بعد التفريط فى تمثال الفرنسى ديليسبس الذى غادر إلى الإسماعيلية مؤخرا بعد انقسام الآراء فى بورسعيد بشأن إعادة تنصيبه على قاعدته الخالية بالمدخل الشمالى لقناة السويس، تواصل بورسعيد المعاناة مع التفريط فى قطع تراثها النادر ومعالمها التاريخية التى توجتها عروسا من عرائس البحر المتوسط والقناة لعقود طويلة فائتة، ووضعتها بنهايات القرن التاسع عشر وبعد 40 عاما فقط من تشييدها فى مصاف المدن الأجمل على مستوى العالم .
يوما بعد يوم تخفت أصوات حماة الآثار البورسعيدية الأصيلة وتتلاشى صرخات المطالبين بالحفاظ على الطراز المعمارى للمدينة الأصيلة ممن اكتفوا بنشر صور بدايات المدينة الرائعة على صفحات «السوشيال ميديا» والمواقع التاريخية لبورسعيد على الشبكة العنكبوتية.
وفى المقابل، تنهال معاول الهدم على العقارات الأثرية والمبانى التاريخية للمدينة، خاصة الواقعة فى منطقة الأفرنج (حى الشرق حاليا)، والتى شهدت البداية الأولى للمجتمع الجديد لبورسعيد والتى ظهرت للنور مع دق أول معول لحفر قناة السويس.
تجتاح الحسرة والحزن حاليا نفوس حماة التراث ببورسعيد ممن ناشدوا قيادات المحافظة ووزارتى الآثار والثقافة التدخل لإنقاذ منشآت المجمع الفرنسى العريق (المطل على مرسى معديات بورفؤاد والمجرى الملاحى للقناة و4 محاور مرورية رئيسية هى ممفيس والنهضة والجمهورية وامتداد الثلاثينى)، من الانهيار بعدما تدهورت حالته من جميع الوجوه وأصبح آيلا للسقوط فى أى لحظة.
ويعرب الفنان وليد منتصر، مصور، عن حزنه لحال المبنى بالكامل خاصة حالة الأوتيل الرئيسى «ناسيونال» المغلق منذ4 عقود، مشيرا لتجربته المثيرة فى دخول الأوتيل وتصوير قطاعاته المختلفة والتى باتت على وشك الانهيار بفعل الإغلاق والعوامل الجوية وانعدام الاهتمام بها.
ويضيف أن الأوتيل المذكور تحديدا كان قبلة الكثير من مشاهير أوروبا وأمريكا ممن زاروا بورسعيد منذ افتتاح القناة عام 1869 واستمتعوا بجماله وإطلالته الرائعة على القناة، ومبنى هيئة قناة السويس بالجهة المقابلة، وذلك قبل أن يغلق أبوابه تماما منتصف ثمانينيات القرن الـ 20 تقريبا.
ويستطرد منتصر، أن هناك دراسة فرنسية جرى الكشف عنها منذ سنوات قليلة لإعادة تأهيل المبنى بالكامل وتطويره بشكل يمكن الاعتماد عليه سياحيا وترفيهيا وتجاريا، فالمبنى كان نموذجا للمجمعات الخدمية والتجارية والترفيهية المتكاملة «المولات» التى لم تعرفها مصر إلا مؤخرا، فالمجمع المقصود بالتطوير كان يضم الأوتيل الرئيسى، فى نهاية ممفيس جنوبا، والمحلات التجارية والترفيهية والفنادق ومكاتب الصرافة المطلة على واجهتى النهضة وصلاح سالم، ومازالت الأغلبية العظمى من تلك المحلات موجودة وتباشر نفس الأنشطة وهى تحتفظ بفضل أصحابها بجمالها وبريقها حتى الآن، وينبغى مساعدتهم على الاحتفاظ بالصورة الجميلة لمحلاتهم التى تعد مزارا سياحيا مهما للغاية، وتخليص المكان من آثار تحويل بعض المحلات لنشاطها الأساسي, وأردف أن، الأوتيل الرئيسى للمجمع كان مكانا لتصوير العديد من الأفلام المصرية والأجنبية المشهورة، حيث استقبل نجوم السينما سعاد حسنى وعادل إمام وسعيد صالح وفاروق الفيشاوى فى أثناء تصوير فيلم «المشبوه» عام1981، وذلك قبل سنوات قليلة من إغلاقه.
فى المقابل، نفت قيادات محافظ بورسعيد، كل ما تردد بشأن تلقى أى مشروعات تطوير فرنسية تتعلق بالمبنى، مشيرة إلى التزام المحافظة بالحفاظ على المبانى التاريخية المدرجة على قائمة التراث تنفيذا للقانون.
وأشارت إلى مجهودات المحافظة للحفاظ على الهوية التراثية لعقارات بورسعيد القديمة، والتصدى بحزم للعديد من محاولات هدم بعض العقارات المدرجة كآثار فى نطاق حى الأفرنج «الشرق»، أقدم أحياء بورسعيد.
رابط دائم: