رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حادثتان غريبتان.. ومجرد اقتراح!

حادثتان غريبتان (جدا) شاهدتهما بأم عينى جهارا نهارا فى يوم واحد؛ أولاهما، كانت فى واحد من أكثر شوارع القاهرة عراقة؛ وثانيهما، كانت فوق أشهر وأكثر الكبارى طولا بالمدينة - كوبرى ٦أكتوبر؛ والحادثتان لا أيأس أو أمَلُّ من ذكرهما كلما واتتنى الفرصة لذلك؛ لما لهما من دلالات أراها خطيرة ومحذرة من آتون لامبالاة يكتنف شباب هذا البلد وذخيرتها لمستقبل غير معلوم؛ استهتار لطالما حذرت منه وسأظل أحذر ما دمت حياً: أما الحادثة الأولي، فكانت فى شارع ٢٦ يوليو وتحديدا بجوار مسجد السلطان أبو العلا، حيث الزحام يكتنف هذا الجزء من الشارع على نحو أعتقد أن العلماء قد عجزوا عن تفسيره أو إيجاد الحلول الجذرية له، فتركوه على حاله ربه أعلم به، فلقد لفت ناظرى وجود شاب لا يتعدى الثامنة عشرة من عمره بأى حال من الأحوال؛ يسير وسط الناس المكتظة، ولكن فرط قصر قامته استفز فضولى لمتابعته؛ وهو يكاد يسير بين الناس بشق الأنفس. فلما حدقت النظر فيه واقتربت منه، فوجئت بأنه ليس قصير القامة بالمرة كما ظننت، وإنما ما كان يعيقه حقا عن السير؛ وجعله يبدو قصيرا كما تصورت أنا، هو أنه كان يمتطى ظهر كلب!. نعم، لقد كان صاحبنا يمتطى ظهر كلب بائس رأى هو فيه مطية يمتطيها لمسافة طويلة وسط ضحك أقرانه فى العمر ذاته تقريبا، فى مشهد لا أتنسم فيه رائحة مزاح بالمرة، خاصة إذا ما وضعنا معاناة الكلب فى الاعتبار!. أما الحادثة الثانية؛ فكانت فوق أحد رصيفى كوبرى أكتوبر الممتد؛ والناس تسير فى جماعات غير مبررة؛ حيث وجدت شابا لايتعدى الثامنة عشرة أيضا، يعتلى دراجته النارية فوق الرصيف مسرعا؛ وهذا فى حد ذاته لم يصبنى بأى ذهول؛ حيث اعتدنا مثل هذه التصرفات (الخرقاء) من أصحاب الدراجات النارية، إذا ما توقف سير السيارات والمركبات فى نهر الكوبرى نتيجة لازدحام منازل الكوبرى ومطالعه، أما ما أذهلنى بحق أيما ذهول، فهو أن صاحبنا كان يقف فوق مقعد الدراجة النارية بقدميه؛ فاتحا ذراعيه فى الهواء؛ ضاحكا مستبشرا؛ وهو الذى يأتى للمارة من الخلف بسرعة جنونية ومن اليسير جدا أن يصدم أحدهم أو ربما يصدمهم جميعا؛ لسبب بسيط وهو أنه لا يتحكم بالمرة فى دراجته النارية المسرعة التى يقودها!. نحن أمام طاقة شبابية مستهترة بالمعنى الحرفى للكلمة؛ لا يأبهون بثمة كوارث يرتكبونها؛ وتشهد عليهم سجلات المرور يوميا من خلال حوادث طرق مهلكة يقعون فى براثنها بسهولة ويسر؛ فيدفع الآباء والأمهات بسببها أثمانًا باهظة لا قبل لهم بها؛ وكل ذنبهم أنهم عجزوا عن متابعة هؤلاء وسط حياة متشعبة المناحي، وتصوروا أن النظام التعليمى كفيل بتلقينهم دروسا فى المعايير المجتمعية التى يجب عليهم مراعاتها... وهذا غير صحيح!. ثم تشهد عليهم آلاف الشوارع ونواصى الشوارع التى ترزح تحت (احتلال) هؤلاء لها بأسخف الأنماط السلوكية غير المناسبة وسط الأحياء السكنية المكتظة (بالعائلات)؛ والتى لا ترى مفرا من التعايش مع وجود هؤلاء السخفاء بعذر أنهم شباب ومن حقهم ممارسة الحياة على نحو خال من القيود.. وهذا غير صحيح!. فما من شارع يخلو من (قطعان) من هؤلاء تنتشر بجنون؛ شغلهم الشاغل المزاح الرخيص والإزعاج (الدائم) للجميع طوال الليل وآناء النهار دونما احترام لمريض أو كبير فى السن أو فتاة أو امرأة؛ وإنما سلسلة متصلة من المزاح السخيف والتفنن فى خلق المشكلات واستعراض العضلات غير المفهوم؛ كنتاج طبيعى لإرث ثقافى ضخم من أفلام ومسلسلات رخيصة تجرعناها لسنوات بحجة حرية التعبير (وواقعية الفن) لم تغن ولم تسمن من جوع، وإنما زرعت وأصَّلت نبتا شيطانيا فى عقول هؤلاء على مر السنين توسموا فيه بالخطأ أنه محاكاة لواقع يجب أن يعيشوه بكل جوارحهم؛ وتجسيد لسلو الحياة كما يجب أن تكون!! ثم ليذهب الآباء والأمهات وسائر أفراد المجتمع بقيمه وعاداته الراسخة غير مأسوف عليهم إلى عين الجحيم!. ..وأنا أعلم وأنت تعلم أن الدولة فى عهد الرئيس السيسى تعمل ليلا ونهارا من أجل نهضة هذا البلد؛ ونعلم أن يدها قد امتدت بنجاح منقطع النظير لتطهير العشوائيات بحزم ودأب لم يكن أحد منا يتصوره أو يتوقع نتائجه السريعة المذهلة؛ ولكن ما ألفت الأنظار إليه اليوم هو أقرب إلى سرطان مجتمعى انتشر فى كل مكان تقريباً، فلم يعد مقصورا على مناطق بعينها دون غيرها, وإنما عم فى كل الأرجاء على نحو أراه ضاغطاً!. دعنا من فكرة عقد الآمال على المنظومة التعليمية أو الإعلامية أو حتى الثقافية، بل ودعنا من عقد الآمال على البيوت فى الاضطلاع بتربية النشء؛ فتلك أمور تحتاج إلى سنوات وسنوات؛ ولن تمهلنا مضخة الزيادة السكانية لاحتوائها بأى شكل من الأشكال، إذا ما وضعنا الأمر فى نطاق أبسط المتواليات الرياضية: فالأعداد تتزايد؛ والنتائج متشابهة إن لم يكن يجود بالأسوأ للأسف.. فما هو الحل الجذرى لهذه المشكلة المتفاقمة؛ علماً بأن الأعمار التى أحدثك اليوم بشأنها هى أعمار كانت تبلغ (تسع سنوات) وقت تفجر (أحداث يناير)؛ تلكم الأحداث التى كادت تعيد البلاد إلى المربع رقم واحد فى لمح بالبصر؛ ونحن نناشد (الشباب آنذاك) أن يعود لرشده؛ ويحتكم إلى العقل والمنطق؛ ونستحث فيهم أدنى شعور بالوطنية.. ولا حياة لمن تنادى وقتئذٍ؛ فكان ما قد كان؟. ومن ثم فأنا أقترح اقتراحًا، أعلم أنه سيدخلنى فى شرك عش دبابير مجتمعى بغيض؛ ولكن شعورى بالمسئولية يحتم طرحى للحل على هذا النحو: فأنا أقترح إدراج الشباب من سن الثامنة عشرة فى منظومة التجنيد الإجبارى ما إن يحصلوا على شهادة الثانوية العامة؛ وقبل الالتحاق بالجامعات؛ إذ لن يفيدهم التعليم الجامعى فى شيء ما دامت (معظم)الشجرة قد أصابها شيء من الاعوجاج السلوكى بل أراه سيزداد، وهذا أمر لا يحتاج إلى مجهود لرصده لو كنا صادقين؛ وليكن طلاب الكليات العسكرية أسوة حسنة لنا فيما نشهده عليهم من انضباط واحترام وشعور جم بالمسئولية؛ ذلك لأنهم قد انخرطوا فى منظومة سليمة نشهد لها جميعا بالوطنية (وحسن السير والسلوك) والانضباط ..قولًا واحدًا.


لمزيد من مقالات أشرف عبدالمنعم

رابط دائم: