رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أفق جديد
البشر مؤرخون فشلة!

«أنت يا من تحتفى بالراحلين، من استكشفت الخارجى وسطوح الأجناس والحياة التى كشفت عن نفسها. من تعاملت مع الإنسان باعتباره كائن السياسة والتجمعات والحكام والكهنة. أنا الذى أتعامل معه كما هو ذاته وفق حقوقه الذاتية، معتصرا نبض الحياة الذى نادرا ما كشف عن نفسه، الكبرياء العظيم للإنسان فى ذاته، منشد الشخصية، راسما ما لم يتكون بعد. إننى أعرض تاريخ المستقبل».

هكذا تحدث الشاعر الأمريكى العظيم والت ويتمان( 1819- 1892)، فى قصيدته: إلى مؤرخ، بديوانه أوراق العشب، ترجمة الشاعر المبدع الراحل رفعت سلام، عن الإنسان بكل مكنوناته وجوارحه وتعقيداته، وليس الإنسان الذى يكتب عنه المؤرخون. ليس غريبا ولا مفاجئا أن يسقط الإنسان العادى من التاريخ. وإذا تواجد فهو رقم بين ملايين شاركوا بالحروب وقتلوا أو حفروا قناة السويس بالسخرة أو شاركوا فى ثورة 19... وهذا آخر حظهم من» الشهرة».

قد يكون المؤرخ معذورا، فالتاريخ لا يحتفظ كثيرا بسجلات للعاديين. لكن ما عذر البشر الذين يتعاملون مع بعضهم، ويرسمون صورة سطحية لمن يعرفونهم انطلاقا من وظيفتهم ومكانتهم ومستوى معيشتهم. لا يعطون لأنفسهم الفرصة لمعرفة زملائهم وجيرانهم ومعارفهم عن حق، وبذلك يخطئون بالحكم على البشر لأنهم لم يحصلوا سوى على قشرة خارجية لا تنبئ بالكثير.

ترحل شخصية مهمة. يحاول بعضنا كتابة لمحة أو نبذة عرفانا أو إشادة، ويضعها على مواقع التواصل. يشتعل نقاش وربما عراك قاس تتطاير فيه ألفاظ وشتائم، مع أن من كتب ومن علق لا يعرف الكثير عن الراحل سوى السيرة الرسمية أو بعض شذرات لا تفيد كثيرا. يقول ويتمان: «حين أموت سيكتب شخص ما حياتى. كأن هناك من يدرى شيئا عن حياتى، فحتى أنا كثيرا ما أظن أنى لا أعرف إلا القليل أو لا شىء من حياتى الحقيقية».

غالبيتنا لا تعرف الكثير عن الآخرين، ولذلك علينا التحلى بالهدوء والعقلانية وعدم الاندفاع فى المدح الزائف أو الذم البائس، فالإنسان أعمق وأعقد كثيرا من معرفة ضعيفة لدينا عنه، ومع ذلك نعتقد أننا قادرون على محاسبته والحكم عليه.

[email protected]
لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام

رابط دائم: