رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

خطاب بديل

توقعت في مقالة الأسبوع الماضي أن الاتجاه إلى تأجيل الانتخابات الفلسطينية “قد يُتَرْجَم خلال أيام إلى قرار”، لكن القرار لم يتطلب أياماً، وإنما ألقى الرئيس محمود عباس يوم نشر المقالة خطاباً في اجتماع، دعا إليه قادة الفصائل أسس عليه قرار التأجيل، وفي هذا الخطاب استعرض عباس التطورات منذ صدور قراره في يناير الماضي بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وتلك المتعلقة بالمجلس الوطني في ٢٢مايو و٣١يوليو و٣١أغسطس على التوالي، فبدأ بتحية الشعب الفلسطيني على انتفاضته في القدس التي امتدت إلى باقي الأراضي الفلسطينية رداً على السلوك العدواني للمستوطنين الإسرائيليين وشعاراتهم المنادية بالموت للعرب، وكانت نتيجة هذه الانتفاضة أن استطاع فلسطينيو القدس إزالة الحواجز التي أُقيمت لمنعهم من الحركة في إشارة لما تستطيع المقاومة الشعبية السلمية أن تفعله، وذكر بمعركة بوابات المسجد الأقصى التي انتصر فيها الفلسطينيون أيضاً في٢٠١٧، وأشار إلى أن هذه الانتفاضة تأكيد على أن القدس الموحدة لن تكون العاصمة الأبدية لإسرائيل لأن القدس الشرقية هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، ثم استعرض جهود المصالحة وإنهاء الانقسام إلى أن انتهت بالإجماع على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمتعلقة بالمجلس الوطني كخطوة في الطريق إلى إنهاء الانقسام، وانتقل عباس بعد ذلك إلى الحديث عن موقف إسرائيل من إجراء الانتخابات في القدس فأوضح أنها ماطلت أولاً في الرد على طلب الموافقة على إجراء الانتخابات في القدس ثم أرسلت له رسالة في نفس يوم الاجتماع (أي في٢٩أبريل) مفادها أنها لا تستطيع أن ترد لأنه ليست لديها حكومة، وتندر على هذه الذريعة بالإشارة إلى قرارات إنشاء المستوطنات التي تتدفق بكل سلاسة متسائلاً عن الحكومة التي تصدرها، وأوضح عباس أنه حاول الحصول على تأييد دولي واسع فاشترط الاتحاد الأوروبي إصدار مراسيم الانتخابات فاستجاب لطلبه، أما الإدارة الأمريكية فلم تتخذ موقفاً، ورفض عباس أي تحايل على إجراء الانتخابات في القدس الشرقية باقتراح إجرائها في «أبو ديس» أو غيرها، وعبر عن اعتزازه بالروح الوطنية الديموقراطية التي تحلى بها الفلسطينيون، والتي تجلت في تسجيل ٩٠٪ممن لهم حق الانتخاب أسمائهم وتقدم ٣٦قائمة للترشح في الانتخابات بما يدل على وعي الشعب الفلسطيني بحقوقه الوطنية والديمقراطية، لكن الانتخابات لا يمكن أن تُجرى بدون القدس، وعليه بنى قراره بالتأجيل.وجدت نفسي متفقاً مع كل ما قاله الرئيس عباس إلا قرار التأجيل، وتخيلت نهاية بديلة لخطابه يقول فيها: “أيها الشعب الفلسطيني العظيم...لقد قدمت عبر سنوات نضالك الذي امتد لأكثر من قرن من التضحيات ما يؤكد تصميمك على استعادة حقوقك المشروعة واستعدادك لأي تضحية في سبيل ذلك. يشهد على ذلك تاريخك الذي شهد ضمن ما شهد انتفاضة البراق١٩٢٨ وثورة ١٩٣٦ والنضال الذي قادته منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح وكل الفصائل الفلسطينية المقاومة منذ ستينات القرن الماضي، وإبداعك الدائم لأشكال غير مسبوقة من النضال الوطني التحرري كما تجلى في انتفاضة الحجارة التي تفجرت في نهاية١٩٨٧ في ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة الصعوبة واستمرت سنوات حتى أجبرت إسرائيل على توقيع اتفاق أوسلو الذي اعترفت فيه بالشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة له بعد أن كانت الحركة الصهيونية تدعي أن فلسطين أرض بلا شعب وكانت إسرائيل تدمغ المنظمة بالإرهاب، ثم واصل الشعب إبداعه بانتفاضة الأقصى في٢٠٠٠ التي أجبرت الاحتلال لاحقاً على الانسحاب من قطاع غزة في٢٠٠٥ وتفكيك المستوطنات المحيطة بها في سابقة هي الأولى من نوعها، ولقد تعرض نضالنا الوطني كما تعلمون لمحنة شديدة بعد الانقسام الذي وقع بين أهم فصيلين في حركتنا الوطنية منذ٢٠٠٧، وتعددت محاولاتنا لإنهاء الانقسام إلى أن وصلت أخيراً إلى بر الأمان بالإجماع الفلسطيني على إجراء الانتخابات على كل المستويات بعد أن تفاقمت التحديات التي تواجه نضال الشعب الفلسطيني  تخيلت أخيراً أن ينهي الرئيس عباس خطابه بقوله “ولأن إسرائيل تعلم تماماً قيمة القدس ورمزيتها بالنسبة لفلسطين فهي تحاول أن تفسد الإجماع الوطني الفلسطيني على إجراء الانتخابات برفضها إجراء الانتخابات في القدس، وأنا متأكد أن شعبنا العظيم سوف يفوت عليها هذه الفرصة بالتصميم على إجراء الانتخابات فيها، وسوف يجعل من هذه الانتخابات معركة جديدة مجيدة يشتبك فيها مع العدو ويفرض إرادته وينتصر تماماً كما انتصر في معركة بوابات المسجد الأقصى في٢٠١٧ ومعركة الخان الأحمر في٢٠١٨ ومعركة باب الرحمة في٢٠١٩ بل وكما انتصر مؤخراً في انتفاضته الحالية، وسوف يدلي فلسطينيو القدس بأصواتهم رغم أنف إسرائيل...في المساجد والكنائس وبأي وسيلة يتحدون بواسطتها إرادة الاحتلال، ولتقتحم قوات الاحتلال إن شاءت هذه الأماكن المقدسة لكي تكتمل صورتها البشعة كقوة احتلال عنصرية أمام العالم كله، وإن ثقتي مطلقة من أنها لن تتمكن من منع شعبنا في القدس من التعبير عن إرادته، وحتى لو فعلت فلن يكون هذا سوى مسمار جديد يُثَبت صورتها الاستعمارية العنصرية وخطوة واثقة في الطريق إلى إنهاء الاحتلال...أيها الشعب الفلسطيني العظيم...إن أي تراجع عن إجراء الانتخابات التي نبني عليها آمالنا في استعادة وحدتنا الوطني بسبب الرفض الإسرائيلي لإجراء الانتخابات في القدس الشرقية لا يعني سوى أننا نعطي لإسرائيل حق الڤيتو على استعادة هذه الوحدة لأجل غير مسمى ومن ثم استمرار التشرذم الفلسطيني والعجز عن تقديم الاستجابات الملائمة للتحديات التي تحيط بنا من كل صوب. وفقكم الله لتحقيق انتصار جديد في معركتنا لاسترداد حقوقنا الوطنية وإنها لمقاومة شعبية سلمية حتى النصر”. 


لمزيد من مقالات ◀ د. أحمد يوسف أحمد

رابط دائم: