كلما تطلعت ببصري نحو ما يجري علي امتداد المشهد الإقليمي الذي تختلط فيه غرائز ومطامع القوي الأجنبية مع مخططات الانفصال والتجرد وأحلام الوثوب علي السلطة داخل المنطقة كلما يتزايد ويتعمق اليقين بأن القوة الذاتية لأي شعب هي وحدها التي تحمي الوطن وتؤمن الاستقرار وتجهض كل محاولات نشر الفوضى وفتح أبواب المنطقة من جديد أمام رغبات الهيمنة والوصاية الأجنبية التي عادت للبروز علي السطح بشكل متزايد في السنوات الأخيرة.
وربما يكون مفيدا وضروريا أن نسترجع ما أقدمت عليه مصر من خطوات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة باتجاه تنويع مصادر السلاح من أجل زيادة وتنمية قدراتنا العسكرية إلي الحد الذي يمكننا من تجنب مخاطر المفاجآت الغادرة في أي لحظة بعد أن حولت تداعيات السنوات العجاف منطقتنا إلي ما يشبه شحنة البارود القابلة للانفجار وحدوث الدوي الرهيب في أي بؤرة من البؤر المشتعلة علي طول وعرض الإقليم الشرق أوسطي!
إن قصاري النظر ومحدودي الرؤية هم وحدهم الذين لم يستوعبوا عبقرية التوجه المصري المبكر في السنوات الأخيرة من أجل تنويع مصادر السلاح وتمتين روابط مصر العربية والإقليمية والدولية لبناء القدرة اللازمة للتعامل مع واقع صعب في إقليم يتوسط الدنيا كلها ومازال مطمعا لنفوذ الأقوياء ممن سبق لهم قبل مئات السنين أن يسيطروا وأن يتمكنوا وأن ينهبوا ثروات وخيرات هذا الإقليم.
كان محتما علي مصر أن تبذل كل جهد مستطاع لتغيير الصورة السيئة التي خلفتها عواصف الربيع المزعوم عليها وعلي سائر دول المنطقة والتي استخدمت بخبث شديد للإيحاء بأن مصر قد انتهت عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأن من لا يزالون في العالم العربي يراهنون علي دور مصر أن يراجعوا حساباتهم لأن مصر لم يعد بمقدورها أن تحمي نفسها فكيف لأحد أن ينتظر دعمها ومساندتها لدرء المخاطر والتحديات الدولية والإقليمية.
وهكذا نجحت مصر خلال سنوات معدودة من العمل الجاد منذ 30 يونيو عام 2013 لإعادة بناء قوتها الشاملة عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا لكي تستعيد مكانتها وأن تمارس دورها العربي والإقليمي بعد أن كان غائبا وهو ما دفع مؤخرا القوي الشاردة في الإقليم لكي تراجع نفسها طالبة ود مصر وسعيا لإنهاء القطيعة معها لتعود القاهرة مجددا أرض لقاء بين الجميع.
وقد حرصت علي أن أرسم صورة للمشهد الراهن بدون كلمات تاركا مهمة وضع النقاط علي الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها لغيري ممن تباطؤا في فهم الدوافع النبيلة التي حركت مصر لتنويع مصادر السلاح وإعادة بناء قوتها الرادعة ليس فقط لخدمة قضاياها وحدها وإنما لإعادة الهيبة – ولو نسبيا – للإرادة العربية التي واجهت في السنوات العجاف مصاعب وتحديات تستوجب استنهاض الهمم وتقوية العزائم مجددا.. وفي ذكري العاشر من رمضان أكثر من درس وأكثر من عبرة!
خير الكلام:
<< لا يدرك الإنسان دروس الحياة إلا حين يعمل!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: