-
زيادة حوافز الإجادة للعاملين و تحسين مكتسباتهم بعد التطوير
-
السكة الحديد ومصر للألومنيوم و كيما أسوان تعتمد على منتجات الشركة
-
الشركة تحقق مكاسب للمرة الأولى منذ 10 سنواتبدء الإنتاج فى خطين لـ «بليت» الحديد والوصول قريبا إلى 500 ألف طن سنويا
-
خطة لإنتاج قطع غيار السيارات والأتوبيسات والشاحنات الكبيرة.. واحتياجات شركات المياه والبترول من المحابس
-
أحدث مسبك فى العالم بخبرة هولندية يوفر منتجات استراتيجية نستوردها بـ 4 مليارات دولار
لا يفل الحديد إلا الحديد.. بهذه العبارة يمكن وصف قصة النجاح فى تطوير إحدى شركات قطاع الاعمال العام التى تعمل فى صناعة الحديد والصلب إحدى الصناعات الثقيلة التى تهتم الدولة بتطويرها بإرادة من حديد تجاوزت هذه الشركة العريقة ذات الـ 75 عاما اعواما صعبة من التراجع والخسارة حتى تبدد الامل فى الدلتا للصلب.. ولكن الإرادة تولدت لدى العاملين فيها قبل سنوات قليلة لتنفض غبار الخسائر وتنطلق بخطوط انتاج جديدة إلى عالم التطور التكنولوجى و الارباح لتعوض ربع مليار جنيه من الخسائر المتراكمة.
خطان هما الأحدث فى المنطقة لإنتاج خام البليت، وآخران يجرى العمل على انشائهما بطموح كبير فى عالم صناعة المسبوكات الحديدية بأحدث تكنولوجيا هولندية فى مسبك جديد يجرى تشييده الآن داخل الشركة لتغلق ميزانية العام الحالى على رقم ارباح لم يحدث منذ 10 سنوات، لتصبح الدلتا للصلب نموذجا يحتذى به فى تطوير الشركات الحكومية الخاسرة وإعادة هيكلتها و تحويلها من الخسارة الى المكسب.
هشام توفيق ،وزير قطاع الاعمال العام اكد ان الدلتا للصلب هى نموذج من الشركات التى استطاعت الوزارة تقديمها بشكل جديد بعد اعادة تطويرها وهيكلتها لتصبح كيانا رابحا، وقال إن واقع هذه الشركة الآن دليل على ان الدولة لا تتأخر عن الاستثمار فى الشركات التى تثبت قدرتها على العمل بشكل جيد واستيعاب خطط اعادة الهيكلة و تحويل الخسائر الى ارباح.
مؤكدا ان الوزارة لا تقدم على ايقاف العمل بأى شركة إلا بعد التأكد من عدم قدرتها على تحقيق التطور والنجاح، والدلتا للصلب نموذج فى قطاع صناعة الحديد يؤكد هذه الفلسفة، وقد مرت الشركة بمحطات مهمة فى رحلة التطوير يرويها قياداتها حيث يقول المحاسب محمودالفقى، العضو المنتدب التنفيذى إن الدلتا للصلب بدأت فى الانتاج عام 1946 وكانت وقتها أول وحدة فى الشرق الاوسط لانتاج حديد التسليح يتم انشاؤها للاستفادة من مخلفات الحرب العالمية الثانية وقد تم تأميمهاعام 66 بعدها تم انشاء وحدة درفلة الحديد قطر 32 مللى ثم كانت آخر مرحلة للتطوير عام 80 باضافة وحدات درفلة لمقاسات اخرى من حديد التسليح الى جانب المسبك الذى تم انشاؤه فى نفس عام تأميم الشركة لانتاج مصنعات الحديد وعاما بعد عام تقادمت التكنولوجيا التى تعمل بها افران الشركة واصبحت قطع الغيار الخاصة بالافران غير متوافرة، وكان لابد من إعداد وتنفيذ خطة استراتيجية للتطوير تحقق عددا من الأهداف: أهمها مواكبة التطور التكنولوجى فى انتاج الحديد ومسبوكاته، وتقديم منتج مصرى للسوق المحلية يكون بديلا عن مثيله المستورد بنفس الجودة إن لم يكن افضل.
ويضيف الفقى: بدأت عملية تطوير الشركة عام 2016 بدراسة نظم التكنولوجيا التى يجب ان يقوم عليها التطوير لتحقق افضل انتاجية وتضع منتجات الشركة فى وضع تنافسى مميز، وتم تشكيل عدة لجان انتهت الى اختيار تكنولوجيا انتاج الحديد بالحث الكهربائى، وتم طرح مناقصة عالمية لتوريد فرنين يعملان بنظام الحث الكهربائى بطاقة انتاجية 250 ألف طن سنويا للخط بالكامل، شاركت فيها 17 جهة عالمية بتكلفة استثمارية قدرها 9٫6 مليون دولار، وقد تم اختيار الشركة الصينية التى نفذت العملية بعد دراسة جميع العروض وانتهت خلال اقل من عام من احلال الافران القديمة و تركيب الافران الجديدة التى اصبحت جاهزة فى بداية عام 2020.
وقبل بدء التشغيل التجريبى اصابت حائجة كورونا العالم لتؤجل التشغيل الى شهر سبتمبرالماضى، وقد انتهت هذه المرحلة بسلام، وفى منتصف ديسمبر من العام الماضى تم التشغيل الفعلى بطاقة انتاجية صغيرة تصل الى 12 الف طن تتزايد حتى تصل قريبا الى الطاقة القصوى للفرن الواحد وتبلغ 125 ألف طن سنويا.
وعن وضع الشركة قبل التطوير يقول الفقى: منذ عام 2012 لم تحقق أى ارباح حيث بلغت الخسارة فى ميزانية 2019 [79 مليون جنيه] انخفضت قليلا فى عام 2020 الى 45 مليون جنيه، ومن المتوقع ان تعود الشركة الى الربحية فى الميزانية القادمة فى 30 يونيو القادم بقيمة متوقعة 45 مليون جنيه بينما ستبلغ الارباح فى حالة التشغيل القصوى للافران الجديدة من 200 الى 250 مليون جنيه سنويا، واشار المهندس الفقى إلى أن الوصول للطاقة القصوى للانتاج لايتم قبل 3سنوات حسب تكنولوجيا هذه الصناعة، ولكن الشركة لديها العزم على تقليل هذا الزمن، مشيرا الى ان الخطوات التنفيذية لإنشاء فرنين آخرين لانتاج الحديد البليت تتم مع نفس الشركة وبنفس التكلفة لتصبح فى المستقبل قدرة الشركة هى 500 ألف طن من خام البليت. ويضيف ان صناعة الحديد والصلب دائمة التطور مما يجعلنا دائمى البحث والمعرفة عن آخر ما توصل إليه العالم فى هذه الصناعة ويمكن ان نقدمه للسوق المصرية، وهو ما ينطبق على اهدافنا الآن فى تطوير قطاع المسابك بالشركة.
ويوضح الفقى ان قطاع المسابك فى الشركة وحدة انتاجية مهمة الى جانب افران انتاج الحديد التى تم انشاؤها منذ عام 66 ومازالت حتى الان تعمل بشكل يدوي، مما تطلب وضع خطة لتطويرها تأسست على دراسة المنتجات التى تستوردها مصر ويمكن انتاجها فى هذا القطاع، وقد بلغت قيمة تلك المنتجات فى الدراسة 4 مليارات دولار تقريبا يمكن توفيرها بدلا من الاستيراد، وقد تم عمل مناقصة عالمية لتطوير المسبك الجديد شاركت فيها عدة شركات عالمية وفازت بها شركة جيميكو الهولندية، وهى احدى الشركات المتخصصة فى العالم فى انشاء المسابك، حيث اسست اكثر من 1000 مسبك متطور فى بلدان عديدة ولذلك يطلق عليها «ام المسابك» ويرأسها لاعب الكرة الهولندى السابق الشهير ماركو فان باستن.
والآن يتم انشاء أحدث مسبك فى الشرق الاوسط سيحقق طفرة اقتصادية مهمة بقدرته الانتاجية 10000 طن سنويا فى دورة العمل الواحدة، وهى 8 ساعات اى ان القدرة القصوى لانتاج المسبك الجديد تصل الى 30 الف طن سنويا منتجات فى حال تشغيله بكامل طاقته، أى ثلث الكمية من منتجات الحديد الصلب و ثلثى الكمية من منتجات الحديد الزهر وقد بدأت عملية انشاء المسبك الجديد فى شهر فبراير الماضى وتستغرق 18 شهرا بتكلفة استثمارية 20 مليون يورو بعدها سيحقق انتاجه طفرة تكنولوجية واقتصادية وردود أفعال غير عادية.
ويشير الفقى الى ان المسبك يعمل الآن بشكل يدوى وينتج حوالى 2000 طن مسبوكات سنويا يغطى صناعات استراتيجية، حيث يمد المسبك قطاع السكك الحديد ية بالفرامل الخاصة بالقطارات ويمد شركة سيماف بقطع غيار اخرى تستخدم فى صناعة القطارات ويغذى شركة مصر للالومنيوم بشوكات الانود التى تستخدم فى انتاج الالومنيوم وكذلك يمد شركات السبائك الحديدية وكيما اسوان للاسمدة وشركة الكوك المصرية ببعض احتياجاتها من المسبوكات وقطع الغيار، مؤكدا ان من اهم ما اسفرت عنه دراسة احتياجات السوق من المسبوكات هو أن مصر تستورد طنابير شاحنات النقل الكبيرة والاتوبيسات وهو ما يمكن ان تنتجه الشركة.
ويؤكد الدكتور رجائى رشاد، رئيس مجلس الادارة غير التنفيذى للشركة أهمية الدراسة التى اعدت لتطوير المسبك والتى تمت تحت اشراف كلية الهندسة جامعة القاهرة والتى اخذت فى الاعتبار الطموح الكبير فى توفير منتجات اكثر دقة من انتاج المسبك الجديد الذى يتم انشاؤه الآن فنحن نطمح الى الدخول فى مجال انتاج المحابس التى تحتاجها شركات المياه والبترول، والمشاركة فى انتاج مكونات السيارات خاصة الكهربائية تلك الصناعة التى تخطو فيها مصر خطوات واسعة بعد ان نحصل من تلك الشركات على رخصة لإنتاج اجزاء من تلك السيارات، مؤكدا ان ارباح المسابك مرتفعة نظرا للدقة الهندسية التى تتميز بها منتجاتها.
ويوضح المحاسب محمود الفقى ان دراسة السوق هى التى دفعت الشركة لوقف انتاج حديد التسليح و التركيز فى انتاج الحديد البليت وهو الخامة الوسيطة بين الحديد الخام وحديد التسليح تأخذها شركات الدرفلة وتصنع منها حديد التسليح، حيث اكدت الدراسات التى استعنا فيها بأرقام مهمة من جهاز التعبئة العامة والاحصاء وجود نقص فى خام البليت فى مصر وان شركات الدرفلة تستورده من الخارج، لذلك فان استثماراتنا فى انتاج هذا الخام لها جدوى اقتصادية افضل كثيرا من انتاج حديد التسليح الذى يوجد فى السوق المصرية 32 وحدة انتاجية له قدراتها تغطى ضعف احتياجات مصر التى تبلغ 8 ملايين طن سنويا .
حيث ادت شدة المنافسة وفائض طاقة انتاج حديد التسليح الى خفض انتاج بعص تلك الوحدات واغلاق البعض الآخر تماما.
وأشار الفقى الى ان الشركة حصلت على شهادة الايزو العالمية وهو دافع كبير للحفاظ على مستوى الانتاج الى جانب شهادات أخرى من منتجى حديدالتسليح بجودة خام البليت الذى نقدمه لهم، وقال إنه لانية الآن للتفكير فى التصدير فلاتزال السوق المصرية تعانى فجوة فى امدادات خام البليت وهو ما يجعل توسعاتنا المستقبلية ذات جدوى خاصة ان الدولة تشجع انتاج البليت فى مصر للحد من الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، مضيفا ان التوسعات الجديدة سوف توفر فرص عمل تضاف الى طاقة العمل بالشركة والتى تبلغ الآن 750 عاملا وفنيا ومهندسا، مؤكدا الاستعانة بخبرات فى قياس الجودة وهى ميزة مهمة فى فريق عمل الشركة .
واشار الى ان العاملين تحسنت دخولهم المالية قليلا فى الشهور الماضية بعد البدء فى إنتاج الخطوط الجديدة، حيت تم صرف حوافز اجادة بقيمة شهرين وتمثل هذه الحوافز 25% من دخل العاملين فى الشركة وهى قابلة للزيادة هذا بالإضافة الى الحوافز العينية الاخرى وهى حصة تموينية بقيمة 400 جنيه شهريا الى جانب تكفل الشركة بجميع مصاريف العلاج فى المستشفيات و الجهات العلاجية الأخرى وما نقدمه من اوجه رعاية اخري، مؤكدا ان المستقبل يحمل المزيد من الحوافز والامتيازات للعاملين.
وحول جهود الشركة فى مكافحة التلوث الصناعى بالمرحلة الأولى يقول: تم رفع كفاءة وحدتى سحب الانبعاثات الأولية بتشغيل خطى سحب الغازات طاقة كل خط 114 ألف م3/س، كما تم تشغيل منظومة إعادة تدوير مياه الصرف الصناعى وذلك للتخلص من الزيوت والعوالق بإجمالى تكلفة 2٫5 مليون جنيه.
ويؤكد الفقى ان من اهم التحديات التى تواجه الشركة الآن ارتفاع اسعار الطاقة، وهى مشكلة تواجه كل الشركات التى تعمل فى مجال الصناعات الثقيلة وتؤثر على قدرتها فى المنافسة ومرونة تحديد اسعار منتجاتها، مشيرا الى ان الشركة تتطلع الى ان تكون هناك أسعار اكثر ملائمة لاستخداماتها حتى تتمكن من المضى سريعا فى تحقيق اهدافها لكون الطاقة رقما مهما وكبيرا فى ميزانية الشركة السنوية.
يقول د. ممدوح عيسى استاذ الصلب والسبائك الحديدية بمركز بحوث وتطوير الفلزات، إن المنافسة الشديدة فى سوق صناعة الحديد والصلب هى التى فرضت ضرورة تطوير طريقة إنتاج الخام فى شركة الدلتا للصلب التى لم يتم تطوير تكنولوجيا الإنتاج فيها من عشرات السنين لتصبح الشركة الآن أول شركة مصرية تستخدم تكنولوجيا الحث الكهربائى فى إنتاج الحديد، وأصبحت بذلك صاحبة الريادة فى السوق. وأشار إلى أهمية هذه التكنولوجيا فى سرعة صهر الحديد وخفض استهلاك الكهرباء وانخفاض الانبعاثات الملوثة للبيئة.
ويضيف خبير صناعة الصلب أن الشركة تخلصت بعد تطويرها من أعباء وخسائر كثيرة نتيجة التكاليف الباهظة التى كانت تتطلبها عملية إنتاج الحديد بتكنولوجيا القوس الكهربى القديمة والتى من أهمها استخدام ألواح الجرافيت التى شهدت ارتفاعا باهظا فى سعرها وصل فى بعض الاحيان إلى 200 آلف دولار للطن مما كان يتسبب فى ارتفاع سعر المنتجات وخروجها من دائرة المنافسه.
رابط دائم: