لم تكن جلسة مجلس الشيوخ الاثنين الماضى ١٩ ابريل جلسة عادية انما كانت شهادة او قل وثيقة تاريخية بمولد غرفة تشريعية عملاقة حرر سطورها نواب الشيوخ بأيديهم، ويبعثون من خلالها العديد من الرسائل التى استقبلها وباستيعاب شديد كل مصرى ومن مختلف فئات المجتمع، وشهدت وسائل التواصل الاجتماعى تدفق العديد من التعليقات التى تشيد بالمجلس ونوابه وقرارهم العبقرى.
فقد بدا ذلك اليوم كأى يوم من أيام الانعقاد الدورى الروتينية لمجلس الشيوخ لم يلتفت كثيرون بتلك الجلسة والتى خصصت لمناقشة مشروع قانون تعديل نظام الثانوية العامة، حتى من ذوى الشأن على اساس معتقد خاطئ لدى البعض بأن رأى ذلك المجلس استشارى، كل هذه المواقف تبدلت مع منتصف ذلك اليوم، وأصبح الشيوخ ونوابه بؤرة اهتمام ليس الفئات والكيانات السياسية بل كافة الأسر المصرية، ولم لا فقد أصدر قرارا أثلج الصدور ليس فقط لرفضه مشروع قانون يحمل المجهول لتطوير نظام الثانوية العامة، إنما لما تضمنه القرار من أسباب عديدة أبداها الشيوخ لمست كافة مناحى المعاناة التى تواجهها الأسرة من اجل تعليم أبنائهم، وحملت مناقشات النواب العديد من الرسائل التى أثبتت وبشكل عملى ان هموم المواطن ومشاكله فى عقل نوابهم، ولعل من أهمها تأكيد الشيوخ فى رفضهم ان ذلك النظام المقترح لن يحل المشكلات بل سيزيد من الأعباء والضغط النفسى على الطلاب والأسر لتمتد على مدار السنوات الثلاث المقترحة.
جلسة الشيوخ التى رفض فيها مشروع قانون نظام الثانوية العامة التراكمى الجديد ثلاث سنوات تضمنت مناقشات وتوصيات قدمها شيوخ التشريع بهدوء ووضعوا من خلال مناقشاتهم الهادئة روشتة العلاج وليست المسكنات، فى مناقشات هادئة بعيدا عن اى انفعالات او ترديد لعبارات رنانة لا تهدف إلا لدغدغة المشاعر، فقد دعا أعضاء الشيوخ لإعداد تعديلات للمنظومة التعليمية برمتها تعديلات تشمل مختلف أطراف العملية التعليمية, المدرسة والمدرس والطالب والمناهج وذلك أن كنا نسعى لإحداث تطوير حقيقى لإنتاج مخرج تعليمى يناسب حاجة السوق وبتواكب مع عجلة التطوير ، منظومة تخرج جيلا لا يعتمد على الحفظ والتلقين بل على أسس علمية وتعزز الابتكار وتنمية مهارات وقدرات الطلاب.
مناقشات هادئة وتقرير يدرس قدمه مجلس الشيوخ ، ليؤكد من خلالهما ان ذلك المجلس ولد عملاقاً بما يضمه من قامات فكرية من مختلف فئات المجتمع، ولم يكن ذلك الرفض انتقاصا من مجهود حقيقى ومخلص يبذله وزير التعليم سعيا للتطوير وهو الأمر الذى كان محل إشادة من النواب الا أنهم اختلفوا حول آليات الوصول لذلك التطوير .
وبذات الهدوء فى مناقشتهم استقبل نواب الشيوخ ورئيسهم القامة التشريعية الرفيعة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق حماس الوزير دفاعا عن مشروعه، وفى هدوء عقب رئيس المجلس على اعتراض الوزير ليؤكد ان المجلس لم يكن عائقا يوما لسياسة الدولة. والآن بعد ان أدى الشيوخ مهمتهم باقتدار ومن خلال تقرير مهم تضمن العديد من الملاحظات وحذر فيه من شبهات بعدم الدستورية، ونبه لسلبيات واجهها الامتحان الالكترونى لن تقبل فى المراحل التعليمية المصيرية، لتحال القضية برمتها لمجلس النواب ليحسم الأمر فماذا هو فاعل.
ملايين الأسر، ولن ابالغ ان قلت كل بيت فى مصر يترقب الآن قرار مجلس النواب، هل يقر تعديل الصدمات المقترح ام ينضم لرؤية التعديل المتدرج لأنظمة عتيقة تتطلب البدء من اول السطر. وليضع نواب الشعب نصب أعينهم صورة واقعية لمعاناة طلاب الصف الثالث الثانوى للعام الحالى مع نظام طموح يواجه بنيه تحتية متهالكة ومعلمين غير مؤهلين للتعامل مع النظام وطلاب تجارب لا يعلمون باى الطرق يمتحنون ولا متى يمتحنون، وليس أمامهم إلا التجارب وأسر تبحث عن اطباء نفسيين لإعادة تأهيل أبنائهم أبناء التجارب بأنهم بشر وليسوا فئران تجارب .
لمزيد من مقالات بهاء مباشر رابط دائم: