على خطى الناشطة الباكستانية ومبعوثة الأمم المتحدة للسلام وأصغر حاصلة على جائزة نوبل مالالا يوسفزى المولودة عام 1997، تسير اللاجئة السورية وسفيرة اليونيسيف للنوايا الحسنة موزون المليحان, دفاعا عن حق مواطنيها اللاجئين فى التعلم وذلك منذ انطلقت قبل سنوات فى حملة «من خيمة لخيمة» فى مخيم الزعترى أكبر مخيمات اللاجئين السوريين مساحة وعددًا لتشجيع الأهالى على إرسال أبنائهم وعلى وجه الخصوص الفتيات إلى المدرسة.
يشهد شهر رمضان الكريم نشاطًا خاصًا لموزون ما بين زيارة مخيمات اللاجئين السوريين وغالبيتهم من المسلمين السنة، وتوجيه النداءات للعالم الإسلامى لتوجيه زكاة الفطر لمصلحة قاطنى المخيمات من أجل توفير الاحتياجات الغذائية ودعم العملية التعليمية. وتعرف موزون وراكان المليحان, المولودة فى درعا السورية عام 1999, حقيقة الوضع الذى اختبرته مع أسرتها التى اضطرت مع غيرها إلى مغادرة سوريا بعد اندلاع الحرب الأهلية منتصف عام 2011، ممن تزايدت أعددهم حتى بلغت مؤخرًا نحو 8 ملايين، بينما بلغ الإجمالى المسجل رسميًا نهاية عام 2016 نحو 5 ملايين لاجئ موزعين بين عشرات الدول وعلى رأسها: تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، من بينهم 2 مليون طفل لاجئ تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما، وهى الفئة العمرية التى اندرجت تحتها موزون. وجدت موزون نفسها، فى صدمة بلا مدرسة ولا كتب ولا مستقبل لها ولشقيقتها وشقيقيهما الأصغر سنًا. وعاشت عائلة موزون فى الأردن لثلاث سنوات متنقلة ما بين مخيمات ثلاثة، وذلك قبل الانتقال إلى مدينة نيو كاسل البريطانية فى نهاية عام 2015، لتواجه فى البداية صعوبات التأقلم مع مجتمعها الجديد قبل الالتحاق بالجامعة حيث تستعد هذا العام لإنهاء دراستها فى السياسة الدولية.
ذاع اسم موزون وانتشر فى مخيم الزعترى بعدما أزعجها تخلى نصف فتيات صفها الأربعين ومغادرتهن المدرسة للزواج، تحت إلحاح أسرهن إما للاطمئنان عليهن فى بيوت أزواجهن وإما للتخلص من مسئوليتهن. وهنا بدأ دور موزون التطوعى فى محاولة إقناع الأطفال بالبقاء، وحث أولياء الأمور على ترك الفتيات لمواصلة تعليمهن لتفادى مشكلات الزواج المبكر. وفى تلك اللحظة، حظيت موزون بدعم فرق عمل اليونيسيف فى المخيم ليتم اختيارها كمتحدثة باسم أطفال المخيم، والقيام بالعديد من الأنشطة والحملات للتوعية, حيث حظيت تحركاتها بالقبول لكونها ابنة المخيم نفسه الأقرب لمراهقيه وشبابه والأسر السورية. وعلى الرغم من انتقالها إلى بريطانيا، فإن موزون واصلت نشاطاتها ليتم اختيارها سفيرة للنوايا الحسنة لمصلحة اليونيسيف، حيث كانت الأصغر قاطبة فى قائمة السفراء، لاستكمال خطواتها فى تعزيز توفير التعليم للأطفال وخصوصًا الفتيات، مع تفهمها الكامل للأسر التى لا تضع التعليم على قمة أولوياتها فى ظل الظروف الحالية على العكس مما هو معروف عن السوريين من حب للمعرفة والعلم. وتشير موزون إلى تشابك الظروف وتعقدها ما بين اختيار أيسر السبل لحماية الفتيات بالزواج، وندرة الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب وسقف يقيهن تقلبات الطقس، وعدم توافر الأماكن الصالحة لاستكمال العملية التعليمية. واللافت للنظر، توسع مهام موزون ليشمل أطفال سوريا فى الداخل والخارج، وخروجها فى مهام عدة لمصلحة اليونيسيف فى أفريقيا فى مخيمات مالى ونيجيريا وغيرها لدعم وتشجيع الأطفال على مواصلة تعليمهم القادر على إنقاذهم من تبعات الصراع فى بلادهم.
أما وصف موزون بأنها النسخة السورية من الباكستانية مالالا يوسفزي، فلم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة للظروف المشابهة التى جمعت بين الفتاتين اللتين تبادلتا أطراف الحديث فى لقائهما الأول عام 2014 فى أثناء زيارة مالالا لمخيم اللاجئين الذى ضم أسرة موزون. كما حضرت موزون حفل حصول صديقتها على جائزة نوبل للسلام فى أوسلو، وتبادلتا الزيارات بعد قدوم موزون إلى بريطانيا حيث تدرس مالالا أيَضا وتعيش مع أسرتها فى مدينة برمنجهام بإنجلترا, بعد الانتقال للعلاج من آثار محاولة الاغتيال التى تعرضت لها من جانب طالبان ثم طلب اللجوء بعد ذيوع شهرتها فى 2013 وعرض التقرير المصور عن قصتها لآدم إليك الصحفى بجريدة نيويورك تايمز، لتحصل على عدد من الجوائز الدولية توجتها بحصولها فى سن السابعة عشرة بجائزة نوبل عام 2014، مناصفة مع الناشِط الهندي، كايلاش ساتيارثي، وذلك لجهودها فى مساعدة أخريات على التعلم عبر منظمتها الموجودة فى باكستان ولبنان لدعم اللاجئين ومنهم السوريون وبينهم موزون، التى ترى أن العالم ما زال بحاجة لعشرات النسخ من مالالا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. من جهة أخرى، تضم قائمة سفراء الأمم المتحدة أسماء عربية أخرى من بينهم السباحة السورية يسرا ماردينى المولودة عام 1998- سفيرة للنوايا الحسنة لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين منذ 2017، التى شاركت فى الألعاب الأوليمبية الصيفية ضمن فريق الرياضيين اللاجئين فى أوليمبياد ريو عام 2016، وذلك بعد فرارها مع شقيقتها من سوريا فى اتجاه ألمانيا والمرور بتجربة مميتة لعبور البحر المتوسط وإنقاذها لغيرها، واختيارها لمخاطبة قادة العالم فى الأمم المتحدة فى نيويورك والمنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس. كما استعان المكتب الإقليمى لليونيسيف فى الأردن بأسماء نشطت فى مجال حقوق الطفل، منها: جود مبيضين، أصغر روائية عربية منذ كان عمرها ثلاثة عشر عاما, حيث أصدرت كتابين ونالت ميدالية الملك عبد الله الثانى للتفوق عام 2017 تقديراً لها على حملتها لتشجيع القراءة تحت شعار «على عتبة كل باب كتاب». وهناك إيمان بيشه، والتى شاركت فى حملات اليونيسيف للقضاء على العنف ضد الأطفال وتوفير بيئة آمنة لهم، وهو الدور الذى يسعى الجميع للقيام به فى ظل تعقيدات السياسة الدولية التى تتجاهل الضعفاء من الأطفال والنساء.
رابط دائم: