعية والتى حافظ فيها ايضا على مظهره ككوميديان، فلم تفارقه باروكته الشهيرة ونظاراته الضخمة المرصعة بفصوص الكريستال.باختصار لم تنفصل سمات سمير غانم الحقيقية عن سماته فى أى شخصية يلعبها فالبساطة والتلقائية هما مفتاحه إلى قلوب محبيه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق