لا معنى، ولا فائدة، لخطط اقتصادية لا تستهدف بناء الإنسان، وتحقيق أمنه الصحى والاجتماعى والنفسى. ولا يمكن لأحد أن يشكك أبدا فى أن مسيرة الإصلاح الاقتصادى التى بدأتها مصر فى السنوات القليلة الماضية كان هدفها الأساسى بناء الإنسان المصرى القادر على تحقيق التنمية الشاملة لمجتمعه وبيئته ومستقبله هو وأبنائه.
غير أن هذا البناء للإنسان لا يتحقق بمجرد الأمنيات الطيبة، ولا من خلال الشعارات البراقة، وإنما بوضع سياسات اقتصادية ومالية واضحة المعالم، ومدروسة دراسة متعمقة، وهذا ما انتهجته الحكومة عندنا، وأكدته المؤشرات الاقتصادية، واعترف به العالم كله.
وفى بيانه الذى قدمه وزير المالية محمد معيط أمام اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولى أمس الأول، عبر خدمة الفيديو كونفرانس، أوضح الوزير البعض من هذه السياسات ونتائجها، وعلى سبيل المثال، فإن الحكومة تواصل جهود تحقيق الانضباط المالى، وخفض الدين، وكذلك خفض عجز الناتج المحلى، ومعروف طبعا أنك كلما قللت الدين العام للدولة فإنها تكون أكثر قدرة على تنفيذ خطط التنمية والنهوض بالمجتمع.
وأيضا فإن بدء تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل فى بعض المحافظات، تمهيدا لتعميمه ليشمل كل بقاع مصر، من شأنه أن يقود عملية الإصلاح الصحى بما يوفر الخدمة الصحية لكل إنسان يعيش فى هذا الوطن. وغنى عن الذكر أن تمتع المواطن بالصحة من شأنه الإسراع بإنجاح خطط التنمية حيث لا يمكن لمريض أن يبنى وطنا. ولسنا هنا فى حاجة إلى إعادة التذكير بالمبادرات الصحية الهائلة التى تم تقديمها للمواطنين فى السنوات الأخيرة.
علاوة على ذلك، فإن أحد جوانب الانضباط المالى هو رفع كفاءة الإنفاق العام، ومن ثم التوجيه الأمثل للموارد المالية للدولة. إن هذا الضبط المالى يضمن توجيه أموال الدولة إلى المجالات التى تحقق التنمية، وليست ببعيدة عن أعيننا تلك المشروعات العملاقة، فى الزراعة والصناعة والبنية التحتية، والتى ستكون فوائدها للمواطن لا حد لها فى المستقبل القريب.
كذلك فإن جهود تحديث ورقمنة منظومة الضرائب عندنا تحقق هذه الأيام نجاحا كبيرا. ويعرض أى دارس مبتدئ للاقتصاد أن الدول الحديثة تبنيها الضرائب، وإلا فمن أين ستأتى الحكومات بإيرادات تنفقها على الصحة والتعليم والبنية التحتية وغيرها؟
لكن الشرط الأساسى لنجاح أى إدارة ضريبية هو تحقيق العدالة فى جمع الضرائب، وهو ما تسعى إليه الحكومة ووزارة المالية سعيا حثيثا. وبالتالى فإن ميكنة الإجراءات الضريبية من شأنها تحقيق هذه العدالة المنشودة. ويبقى أن كل الجهود لن يكتب لها النجاح إلا بتفاعل المواطن معها، وطبعا كلما قدمت الحكومة البيانات الصحيحة نجحت فى جهودها، وهو ما تحرص عليه الوزارات المختلفة عندنا حرصا شديدا.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: