قبل أيام، كان يائير ليبيد زعيم المعارضة الإسرائيلية على وشك الاتصال بالرئيس الإسرائيلى لإبلاغه بتوصله إلى صفقة لتشكيل حكومة بدعم من أحزاب اليمين والوسط والمستوطنين وحزب من الأقلية العربية. الجامع المشترك بين هذا الخليط السياسى إبعاد نيتانياهو عن رئاسة الحكومة. لكن زعيم الليكود كان له رأى آخر.
خلال الأسابيع الماضية، لم يتورع أنصاره عن تفجير الوضع بالقدس واقتحام بيوت المقدسيين لإخراجهم من منازلهم والمدينة كلها. وكلما زادت فرص تشكيل الحكومة، تفاقمت الاعتداءات والتحرشات بهم مدعومة من الشرطة. لماذا هذا التوقيت التى تزامن مع شهر رمضان؟ الهدف إفشال تشكيل حكومة لا يقودها نيتانياهو. بدلا من مكافأة الفلسطينيين على الهدوء السائد منذ فترة وعدم إطلاق صواريخ بحيث إن الشهور الثلاثة الأولى من 2021، كانت الأقل عنفا منذ سنوات، كان المطلوب، كما ذكرت صحيفة هاآرتس، استفزاز الفلسطينيين وتحويل حياتهم لجحيم.
هناك من يلوم حماس والفصائل لإطلاقها الصواريخ وركوبها موجة الاحتجاجات، التى كان يمكن أن تتحول لانتفاضة سلمية على غرار انتفاضة 1987. الأمر ليس بهذه السهولة. النية كانت مبيتة للاعتداءات التى ولدت بدورها ردود أفعال كإطلاق صواريخ استغلها نيتانياهو بشن غارات الجحيم على غزة. لقد أراد القول إنه عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل، فكل شىء مباح. لكنه أيضا نجح بتأجيل، إن لم يكن إنهاء، فرص تشكيل حكومة فى غيابه، فاليمين المتطرف سيرفض مشاركة حزب عربى، والحزب لن يرضى بالعدوان على الفلسطينيين. تم خلق واقع جديد قد يؤدى لانتخابات جديدة يمكنها توفير فرصة أخرى لزعيم الليكود للتشبث بالسلطة. التشدد الإسرائيلى فى رفض الوساطات ووقف الاعتداءات لا يهدف للقضاء على البنية التحتية لحماس فقط، لأن القادة الإسرائيليين جربوا ذلك مرارا وفشلوا بل يهدف لاكتساب نتانياهو شعبية جديدة وخلط أوراق الساحة الداخلية. ليس نيتانياهو وحده من يفعل ذلك، وزير الدفاع جانتس أيضا يريد استعادة شعبيته التى انهارت بالانتخابات الأخيرة. وقف النار لن يتم إلا مع اقتناع نيتانياهو وجانتس بأن مطالبهما تحققت ليس فقط على الساحة الفلسطينية بل على الساحة الداخلية الإسرائيلية.
[email protected]لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام رابط دائم: