رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فجرٌ إنسانى مِنَ القُدس يُطل

ما الذى يحتاجه ضمير الإنسانية المُعاصرِة ليفتح آذانه على صرخات إنسان فلسطين، تستصرخُه لينتصر لإنسانيته قبل أن يتنصر لبنى فلسطين؟، وإن استطاع أن يضع أصابع المآرِب فى أذنيه فكيف سيُغمِض الضمير الإنسانى بصره فلا يرى مشاهد توثق فلسفة العصابات الحاكمة لمواطنى كيانهم وهى تهاجم دُورَ أصحاب الأرض والوطن رافعة عليها أعلاما سداسية النجمة غدَّارة النِصال، ومَنطقهم المُبرر يقولُ بصوتِ بربرية القرون الوسطى (إذا لم أسرق دارك أنا سيسرقها غيري!)؟، هكذا توثيق يُجبر أعين الإنسانية المُعاصرة على أن تفتح جفونها المُغلَقة اختياريًا، تقتحمها الدهشة من فجاجة التبرير قَلقًا على سوءة الإدارة العالمية التى تفضحها هذه العبارة مُسقِطة أوراق توت صنعتها من قوانين ومواثيق ومعاهداتٍ أممية معنية بالحقوق الإنسانية وملاحِقة للجرائم ضدها، إذًا تُجبر أيادى التوحش الصهيونى الضمير الإنسانى على أن يفتح أعينه ابتداءً لستر سوءتِه، لكنها لا تستطيع أن تغلق جفونها سريعًا بأثَرِ دخان قنابل البربرية الصهيونية يُهاجم العُزَّل أصحاب الدُورِ والحق فى بيوتاتهم وشوارعهم ويُلاحقهم حتى فى دار عبادتهم الُمقدسة دينيًا وتُراثًا إنسانيًا، ومع الدخان تتابع على أعين الإنسانية مشاهد توَحش المُحتل اقتحاماتٍ لمخادع الآمنين وهدمُا لمنازل المُستضعفين وترويعا للصغار شهرًا للأسلحة فى وجوههم البريئة، واعتداءً على كلِ حيّ إلى فلسطينَ ينتمي، وغارات لأسراب طائراتٍ مقاتلة تستهدف الناس والأرض والحياة، هذه المشاهد على قسوتها أثبت التاريخ القريب احتراف ضمير الإدارة العالمية تجاوزهامذ قرر الاعتراف بدولة للعصابات الصهيونية على الأراضى الفلسطينية، وبمرور العقود واحدًا تلو آخر وتتابع التآمر على الحق الفلسطينى تفريطًا واستثمارًا ومُتاجرة ومُحوًا مقصودًا من ذاكرة الإنسانية، يفتح الضمير العالمى أعينهُ ليواجه ما تدرب على تجاهله فتواجهه مشاهد جديدة لأجيالٍ مُعظمها مواليد الألفية الثالثة ومنهم من وُلِد ولم يبلغ فِطامَه، رُضَّعٌ لهوهُم صعودٌ على درجات السلم الموصل للأقصى وقُبة الصخرة، وفتية وصبياتْ فى سنيّ التفتُح تحرروا من أسرِ العالم الافتراضى بكل فارغِ حلباته وانتفضوا مواجهين وحشية المُحتل و«طناش» الضمير العالمى بابتسامة صاحب الحق الواثق، ابتسامة تراوغ خبث (الصَهْينَة) العالمية لتحصُرها فى خانة الفضح، وتعلو فوق منطق القوة الوحشية الذى يتترس به العشرات من جند المحتل ليقبضوا على فتى فلسطينيّ أعزل سلاحه ابتسامة الواثق من حقه الموروث، ابتسامة صبية فتية أبت إلا أن ترتفع فوق وطأة قدم الصهيونى الجاثم على رقبتها محاولًا حصار ابتسامتها الشامخة عِزًا لم يكسره التخلى من عالمٍ انتفض لمواطنٍ أمريكى قتلتهُ نفس الفِعلَةْ!، ابتسامات موجهة شاملة فى وجوه الجميع تُسقط كل أقنعة التخلى بادعاءات تفريط أصحاب الأرض، وتهتك كل مسوح التجارة بالقضية التى يدثر بها من تحزبوا فتنافسوا وتصدروا فانقسموا وراحت خلافاتهم تسحب البساط من قضية الوطن الفلسطينى لتفرشه تحت أقدام المتصارعين على عرش وطنٍ محتل فى غزة تارة والضفة تارة أخرى، أو بين فسلطينيى الداخل والخارج، وابتسامات إدانةٍ للمفرطين الذين يهرلون إلى ساحات التطبيع مع المحتل دونما أى ضمانات لتحجيم شره المتأصل بفعل موروثاتٍ طبيعية تحملها جينات العصابات المؤسسة التى قامت عليها الدولة المزعومة، وابتساماتُ إنسانٍ تجاوزتْ كل توجيه الإعلام التقليدى لتتوجَه مباشرة نحو الإنسانية السوية فى نفوس المواطنين الموزعين على أقطار الدنيا فتصل إلى الفِطَر الأصيلة تستنهضها فتقوم لتمارس الانتصار لذواتها بالانتصار لإنسان فلسطين عبر الآليات الفردية والجماعية وأضعف الإيمان بالإنسانية تمثَّل فى رفع علم الدولة الفسلطينية على صفحات التواصل الاجتماعي، أيُّ صبح إنسانى ذلك الذى استدعاه إيمان الفسلطينى بحقه (فى القُدْسِ .. فى يافا وصَبْرا وجِنِين - فى الأقْصَى وكَنيسة المَهْد و عهد المُرابطين -فى عَيّنَيّ صَبِيّة فَتِيّة عَصِيّةِ .. تُصَلّى كًل حِينْ - تَجْديدًا ليَقينْ .. بأرضٍ و دينْ : آمَنتُ بفلسطين)، إنَّها اللحظة الفارقة فى عمر الإنسانية المعاصرة، تلك التى تفجرت من أصل القضية حيث أصحاب الحق والدار فى حى (الشيخ جراح)، الذين يُمثلون النموذج الحى وشاهد العيان على ما اقترفه التوحش الصهيونى فى “فلسطين”، وحيث انتفاضة فلسطينيى الداخل المحتل، الذين توهَّم الجميع أنهم قد ركنوا إلى مزاعم العيش فى واحة النهضة والتطور الإنسانى بمنطقتنا، وحين انتفض أصغر فلسطينيى الداخل انفضح وَهن أكبر رأس فى دولة الاحتلال فقال نيتانياهو (سأجتهد لأن تبلغ إسرائيل عيد ميلادها لكنّ هذا ليس بدهيًا فالتاريخ يُعلمنا أنه لم تُعَمِّر دولة للشعب اليهودى أكثر من ثمانين سنة وهى دولة الحشمونائيم)، إنها الفرصة السانحة لإنسان زماننا لأن يتطهر من خطيئةٍ تواطأت على اقترافها إدارة العالم خلال القرن الماضي، ولأن فطرة الله فى خلقه أن تنتصر الإنسانية السوية على كل اعوجاجات تطرأ عليها بات على عالمنا أن يتطهر ملبيا نداء فطرته بالاعتراف بأن الأصل فلسطين والخطيئة تكمن فى المحتل (لمَّا فجر القُدس طَلّ- شَدّ عُود فاكْرِينُه كَلّ - فلسطين صُبْحها إنسان - يِهِلّ يِبَدِدْ اللى احْتَلّ).


لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى

رابط دائم: