أتحفظ على مقولة (الخطأ الشائع خير من الصواب المهجور) بمعنى أن الخطأ الذى درج على ارتكابه كثيرون - سواء كان يرتبط بأخطاء لغوية أو عادات أو تقاليد أو .. إلخ - أفضل من الصحيح الذى يدركه قليلون، ولكنهم لا يفعلونه خشية أن تتهمهم الكثرة الغالبة بالجهل أو أن يخفقوا - أى الغالبية - فى استيعاب ما يقولونه - أى الأقلية - على النحو المرجو، وسر تحفظى يعزى إلى أن تلك المقولة ترسخ مفاهيم مغلوطة تتنافى مع المعنى المراد أو الفعل المأمول فضلا عن أنها تدعو إلى عدم إعمال العقل وتجنب تجشم عناء البحث للتوصل إلى الصواب وتدارك الأخطاء.
وأشير إلى أن غالبية تلك الأخطاء الشائعة تتمثل فى الأخطاء اللغوية التى تجافى قواعد اللغة العربية الجميلة، وقد استمرأ بعض الشعراء البارزين الخروج على مبادئ النحو ليس عن جهل أو عدم إلمام جيد، وإنما خشية عدم استيعاب الكثرة الغالبة المعنى المقصود أو أن يختلط عليهم أمر الأبيات ويحضرنى منهم أمير الشعراء أحمد شوقى إذ قال : أنا من بدل بالكتب الصحابا
لم أجد وفيا إلا الكتابا.
وكان يجب أن يقول: «أنا من بدل الكتاب بالصحابا».. وقول ابن الطفيل عند دخوله الإسلام (وبدل الله طالعى نحسى بسعدى)، وقد كان لزاما أن يقول (سعدى بنحسى)، وذلك إعمالا للقاعدة القائلة (إن حرف الباء يدخل على المتروك) فيما يخص الفعل (بدل) – بتشديد الدال – ومشتقاته فقط، ومن ذلك قول الله تعالى (ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل) – سورة البقرة الآية 108 وقوله تعالى (قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير) البقرة الآية61.. وخلاصة القول: إن الفحص والدرس والبحث والتقصى لاستجلاء وجه الحقيقة وكشف النقاب عن الصواب – فى كل أمور حياتنا – توجه حتمى لإعلاء شأن الفرد والمجتمع.
مهندس ــ هانى أحمد صيام
رابط دائم: