عندما نجحت أول رحلة مأهولة لاستكشاف الفضاء الخارجى قبل ستين عامًا بالتمام (12 أبريل 1961)، بدا أن حلم وصول الإنسان إلى القمر يقترب. فقد سبق رحلة يورى جاجارين هبوط أول مركبة فضائية غير مأهولة على سطح ذلك الجرم السماوى الذى أثار اهتمام الإنسان وحرَّك خياله منذ القدم. بدا القمر بعيدًا جدًا قبل النجاح فى إرسال مركبات فضائية إلى كوكب المريخ وهبوطها على سطحه، والاقتراب من كوكب الزهرة وتصويره. ولكنها لم تعد بعيدة مسافة 360 ألف كيلو متر بين الأرض والقمر. تبلغ المسافة إلى كوكب المريخ ما بين 40 و54 مليون كيلو متر، فيما يبعد كوكب الزهرة مسافة تتراوح بين 260 و380 مليون كيلو متر عن كوكبنا. كما لم يعد إعجازًا نجاح جاجارين فى مغادرة مدار الأرض، والطيران إلى الفضاء الخارجى، بمعايير زمننا الرقمى، بعد التقدم المهول الذى حدث فى استكشاف هذا الفضاء. غير أن رحلته، التى تحتفل روسيا ودول أخرى هذه الأيام بذكراها الستين، تبقى تاريخية وتنطوى على أهمية خاصة، سواء لأنها كانت الأولى إلى الفضاء الخارجى، أو لكونها فتحت الطريق أمام التقدم الكبير الذى حدث بعدها، ولا يزال، فى استكشاف هذا الفضاء. كان الاقتراب من القمر حلمًا بعيد المنال على مدى قرون منذ البدايات الأولى للتراكم المعرفى الذى أنتج علم الفلك0 وما أن تحقق ذلك الحلم حتى تبين أن العلم يستطيع الوصول إلى أبعد من القمر بكثير، ويقدر على استكشاف المجرة (درب التبانة) كلها، وصولا إلى الشمس. توجد اليوم عدة مركبات فضائية على سطح المريخ وفى مداره. كما اقترب مسبار باركر الأمريكى من كوكب الزهرة خلال مهمته الحالية، التى بدأت فى أغسطس 2018 سعيًا إلى الاقتراب من الشمس لدراسة غلافها الجوى. وقد توجه المسبار خلال رحلته إلى كوكب الزهرة ثانى أقرب الكواكب إلى الشمس بعد عطارد. والتقطت الكاميرا المثبتة على متنه صورًا لسطح الزهرة, وهى الكاميرا نفسها هى التى ستلتقط أول صور لغلاف الشمس. فكم صار القمر اليوم قريبًا جدًا، بعد أن بدا قبل 60 عامًا فقط بعيدًا للغاية.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: