قبل 3 أسابيع، نظمت مصر موكبا أسطوريا لنقل 22 مومياء ملكية إلى متحف الحضارة. أثار الاحتفال، وما رافقه من اهتمام شعبى ورسمى تساؤلا: ماذا تعنى مصر القديمة للمصريين اليوم؟ مجرد حنين لماض غابر أم قومية يجب الاعتداد بها أم دفعة قوية للإيمان بقدرتنا على تجاوز مصاعب الحاضر والتفاؤل بالمستقبل؟.
الكاتبة المهتمة بالثقافة المصرية أورسولا ليندسى شاركت فى الإجابة ليس بحديث نظرى، كما حدث للأسف عندنا بل بمقالة ضافية بمجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس عن كتاب صدر نهاية العام الماضى لعالم المصريات البريطانى توبى ويلنكسون بعنوان: عالم تحت الرمال.. العصرى الذهبى لعلم المصريات. حتى عقود قليلة مضت، كان المصريون مستبعدين من دراسة ماضيهم. منقوشات بأسماء علماء مصريات فرنسيين وبريطانيين وألمان وهولنديين وإيطاليين على المتحف المصرى ولا ذكر لمصريين. فاجأت عظمة مصر القديمة أوروبا، فاعتبرتها جزءا من حضارتها. ونظر علماء كثيرون بعنصرية جازمين بأن المصرى لا يستحق تراثه. أطلقت الحملة الفرنسية حمى الاهتمام الأوروبى، وكان القرن 19 وبداية القرن العشرين العصر الذهبى لعلم المصريات. اكتشافات مذهلة وسرقات مجرمة. عالم مصريات ألمانى يدعى كارل ليبسوس نهب آثارا تعادل ما يحمله 10 جمال من الجيزة، مع ذلك اتهم الفلاحين بتدمير واقتلاع الآثار. اعتبر علماء أوروبا العلم أوروبيا خالصا لا علاقة للمصريين به. قاوموا إنشاء متحف تحت السيطرة المصرية. اشترطوا الإشراف عليه 33 عاما، فرفضت مصر. كانوا يريدون المصريين مجرد حفارين، ليتصدروا هم المشهد للأبد. بعض العلماء الأوروبيين تفانوا بعملهم لكن آخرين كانوا معدومى الضمير رائدهم النهب والثروة.
علم المصريات المصرى قصة الإرادة المصرية. حاول الأثرى العظيم أحمد كمال تأسيسه. أنشأ مدرسة لهذا الغرض لكنها توقفت 1923 . تواصلت الجهود إلى أن وصلنا، كما تقول ليندسى، إلى د. زاهى حواس الذى فعل أكثر من أى شخص آخر لتمصير علم المصريات تدريبا وترويجا للعلماء المصريين.
فى كتاب الموتى الفرعونى: «يا راحل ستعود. أنت يا من تنام، سترتفع. قم لأنك لن تهلك. لقد جرى مناداتك باسمك. لقد تم إحياؤك». مصر تعود ولا تموت أبدا.
[email protected]لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام رابط دائم: