رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

زارت «الأهرام» وأكدت افتخارها ببصمتها العروبية:
ماجدة الرومى: مصر حاضنة الشعوب والمواهب والمبدعين

أعدها للنشر : محمد القزاز ــ علاء محجوب > تصوير محمد عادل
رئيس تحرير الأهرام يهدى ماجدة الرومى لوحة فنية بريشة أمانى زهران
> شارك فى اللقاء من الجانب اللبنانى : سوسن ربيع ـ جمال فياض

هشموا وشوهوا وجه بيروت الجميل

انفجار المرفأ أصعب أيام حياتنا

لبنان فى المنفى وسيعود ليكمل الحياة

 

ستظل كلمات ماجدة الرومى ليست كالكلمات، إنْ غنت، وإنْ حكت، مصرية هى فى الهوى والجذور، ولبنانية فى المولد والعشق، فى كلماتها وأحاديثها وأحاسيسها وتحركاتها، لا تحمل سوى همّ واحد: الوطن.

كاريزما الرومى لا تخطئها العين، وكلماتها تعشقها الأذن دائما، اسمها ارتبط  بالبهجة والثقة والأمل، بهجة تشع من وجهها حين تغني، وثقة  فى شعب لبنان السيد الحر المستقل، وأمل فى غد أفضل لهذا الوطن المنكوب من سياسييه والمتآمرين عليه.

زارت ماجدة «الأهرام»، و تأملته كمن يزور بيتا يعرفه جيدا، رسمته فى الخيال من حكايات الأم صوفى شفتشى والجدة وردة يوسف حبيب ابنة المحرر الكبير يوسف حبيب فى عهد داوود بركات رئيس تحرير الأهرام منذ ١٩٠١ ولمدة ٣٠ عاما.. للأهرام عندها عشق خاص، سواء بسبب الجد، أو بسبب الجيران القدامى بكفر شيما بجبل لبنان بلدة مؤسسى الأهرام سليم وبشارة تقلا، أو بسبب دوره التنويرى والعروبى منذ مايقرب من قرن ونصف القرن.

زيارة ماجدة لـ «الأهرام» حدث لا يتكرر كثيرا، أعاد ذكريات زيارات الفنانين الكبار للأهرام، «الصبوحة» الجارة الأخرى لماجدة بوادى شحرور، وأم كلثوم وعبدالحليم وعمر خيرت، وغيرهم.

أحسن الأهرام استقبال المطربة الكبيرة، كرمها بحفاوة وسلمها مفتاح الأهرام وهو تقليد يكرم به الرؤساء وكبار الشخصيات، وأهداها لوحة من لوحات فنانى الأهرام. 

فى بداية الزيارة قامت ماجدة الرومى بجولة فى صالة تحرير الأهرام، وبعدها كان اللقاء مع عبدالمحسن سلامة رئيس مجلس الإدارة  وعلاء ثابت رئيس التحرير ومحررى الأهرام، حيث رحب سلامة بالفنانة الكبيرة قائلاً: أنت رمز من رموز الفن العربى الأصيل، وهو الحقيقة التى تحيى الأمل فى نفوسنا جميعا أمام تيارات متداخلة كثيرة من صراع الحضارات فى مجال الأغنية – إذا جاز التعبير- فاسم ماجدة الرومى يمثل جيلا، ومعنى، ومحتوى، بالنسبة لنا، جيلا أسهم فى الدفع بالأغنية العربية خطوات للأمام، ومحتوى ومضمونا هادفا وينبغى أن نكون حريصين عليه،

وأضاف سلامة: سعادتى لا توصف حينما أرى الفنانة الكبيرة تغنى وكل حفلاتها كاملة العدد، وهو ما يعطى أملا فى الأجيال الجديدة أيضا، ذلك أننا أحيانا كثيرا يحدث لدينا خلط فى المفاهيم، ويقول بعضنا إن الفن الأصيل والراقى ليس له قاعدة شعبية، لكن هذا الخلط تنفيه رحلة ماجدة الرومى إذ تثبت دائما أن الفن الأصيل والراقي، له قاعدة شعبية، بل قاعدة كبيرة ، لكن السؤال هو كيف نستطيع أن نستثير هذه القاعدة؟ وكيف نستطيع أن نجعل هذه القاعدة تجد ما تتمناه؟ الجواب عند الفنانة ماجدة الرومى فهى التى تستطيع تحقيق تلك  المعادلة الصعبة حين تقوم بدورها على أكمل وجه، لذا كان لزاما علينا أن نوجه لها التحية، وأن نحرص على استضافتها فى مؤسسة الأهرام أقدم مؤسسة صحفية فى مصر وفى العالم العربى وفى إفريقيا.. مؤسسة تحمل تاريخ 145 عامًا فهى ثانى أقدم مؤسسة صحفية على مستوى العالم بعد الـ «نيويورك تايمز».

واختتم سلامة كلامه بقوله: إن الأهرام ستظل  الصحيفة الأكبر والأكثر توزيعا فى مصر والعالم العربى  بلا استثناء، ونحن سعداء بتشريفك للأهرام ، وسعداء أيضا بقبولك تشريفنا فى احتفالية مرور 145 عاما على نشأة الأهرام، والتى ستكون تحت رعاية الدولة بكل أجنحتها، سنسعد بك وقتها، مثلما نسعد بك دوما.

ثم تحدث علاء ثابت رئيس التحرير وقال: أهلا بك فى مصر أم الدنيا، وأنتِ القادمة من بيروت ست الدنيا، مرحبا بك فى مقر جريدة الأهرام العريقة، اللبنانية، المصرية.. كما أنتِ، فمصريتك لا تستمدينها فقط من والدتك، ولكن من هواك المصرى وحبك لمصر، اليوم يشرفنا صوت عربى أصيل، صوت يبقى أثره كعلامة مميزة فى الزمان والمكان، فكل ما شدوت به سيدتى كان ارتقاء بالذوق العام، وتثقيفا للمستمعين وإزكاءً للروح الإنسانية والوطنية. ماجدة الرومى أكبر بكثير من وصفها بملاك الطرب العربى ومطربة المثقفين، أغانى ماجدة الرومى تحمل أيضا رؤية سياسية عميقة تتبناها مناضلة وطنية حقيقية. وفى كل لحظات المحن، وفى لحظات الخطر التى يمر بها لبنان، يستدعى اللبنانيون والعرب جميعا، بيروت ست الدنيا، وسقط القناع، وسيدى الرئيس.. وغيرها.

لذلك فأى حوار مع ماجدة الرومى لا يمكن له أن يتوقف عند الطرب، بل يمتد إلى الأوضاع السياسية العربية، فكلماتك سيدتى ليست كالكلمات التى يصدح بها السياسيون والكتاب، وحدك كلماتك كالريشة تحملها النسمات، فلكِ كل التحية والتقدير والامتنان لكل ما تقومين به، وشكرا جزيلا على اختصاصنا بتلك الزيارة، التى تنم عن تقدير خاص نعتز به من جانبكم، بهذا الصرح العريق الذى نشرف بالانتماء له، وخالص دعواتى وكل المصريين للبنان العزيز باجتياز تلك المرحلة الصعبة التى يمر بها.. ليبقى كما عودنا أيقونة للسلام والمحبة فى الوطن العربى.

> ماجدة الرومى تتوسط أسرة الأهرام

وتحدثت ماجد الرومى حيث قالت: أيُّها الكرام، شرفٌ لى كبيرٌ أن أقفَ اليومَ على هذا الْمِنْبرِ الـمَهيبِ فى جريدةِ «الأهرامِ» العريقةِ، لأتقبل باعتزازٍ تشريفَكُم بتكريمي، أنتمْ، أركانَ أعرقِ جريدةٍ عربيَّةٍ فى شرقِنا العربيِّ، «الأهرامِ» التى أُجِلُّها وأفتخرُ بأصالةِ بَصمتِها الْمِصْريَّةِ العربيَّةِ، وأحترمُ هيبتَها ووَقارَها ورصانتَها ومِصْداقيَّةَ احترافيَّتِها، ودعمَها، مذُ كانتْ، لكلِّ فنٍّ جميلٍ وكلِّ فكرٍ خلَّاقٍ،وكلِّ حق ...

 «الأهرامِ» التى ما فتِئَتْ منذُ مائَةٍ وستةٍ وأربعينَ عامًا، تحمِلُ إلينا، كلَّ صباحٍ، الشَّمسَ والياسَمينَ والقهوةَ وأخبارَ العالم، وتُواكِبُنا أنَّى كُنَّا، على دروبِ الحياةِ، حتَّى غدَتْ جليسةَ الأيَّامِ ورفيقَةَ مِشْوارِ العُمْر.

عَلاقتى بـ «الأهرامِ» أقدمُ وأغربُ ممَّا قد يتصوَّرُ البعض. فَجَدُّ أمِّي، الْمِصْرِيَّةِ ، كان محرِّرًا فى «الأهرام» قبلَ نحوِ مائةِ عامٍ، اسمُه يوسُف حبيب، وكانَ يعيشُ يومَذاكَ وأُسرَتَه، فى مَسْقِطِ رَأْسِه «شبرا». ومن غَرائِبِ الصُّدَفِ أنَّ مؤسِّسَيِ «الأهرام»، سليم وبشارة تقلا، وُلِدا فى البلدةِ التى أنا مِنْها: كَفَرْشيما الْمُطلَّةِ على المتوسِّطِ، المتَّكئةِ على كَتِفِ جَبلِ لبنانَ الأشمِّ، كأميرةِ الحكاياتِ الجميلة.

هكذا عَرَفْتُ بلدتَنا كَفَرْشيما يومَ كانَ لبنانُ الحبيبُ وطنَ السَّلامِ والنُّورِ والعزِّ والبَرَكةِ والخيرِ، ومنارةً ساطعةً للثَّقافةِ والفنونِ الجميلة

نعم، هكذا عَرَفْتُ لبنانَ، رغيدَ العيشِ، قبلَ أن يُصيبَنا ما لم نَحْسَبْ له حِسابًا ولا خَطَرَ على بالِ أبشعِ الكوابيس الحرب!!!

وتضيف الفنانة الكبيرة: حربُ العام ٧٥ الرَّهيبةُ المشبوهةُ المستورَدَةُ على محلِّيَّتِها، المُثقلةُ بأهوالِها وأشباحِ ظلامِها التى أتَتْنا من حيثُ لا ندرى فى ليلةٍ ليلاءَ، فافتَرَسَتْنا الواحدَ تلوَ الآخرَ وكرَّتِ السُّبحة، وراحتْ - عامًا بعدَ آخرَ - تَسْرِقُ منَّا مفاتيحَ سيادةِ لبنانَ واستقلالِه، فى ظروفٍ، وحدَه اللهُ يعلمُ ما كان مدى خطورتِها وقساوتِها.

لكنَّنا، وعلى الرَّغمِ من عنفِ  كلِّ من خانَ وتَقاتلَ بنا، وبطوائفِنا، من داخلِ لبنانَ وخارجِه،  وفى ظلِّ سطوةِ  صُنّاعِ الحروبِ، وبشجاعةٍ لا أعرفُ كيفَ أصفُها لكم، ولا أعرفُ من أين أتَتْنا، أكمَلْنا الطَّريقَ وَسْطَ حقولِ  أَلغامهم  وأزهَرْنا، فى كلِّ مكانٍ أزهَرْنا، بينَ مِتراسَيْنِ، وبينَ دَمْعتَيْنِ، وبَيْنَ مِدْفعَينِ، وبَيْنَ مَلْجَأَيْنِ أزهَرْنا، وتفوَّقْنا وتمايَزْنا، فى كلِّ أرضٍ وفى كلِّ مجال ...

وواجهناهُمْ!

بروحِ الأرضِ التى بَقِيَتْ حَيَّةً نابضةً فينا، بالثَّقافةِ والفنونِ الجميلةِ واجهناهُمْ! وما الثَّقافةُ والفنونُ الجميلةُ سوى روحِ الشُّعوبِ النَّاطِقةِ باسمِ بلدانِها.

وقاتَلْناهُمْ بِالحبِّ، بالصَّلاةِ، بالصُّمودِ بالإيمانِ المطلقِ باللهِ وبلبنانَ، وبدعم  مِصرَ والإِخوةِ العربِ جميعاً وبعضِ الدُّولِ الغربيَّةِ لنا، مشكورينَ، مُحاطينَ بكلِّ الإجلالِ والتَّقدير...

نَعَمْ قاتَلْناهُمْ بكلِّ مُمكنٍ.

لكنَّ شرَّهُمْ كانَ لنا بالمرصادِ فأَفْقَرونا فى ليلةٍ واحدة!

وَجَوَّعوا شعبَنا وهجَّروا شبابَنا لإفراغِ الأرضِ.

وأتساءلُ أحيانًا: لصالحِ مَن هُم يُفرِغونَ الأرضَ كلَّها؟!

ثمَّ جاءَ دورُ بيروتَ، فهشَّموا وشوَّهوا وجهَها الجميلَ، لا لسببٍ إلَّا لأنَّها عاصمةُ الحياةِ، فَهوَى مَرْفَأُها العريقُ، وهوَتْ معَه كلُّ قلوبِنا فى يومٍ أسودَ، قد يستحيلُ على أيِّ لبنانيٍّ أن يُشفَى من هَوْلِ أحداثِه!

هذا الانفجارُ الرَّهيبُ الذى -لا ولن- نعرفَ إن كانَ أتانا من الجوِّ! أم من تحتِ الماءِ لشدَّةِ ارتجاجِ الأرضِ تحتَنا! أمْ من برِّ الألغاز!

رَوَّعَنا، صَدَمَنا، قتَلَنا. فكيفَ ستُمَّحى بعدُ من ذاكرتِنا هذه المأساةُ؟ وكيفَ سنتمكَّنُ بعدُ من تخطِّيها... لا أعرف. ولكنَّنى أعرفُ أنَّنى بعدَ الرَّابعِ من آب/أغسطس ٢٠٢٠ لم أَعُدْ أنا!

سيادةُ لبنان ولملمةُ دموعِ شعبِه وبلسمةُ جراحِ بيروتَ المنكوبةِ، أضحتْ كلُّها هاجسى الأولَ الآن... عدا ذلك لم أعُدْ معنيَّةً لا بالأخبارِ ولا بالخُطَبِ ولا بالسِّياسةِ، وما عدتُ أنتظرُ من أحدٍ أيَّ عدالةٍ، لأنِّى لم أعُدْ أؤْمِنُ إلَّا بعدالةِ السَّماء، وكلِّى انتظار.

وتواصل صاحبة الصوت العربى العروبي: أيُّها الكرام، يا سامعى الصَّوتِ، يا أركانَ الإعلامِ الناطقِ باسمِ الهُويَّةِ العربيَّةِ والكرامةِ العربيَّة، أنتمْ تابعتُمْ وتتابِعونَ ما يحدثُ فى لبنانَ المنكوبِ، وتتابعونَ بالتأكيد كيفَ تُذبحُ دولُنا الواحدةُ تلْوَ الأُخرى وتتقطَّعُ أوصالُها، لا لسببٍ إلَّا لأنَّنا ضمنَ امتدادِ أرضٍ عربيَّةٍ واحدة تُقاسُ بمقياسِ مصالحِ سياساتِ هذا الكون. لذا لن أنتظرَ ذبحَ باقى الأرضِ العربيَّةِ - لا سمح الله- الأرضِ التى أحبُّها و أنتمى إليها حتَّى أقولَ كلمتي، بل سأقولُها الآنَ فى حضورِكُم وأمامَ اللهِ وضَميري، وبالذَّاتِ من أرضِ مِصرَ  الأبيَّةِ البهيَّةِ التى لَطالما دَعَمَتْنا ووقفَتْ إلى جانِبِنا، مصرَ حاضنةِ شعوبِ الدُّنيا والمواهبِ الفنيّةِ  والاقلامِ المبدعةِ المصريَّةِ والعربيَّةِ كلِّها ، وقضايا الحقِّ كلها، بحبٍّ آهٍ كم يُذهِلُ وكم يَشفي!

كيفَ لا؟ وهِيَ  أمُّ الدنيا التى ما استقبلَتْنا يومًا إلَّا بالأحضان وما دخَلْناها يوماً إلَّا آمِنين...

أيُّها السَّادة، هاكُمْ كَلِمتى فاستَحْلَفْتُكُم بالله... اسْمعوها:

صرخَتى هذه اليومَ، هى صرخةُ لبنانَ المنكوبِ وأنينُه. هى استغاثةُ كلِّ لبنانيٍّ شهيدٍ حيٍّ لا صوتَ له سِوانا ...

يسأَلَكم أنتمُ، الإعلامَ الحرَّ، بِقَدْرِ ما يسأَل جامعةَ الدُّولِ العربيَّةِ والمسئولينَ العربَ جميعًا، ويسأَلُنى بِقَدْرِ ما يَسْأَلُ أيضًا كلَّ لبنانيٍّ، وكلٌ من موقعِه باسمِ الله وباسمِ الإنسانِ، أن  نكونَ له صوتًا صارخًا فاعلاً مُدافعًا عن حقوقِهِ المسروقةِ وبلدِه المنكوب...

بالتأكيد لن نتمكَّنَ من إعادةِ البسمةِ إليه اليوم ولكنْ، يكفى أن نُساندَه الآن كى نعيدَ إليهِ الثِّقةَ بالحياةِ ونمسحَ عن وَجْهِهِ دَمْعَةً، آهِ كمْ تُحرِقُ وكم تَقْسو... اسألونى !

من مِنْبرِكُمُ الكريمِ، أعلِنُ تأييدى له حتَّى الموت، فإنْ عِشْتُ فإنَّما له ومَعَه أعيشُ، وإذا مِتُّ فمَعَه فى الخَندقِ  ذاتِه أموتُ...

فنموتُ  حُبًّا!

نموتُ وقوفًا!

نموتُ ولبنانُنا نحن  تاجٌ على رؤوسِنا، أشرفُ وأطهرُ وأنبلُ من أن يُطال او يُمسّ.

ونبقى إلى الأبدِ، أبناءَ العزَّةِ والكرامةِ، أبناءَ النُّورِ والسَّلامِ والأملِ والهامةِ المرفوعةِ، حُرَّاسَ لبنانَ السِّيادةِ والاستقلال والحريَّةِ، رغماً عنهم، شاءوا أم أَبَوْا...

هذهِ هيَ كلمتى أمامَكُم أيُّها الكرامُ، فليحتفظْ بها التاريخُ عن لساني، وليعتبرْ منها مّن يريدُ أن يعتبرَ ، ويَعِيَ أبعادَها الخطرةَ من يريدُ، فيتصرّفَ اليومَ اليومَ، وليسَ غدًا، وَفْقَ ضميرِه ووَفْقَ مسئوليَّتِهِ التَّاريخيَّةِ تجاهنا جميعاً، نحن! الأرضَ العربيّةَ الواحدة...

وختامًا، جزيلِ شكرى وامتنانى على تكريمِكُمُ الغالى لي، ولْيَدُمْ لنا إعلامُكُمُ الحرُّ ومنبَرُكمُ العريقُ، وَلْتَعِشْ جريدةُ «الأهرام» سنينَ بعدُ عديدةً لا حدَّ ولا حصرَ لها، بعددِ رملِ البحرِ قُرَّاؤها، وعددِ نجومِ الفلكِ أقلامُها المدافعةُ عن الحقِّ والخيرِ والحياةِ والسَّلام.

بعدها تم فتح الباب أمام تساؤلات الحاضرين، وكان السؤال الأول عن مدى إمكانية إعادة تقديمها لأغانى والدها حليم الرومى وهو واحد من كبار الموسيقيين والملحنين العرب، خصوصاً أن غالبية أعماله تتضمن الكثير من الشجن والطرب، ومن المهم إظهارها للجيل الجديد؟ وهل يعانى العالم العربى من وضع التلحين والموسيقى؟

وأجابت ماجدة: أكيد نعانى، نحن لسنا بأفضل زمن، لا بالفن ولا بأى شىء، نحن بزمن بلبلة عربية كثيرة، فلا توجد مواهب كثيرة فى تصورى تستطيع أن تكون بمستوى من كانوا موجودين أيام والدي، هؤلاء كانوا  فنانى العصر الذهبى للأغنية العربية، كلهم درسوا بمعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية، كانت أبواب مصر فى ذلك الوقت مفتوحة على كل العطاءات الممكنة، كأنها كانت محترفا للفنون الجميلة كلها.. هذا الجيل درس بشكل حقيقي، فحينما تسمع الموسيقى موزعة بهذه الطريقة، كأنك تسمع شيئا خارقا، درسوا على الأصول، لا نستطيع أن نقول إننا بأفضل زمن فنى.

وعلق ثابت بقوله:كنا قديما نعيش أزمات لكنها كانت سببا فى إبداع كبير، سواء فى الموسيقى أو الغناء أو غيرهما، حتى الكلمات نفسها كانت محركا كبيرا للوطن وللشعوب، وبينما  نعيش اليوم أزمات كثيرة ومؤلمة، لم نجد إبداعا كما كان فى السابق؟

وردت ماجدة: اتفق معك، وقت والدى كانوا يشتغلون لمدة شهرين وثلاثة وأربعة أو خمسة على عمل واحد فقط، يكررونه كثيرا حتى يتقنوه الآن المطرب قد يخرج 15 أو 16 أغنية فى زمن قصير جدا، لكننى مازلت حتى اليوم أؤمن بأن أفضل طريقة أن تكون هناك أغنية واحدة يتم التركيز والعمل عليها، فمطلوب أن تشتغل على الكلمة، وعلى اللحن والتوزيع.

وحول تجربة الغناء لأول مرة فى قصر القبة قالت: تعبنا على هذا العمل، وآمل أن نكون على قدر الشرف الذى أعطى لنا، بأن نقدم لأول مرة عملا فنيا داخل حرم القصر، فالقصر له هيبته، وله تاريخه، نحن فخورون فيه، فخورة بأن اسمى موضع ثقة، ومكانة مصر فى قلبى كبيرة جدا، أحبها لأنها تحب شعبها، أرضها تغنى، ونيلها يغنى، لا أستطيع أن أصف لك حبى لمصر، « الله من سماه يديم عزها ومجدها، ويبعد عنها كل مكروه وكل شرير، وثقتى غير محدودة  بالقيادة، ماسكة الأوضاع بيد من حديد، وأيضا أثق جداً فى جيشها العظيم الذى يحميها من المتآمرين والمتربصين . شرف كبير نلته بالغناء فى قصر القبة، إن شاء الله ما بتكون قصور مصر إلا عامرة ومضيئة»

وردا على استفسار عن سر موافقتها الفورية على زيارة الأهرام بمجرد طلب ذلك منها قالت ماجدة :  طبعا هذا شرف عظيم، كيف أقول لا لـ « الأهرام» ، فجدى كان محررا بالأهرام من 100 سنة، اسمه «يوسف حبيب» جدتى كان اسمها وردة يوسف حبيب.

وردا على حملها قضية لبنان معها أينما ذهبت قالت: هذا هو الطبيعي، وبالأخير لازم يرجع لبنان، حين حدث حصار بحرى على لبنان، مات ثلث شعبه، لكن هذا الشعب دائما يدهشك، ويستمد قوته سريعا،، وفى اليوم التالى يكمل حياته، شعب عنده إرادة تتخطى المصاعب، لسوء الحظ انه مع تكدس المصاعب، اكتسب نوعا من المناعة. كانت أمنيتى أن تكون الأيام القادمة أفضل، لكن لا يمكن أن يكون هناك  نهار مر على لبنان أصعب مما مر علينا بمرفأ بيروت، بيتى على بعد كيلو مترات من الحادث، واهتز البيت من الانفجار، واعتقدنا أنها هزة أرضية، لكن الشعب الذى عاش واستطاع أن يتخطى حرب الـ 14، وكل ظروف حرب الـ 75 قادر على تخطى هذه الأزمة، فلا يوجد بيت واحد لم يكن فيه شهيد، لا توجد منطقة واحدة وتم تدميرها... هذه الأرض فيها شهداء أكثر منا نحن، لكن بالأخير لبنان عمره أزلى نحن سنمضى وهو سيبقى وسيأتى نهار سيعطيه الله الشفاء من كل من خانوه.

 وتوضيحا لرسالتها إلى العالم بشأن الوضع فى لبنان، ومن هو « سيدى الرئيس» الذى توجه له رسالتها عبر أغنيتها قالت:

ماجدة: كثير من الرؤية ضبابية، لكنى سأجيبك: لا خيط واحدا أصبح فى يد اللبنانيين، القرار ليس بيدنا اليوم، هناك حروب، وهناك محاور، ونحن بين هذه المجموعات المتحاربة سواء بحرب باردة أو بحرب ساخنة، أو ملتهبة، لكن عندى ثقة بإرادة الشعب اللبنانى، انه لا يستسلم ولا ييأس، وما يزيدنى إيمانا بهذا الموضوع هو ما رأيته من الصبايا والشباب ثانى يوم الانفجار ينظفون بيروت، هذه صورة عن إرادة اللبنانيين بأن الحياة تستمر وأن لبنان السيد الحر المستقل لابد أن يرجع لنا، أما لمن نوجه الكلام، كلهم مسئولون، كلهم مسئولون، نحن أيضا مسئولون، كل واحد من موقعه مسئول، أنا أيضا مسئولة، سيدى الرئيس أغنيها لنفسى ولكل الباقين.. كلنا مسئولون عن مصير لبنان.

وحول صراحتها فى كل شئ، فى أسلوب الكلام، فى الانفعال، فى طرح القضية والاحساس بها ، قالت: حلم عمرى أنى أروى حكايتى بحرب لبنان، إنسان فى مسافة وسط بين الحياة والموت، أنا الآن مصادفة أجلس أمامك ، نحن بالصدفة نعيش وبالصدفة نموت، مثلنا يعيش كثيرا معلق بالحياة معلق بالوقت.

ورداً على من يطالبون بأن ننسى لبنان ويقرون أنه لن يعود قالت المطربة الكبيرة: لا لن ننسى لبنان أبدا، لبنان ليس جسدا فقط، كل واحد فينا لبنان، لبنان سيد حر، أنا لبنان وهم كلهم لبنان، كل لبنانى شريف يؤمن بحرية وسيادة وحرية لبنان، لبنان بالمنفى اليوم، لكن بالأخير سيقف على قدميه ويكمل الحياة.

ماجدة الرومى

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق