رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الشيخ عويضة عثمان لـ «الأهرام»: «رمضان» فرصة لعودة الأسرة إلى المودة والرحمة

أجرى الحوار خالد أحمد المطعنى
الشيخ عويضة عثمان

  • الأحوال الشخصية أكثر الأسئلة الواردة إلينا و«كثرة الطلاق» تحتاج إلى معالجة شاملة
  • الإفتاء صناعة .. والأمين عليها صاحب رسالة يحتاج لتنمية مهاراته لمواكبة المستجدات

 

 

 

أكد الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن شهر رمضان المبارك يعد فرصة عظيمة لعودة الأسرة إلى الود والرحمة فى التعامل فيما بينها، وكشف فى حواره لـ «الأهرام»، عن أن «الإفتاء صناعة» والأمين عليها ليس موظفا، بل صاحب رسالة ومنهج، لذا دائما عليه تنمية مهاراته العلمية لمواكبة المستجدات، وأن أكثر أسئلة المستفتين الواردة إلينا تدور حول الأحوال الشخصية، خاصة الطلاق، حيث يأتى فى صدارتها، وكثرة الطلاق ومسبباتها حاليا تحتاج الى معالجة شاملة.. والى نص الحوار:

فى البداية نود التعرف على طبيعة عمل فضيلتكم فى مؤسسة دار الإفتاء المصرية؟

بداية أشكر لك دقة سؤالك بقولك «مؤسسة»، فدار الإفتاء مؤسسة، والعمل المؤسسى عمل منظم متكامل، عملُ الفريق الواحد الذى يوجد فى بيئة واحدة تتفق لتحقيق أهداف مشتركة، وأقل وصف أقوله عن دار الإفتاء، ــ وأنتم تعلمون ــ عبارة عن خلية نحل، كلُّ يعرف ما يقوم به من عمل بداية من أخى معاون الخدمة حتى فضيلة المفتى، لذلك يخرج منتج دار الإفتاء المصرية ــ وهو عبارة عن الفتوى - منتجاً رصيناً محكماً يسير على قواعد الفقه التى تراعى مقاصد الشريعة ومصالح العباد.. أمَّا عن طبيعة عملى، فأنا أعمل أمين فتوى بدار الإفتاء، وكما يتضح جليّا من المسمى الوظيفى «أمين فتوى»، أن الفتوى تحتاج إلى أمانة فى أدائها، تحتاج إلى الخوف من الله عز وجل أثناء القيام بها، لذلك «أمين الفتوى» لا يكون موظفاً، وإنما هو صاحب رسالة ومنهج، قمة السعادة وأنت تسمع المستفتى «السائل» يدعو الله لك بالستر وحسن الختام والعافية عندما تفتيه و تبين له امور دينه ونحو ذلك، وهذا عاجل بشرى أمين الفتوى.

التنمية العلمية

هنا يتفرع سؤال: هل هناك تنمية علمية لأمين الفتوى حتى يتزود من الأبحاث العلمية الشرعية الجديدة؟

نعم، لابد من هذا وإلا توقف عطاؤه وحُبس فكره عند حدود معينة، وهذا لا يتناسب مع المستجدات الفقهية والنوازل التى تحدث وتحتاج إلى قراءة واطلاع ودراسة للواقع وفهم لطبيعة الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، إذن لا بد لأمين الفتوى أن يقرأ ويذاكر بصفة مستمرة ولا يقف عن البحث العلمى لحظة، أى أن عالم الشريعة لا يركن لحظة إلى الكسل عن القراءة والاطلاع، من هنا تقيم دار الإفتاء المؤتمرات العلمية وتدعو إليها القائمين على شأن الفتوى فى كل دول العالم، وأول المستفيدين هم أمناء الفتوى، وكذلك تقوم بعمل الدورات العلمية داخل دار الإفتاء لأمناء الفتوى والباحثين العاملين بها وذلك لتنمية وتنشيط البحث العلمى الشرعى وتطوير الفكر والتدريب على كيفية التعامل مع مستجدات الأبحاث والنوازل.

فى إدارة الفتاوى الشفهية التى تعملون بها ما أكثر الأسئلة الواردة إليكم؟

أقول دائماً: الناس بخير ما سألوا عن أمور دينهم وفقه شريعتهم، وهذا يدل على خوف الناس على دينهم وحرصهم على إصلاح علاقتهم بربهم. أمر آخر، وهو أن المستفتى «السائل» يعرف أين يسأل سؤاله وأين يتوجه بمسألته الفقهية، لأنك تعلم كيف تشعبت بالناس السبل، واضطربت حياتهم عندما توجهوا بأسئلتهم إلى غير متخصصين فى الإفتاء، هذا شدد عليهم وضيق كل واسع، وآخر تساهل تساهلاً مفرطاً أدى إلى فقد الثقة فيمن يفتى.

من هنا حملت دار الإفتاء المصرية عبء بيان الوسطية فى الفقه الإسلامى وحرصت على بيان الفتوى فى يسرها وسهولتها ووسطيتها، كما بينت مرونة الفقه الإسلامى وكيف أنه صالح لكل زمان ومكان.

أعود إلى سؤالك فأقول: تتنوع الأسئلة الواردة إلى دار الإفتاء ما بين أحوال شخصية «نكاح طلاق، رضاع، نفقات زوجية، وحقوق مطلقات ونحو ذلك» وبين عبادات «صلاة، زكاة، صيام، حج ونحو ذلك»، وبين معاملات «بيع، عقود، معاملات حديثة، بنوك ونحو ذلك».. وجنايات «ديات القتل كحوادث الطرق ونحو ذلك»، «والميراث وحساب التركات.. وشبهات العقيدة وغير ذلك من الآداب والأخلاق، ومستجدات المسائل».

المستجدات

ما المقصود بالمستجدات؟

المستجدات هى فروع فقهية جديدة تحدث فى حياة الناس، توقع الناس فى حيرة أهى حلال أم هى حرام؟، لذلك لا بد لدار الإفتاء أن تجمع كل ما يتعلق بهذا الفرع الفقهى الجديد وتقوم بدراسته فى لجنة الأمانة العليا ويأخذ دورته فى الإخراج كفتوى، هذا تحت رعاية ونظر واجتهاد فضيلة المفتى.

أعود إلى فضيلتك عن أهم الأسئلة الواردة إليكم؟

أهمها وأكثرها الأحوال الشخصية «نكاح - مشاكل الخطبة، من نزاع على شبكة حينما تفشل عملية الخطبة، وطلاق وحقوق المطلقة عندما تفشل الحياة الزوجية».. ايضاً مسائل الميراث، وتقسيم التركات.

هل ممكن أن يأتى السائل يسأل لأخيه أو أبيه أو صديقه أم لا بد من حضور صاحب الواقعة يسأل بنفسه؟

هناك مسائل لا بد من حضور صاحب الواقعة، ونحن نشترط هذا ونتوقف عن الإجابة حتى يحضر إلينا، مثل أسئلة الطلاق، لا بد من حضور الزوج الذى تلفظ أو أوقع الطلاق، وكذلك مسائل الرضاع، لا بد من حضور المرضعة، وكذلك مسائل النزاعات المالية، لا بد من حضور أطراف النزاع، وبالمناسبة أقول الحمدلله هناك إدارة خاصة بِفض النزاع فى المعاملات المالية ومسائل الميراث والجنايات، وهذا يسهم بدور كبير فى تأليف القلوب ولمّ الشمل وإنهاء حالات الثأر.

قضايا الأسرة

ماذا عن قضايا الأسرة ومدى اهتمام دار الإفتاء بها؟

لقد حرص الإسلام، وحرص الشرع الحنيف على جعل الترابط قويا بين أفراد الأسرة، بدءا من تسمية عقد الزواج بالميثاق الغليظ وانتهاء بالتوعية بالإحسان والفضل عند فك هذا الميثاق، وإنهاء عقد النكاح، وأقول: ليت الأزواج يعلمون كيف أن الشيطان يفرح بهدم الأسرة، وتفريق أفرادها، وهدم بنيانها، وليت الزوجة تعلم مدى الألم النفسى الذى يقع على أولادها، عندما تصر بكل جهدها، وتطلب الطلاق، وترفض استمرار الحياة الزوجية، ارضاء لعنادها، وإشباعا لانتقام نفسها، وتضرب بمصلحة أولادها عرض الحائط، لذلك أقول: لقد فقد الزوجان كل معانى الصبر على الخلافات، وغابت عنهما الحكمة فى إيجاد الحلول بعيدا عن إنهاء الحياة بالطلاق، من هنا قامت دار الإفتاء المصرية بإعداد عدد من لجان الطلاق بطريقة منظمة، تقوم بالاستماع إلى الزوج الذى تلفظ بالطلاق، لتقف على مدى غضبه وإدراكه وإملاكه، وقصده وعزمه، ولتنظر أيضا كل المؤثرات التى تؤثر على نفسية الزوج بطريقة احترافية منظمة، وهذه المنظومة التى أنشأتها دار الإفتاء، لا تجد مثلها فى أى مؤسسة دينية فى العالم، وأيضا: حرصا من دار الافتاء على استقرار الأسرة المصرية، أنشأت وحدة خاصة بالإرشاد الأسرى، وهى تضم متخصصين فى الصحة النفسية والإرشاد الأسرى والتنمية البشرية، وهذا لا يتوفر فى مكان بهذه التقنية، كما أنها جلسات مجانية لا تحتاج إلا الحرص من الزوجين على حضورها، كما تقيم الدار دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج، والحمد لله آتت ثمارها ولاقت نجاحا وقبولا من الشباب المقبل على تأسيس الحياة الزوجية من كلا الجنسين.

ما أسباب كثرة وقوع الطلاق من وجهة نظركم؟

الحقيقة أن هذا الأمر يحتاج إلى دراسات اجتماعية ونفسية من الباحثين المتخصصين، وهذا هو دورهم، وهو مهم جدا للإسهام فى الوقوف على أسباب هذه المشكلة، وكما تعلمون أن معرفة أسباب المشكلة نصف الحل، ولكن نحن كأمناء فتوى نرصد بعض الأسباب التى تؤدى إلى انتشار مسألة الطلاق، وهذه تظهر أمامنا عند التحقيق مع المستفتى فى ألفاظه.. فمثلا: من الأسباب، أولا: عدم فهم كثير من الشباب- الذى يقبل على الزواج – لمدى مسئولية الحياة الزوجية، فكثيرا منهم لا يفرقون بين حياتهم قبل الزواج وبعده، فترى الواحد منهم يهمل زوجته، ويقدم السفروالجلوس مع أصدقائه لساعات متأخرة على مجالسة زوجته ومؤانستها، وهذا يؤدى إلى نفور الزوجة من الحياة الزوجية، ثانيا: كثيرا ما تظل الفتاة التى تزوجت مرتبطة بأسرتها، فتراها تذهب كثيرا لأسرتها مهملة شأن زوجها، وربما مكثت عندهم أياما، دون أن ينبهها أحد من أسرتها على خطورة هذا الأمر، ويتكرر هذا كثيرا، مما يفقد الحياة الزوجية استقرارها، ثالثا: اهتمام كثير من الأزواج، والزوجات بمواقع التواصل الاجتماعى والدردشات عليها، مهملين الطرف الآخر، وهذا جلب الشرور والدمار على الأسرة، بسبب المبالغة فى كثرة استعمالها. رابعا: تدخل الأهل فى حياة أبنائهما بعد الزواج، وعدم تركهم يعيشون حياة مستقلة، هذا أيضا يؤدى إلى فشل هذا الزواج سريعا، وللأسف هذه عاداتنا كشرقيين، لانترك أبناءنا يستقلون بتخطيط وتسيير حياتهم، خامسا: قلة الصبر من الزوج على تحمل خطأ من زوجته، والعكس، فالزوج يريد زوجة كاملة فى كل شىء، وكذلك الزوجة، وهذا مستحيل، لأن كل بنى آدم خطاء، ولابد أن يكون هناك نقص فى جانب من الجوانب، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إذا كره منها خلقا، رضى منها خلقا آخر».

جمع الشمل

بمناسبة الكلام عن الأسرة.. كيف يكون حال الأسرة فى رمضان؟

الأسرة فى شهر رمضان تحب الاجتماع، فتحب للمسافر أن يرجع، وللمتخاصمين أن يصطلحا، وهذا ما نلاحظه قبل حلول شهر الكريم، حيث تزدحم أسئلة الطلاق جدا فوق العادة، وكأن كل زوج يريد أن يلم شمل أسرته فى هذا الشهر، ويريد أن يراجع نفسه لجمع الأسرة واستمرار الحياة، وهذه أولى بركات هذه الأيام، ونسمع جملة من الأزواج «إحنا عاوزين نصطلح لأننا فى أيام مباركة بتحب لمة العيلة»، والحمد لله على فضله أن جعل لنا مواسم خير ننتبه فيها لحالنا مع الله، وحالنا مع أسرنا، ونصيحتى للزوجين وللأسرة فى هذا الشهر الفضيل: أن يتركا الخلاف، ويعيدا النظر فى حياتهما، متجهين إلى الصلح وترك الخلافات التى تعصف باستقرار الأسرة.

إن شهر رمضان فرصة لتجتمع الأسرة على الود والرحمة، على العبادة وتلاوة القرآن والدعاء، فما أجمل أن يجمع رب الأسرة زوجته وأبناءه عند الإفطار متوجها بهم إلى الله تعالى، سائلا الله تعالى أن يجمع شملهم دائما ولايفرقهم، وأن يبعد عنهم الشيطان وكيده، وما أجمل أن يقوم الرجل بإمامة أهل بيته فى صلاة التهجد، كما كان يفعل الصالحون، فرمضان موسم تصفية النفوس، وتطهير القلوب، والوقوف على عيوب النفس لإصلاحها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق