مرت علي مصر أحداث جسام وتعاقبت سنوات بعد سنوات وبقي الحلم الكبير في استئناف المهمة الكبرى لغزو الصحراء وزيادة الرقعة الزراعية التي مازالت دون المستوي المطلوب لشعب تجاوز تعداد سكانه حاجز المليون نسمة إلي أن فاجأ الرئيس السيسي الرأي العام بالإعلان عن المشروع القومي لاستصلاح واستزراع مليون ونصف المليون فدان خلال عامين تحت عنوان «إنشاء دلتا جديدة» في الصحراء الغربية جنوب العلمين والضبعة بمساحة مليون فدان والاتجاه لعرضها علي المستثمرين بالتوازي مع المخطط الشامل لاستصلاح واستزراع نصف مليون فدان في سيناء و600 ألف فدان في توشكي.
ولست أبالغ إذا قلت إن هذا هو أضخم مشروع قومي في مجال الزراعة تضطلع الدولة المصرية بمسئوليتها عنه منذ الشروع في إنشاء مديرية التحرير قبل 60 عاما والتي يحسب لها أنها وبرغم أخطاء وعثرات صادفت مديرية التحرير فإنها فتحت الباب لأوسع وأضخم عملية استزراع واستصلاح الصحراء المصرية في القرن العشرين.
ولعل ما شرحه الرئيس السيسي قبل أيام عن «الدلتا الجديدة» هو أفضل تأكيد علي الاستفادة من دروس الماضي وعدم الشروع في الإعلان عن بدء أي مشروع قومي بهذا الحجم الهائل قبل الانتهاء من تجهيز البنية الأساسية اللازمة لضمان عدم تعثر المشروع في أي مرحلة وبالذات الاطمئنان إلي توفير مصادر المياه الكافية وتجهيز آليات الري الحديث وشبكات الصرف الزراعي المتطورة وهي أعباء ضخمة تتكلف عشرات المليارات من الجنيهات التي هي فوق طاقة وقدرة أي جهد فردي.
وليس مشروع الدلتا الجديدة سوي امتداد لثنائية الإنتاج والخدمات التي وضع الرئيس السيسي أسسها كخط استراتيجي للسياسة الداخلية التي أنجزت الحزمة الهائلة من محطات الكهرباء والشبكة القومية للطرق والجسور والمشروع المزدوج لتبطين وتطهير المصارف الزراعية جنبا إلي جنب مع بناء وتجهيز آلاف المدارس والمراكز الاجتماعية والمستشفيات التي حولت ساحة الوطن طوال السنوات الماضية إلي خلية عمل دائم ومستمر ليل نهار وكان لها الفضل في إنجاز مدينة الدواء التي افتتحها الرئيس السيسي أمس الأول «الخميس».
وأستطيع أن أقول بضمير خالص وبتجرد تام إن موضوع الرؤية في ذهن صانع القرار جعلت من تلك التجربة الفريدة لثنائية الإنتاج والخدمات نموذجا يحتذي به في إزاحة عوامل الخوف والتردد من نفوس العقول والسواعد المتحملة لمسئولية هذه المشروعات العملاقة التي تبعث برسالة متجددة للعالم تقول فيها: إن المصريين لم ينفد رصيدهم من القدرة علي مواصلة صناعة التاريخ التي كانوا هم روادها الأوائل منذ زمن الفراعنة.
خير الكلام:
<< الحكم الرشيد هو فن الحصول علي أقصى نتائج بأقل جهد وأقصر وقت!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: